كان العرب والفلسطينيون يأملون على أثر الاتفاق الذي تم بين الفلسطينيين وإسرائيل في العاصمة السويدية أسلو سنة 1993م على الدخول في مفاوضات للسلام أن يحل السلام وتقام الدولة الفلسطينية بعد هذا الاتفاق بأشهر وليس بعدة سنوات.
لقد مرت الآن سنوات طويلة بعد هذا الاتفاق ولم تقم الدولة الفلسطينية ولم يحل السلام في المنطقة والمرجو ألا تكون كالسنوات العجاف التي مرت بعد احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة سنة 1967م حيث لم تنسحب منها إسرائيل على الفور من تلقاء نفسها باعتبار أنها أراضٍ للغير ولم تنسحب منها بعد صدور قرارات مجلس الأمن الدولي التي صدرت بعد انتهاء حرب 1967م بأشهر قليلة، فلقد مر الآن ما يزيد عن (15) عاماً بعد اتفاق أسلو ولم يتم التوصل إلى إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية أما السبب في ذلك فإنه تارة يعود لإسرائيل وهو ما حصل عندما تم اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين من بعض المتشددين اليهود الذين يعارضون نهج رابين في الوصول إلى سلام مع الفلسطينيين، فقد كان رابين متفاعلاً مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في سبيل حل النزاع المزمن، فقد تم اتفاق أسلو في عهده وقام بالبدء بتنفيذ الاتفاق عبر انسحاب إسرائيل من عدد من المدن الفلسطينية ومنها رام الله ونابلس وأريحا وغزة وكاد أن يأمر بالانسحاب من مدينة الخليل إلا أن اغتياله حال دون ذلك وتارة يعود سبب تأخير عملية السلام للفلسطينيين، ويتمثل ذلك بداية في العمليات الميدانية غير الجدية التي يقوم بها بعض الفلسطينيين داخل إسرائيل وتؤدي إلى قتل العديد منهم، فمثل هذه العمليات التي لا يذهب ضحيتها في الغالب إلا المدنيين تؤدي بإسرائيل إلى الخوف من إبرام السلام مع الفلسطينيين وتفرض لديها عدم الثقة فيهم، كما أن فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة وقيامها بتشكيل الحكومة الفلسطينية وتولي رئاستها أدى إلى حصول مناوشات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وهو الأمر الذي أدى إلى التأثير السلبي على عملية السلام باعتبار أن حماس لا تؤيد اتفاق أولسو الذي تم بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، كما أنها لا تؤيد حصر الدولة الفلسطينية في الأراضي المحتلة سنة 1967م، ثم إن مما سيؤثر على عملية السلام الخلل الذي أصاب وحدة الفلسطينيين على أثر إقالة حكومة حماس عندما انفردت حماس بحكم غزة وقيامها بين حين وآخر بتوجيه صواريخ القسام تجاه إسرائيل التي أصبحت الآن أمام قيادتين فلسطينيتين، قيادة محمود عباس التي تصفها إسرائيل والموالين لها بالاعتدال، وقيادة حماس الموصوفة من قبل إسرائيل بالتطرف، وهو أمر من دون شك ليس في صالح الفلسطينيين مما يتطلب من حماس النظر للأمر بواقعية وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الذاتية.
ولذا فإن المنطق يتطلب من حماس العمل على لمِّ الوحدة الوطنية الفلسطينية والتفاعل الإيجابي مع الرئاسة الفلسطينية خاصة وأنه يوجد لهذه الرئاسة ممثلة في الرئيس أبو مازن علاقات ثقة وتفاهم مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي وأن الجانب الأمريكي يعمل حالياً على الوصول لحل للقضية وإقامة الدولة الفلسطينية في العام الحالي 2008م والسؤال الذي يطرح نفسه كيف سيتم هذا الحل للقضية وإقامة الدولة الفلسطينية والفلسطينيون ليسوا على وفاق بل إنهم الآن وكأنهم بسلطتين وليس بسلطة مركزية واحدة ومع من سيتعامل الجانب الإسرائيلي والأمريكي في النهاية وهل ستقام الدولة الفلسطينية على الضفة الغربية فقط أم تشمل حماس، وما موقف حماس من ذلك وهل ستعترف حماس بإسرائيل بعد إقامة الدولة الفلسطينية وتلقي السلاح؟
كل هذه التساؤلات والشكوك سوف تزول عندما يعمل الفلسطينيون يداً واحدة ويكونوا بسلطة واحدة وهو أمر يقع حالياً على عاتق حركة حماس، فهل تستجيب حماس وتضحي لداعي المصلحة العامة الفلسطينية، المؤمل فيها أنها في النهاية ستفعل ذلك إن شاء الله.
فالفلسطينيون مطالبون بتوحيد مواقفهم في قضيتين رئيسيتين وهما:
- نطاق الدولة الفلسطينية.
- العلاقة مع إسرائيل.
ونعتقد أن موقف السلطة الفلسطينية الذي يرى أن نطاق الدولة الفلسطينية المطالب بإقامته هي الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م وأن التعايش مع إسرائيل مرهون بتحقيق ذلك هو الموقف العقلاني الذي يتمشى مع الواقع ومع ما يراه المجتمع الدولي ومع مبادرة السلام التي طرحت من قبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وتبناها العرب قاطبة لتكون مبادرة عربية.
asunaidi@mcs.gov.sa