«الجزيرة» - حازم الشرقاوي
يترقّب القطاع العقاري والمتعاملون فيه صدور نظام الرهن، لإزالة الجدل الدائر حول عمليات التمويل التي تتم حالياً من قِبل بعض الشركات والمؤسسات المالية في المملكة، لأنه بحسب المتابعين يساهم في اكتمال المعادلة التي تضمن حقوق الطرفين، وهما العقاري والمؤسسات التمويلية.
دراسة النظام
ويقوم مجلس الوزراء ببحث إقرار منظومة التمويل العقاري التي أعلنتها وزارة المالية، والتي تعكف هيئة الخبراء بمجلس الوزراء على دراستها مع عدد من الوزارات ذات العلاقة بقطاع الإسكان والتمويل، وكان فريق متخصص من وزارة المالية قد قام بدراسة تجارب ومنظومات التمويل العقاري في عدد من الدول التي تم اختيارها، على أساس وضوح أنظمتها ورياديّتها في أنظمة التمويل الإسكاني كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنمسا أو التقارب الاجتماعي كمصر والأردن وماليزيا وباكستان.
وتأتي أهمية صدور هذا النظام في ظل ما كشف عنه العقاري السعودي حمد السعيدان رئيس مجلس إدارة شركة موطن العقارية، حول حاجة القطاع العقاري في السعودية الى290مليار دولار (1.1 تريليون ريال) في العشرين سنة القادمة.
حل العقبات
هذا ويسهم تطبيق نظام الرهن العقاري في المملكة، في حل الكثير من العقبات التي تعترض نمو السوق العقارية، وذلك من خلال تسهيل عمليات التمويل والحد من ارتفاع أسعار العقارات وتوافر المساكن بشكل كبير مما يؤدي إلى خفض نسبة التضخم التي سجلت ارتفاعاً كبيراً في المملكة خلال العام الماضي.
وفي حالة إقرار النظام سيؤدي إلى انطلاق شركات وصناديق تمويل عقارية، سواء كانت لمستثمرين أو بنوك سعودية، مما يسهم في فتح قنوات عدّة للتمويل، مما ينعكس إيجابياً على حركة السوق عموماً، وإتاحة الفرصة لذوي الدخول المحدودة والمتوسطة لتملك مساكنهم، كما أنّ هناك توجُّهاً لدى عدد من الشركات العقارية في السعودية إلى تحويل نشاطها من تطوير العقارات في الأراضي إلى تطوير المساكن، خاصة بعد إعلان الحكومة عن تشريع جديد في قطاع العقارات والمتعلقة بالقطاع الإسكاني، بالإضافة إلى سعي أغلب الجهات الحكومية إلى تغطية الطلب الإسكاني في شريحة محدّدة.
الجهات التمويلية
ودعا السعيدان بفعالية أكثر لجهات التمويل العقاري، حيث تنحصر الجهات التي تقوم بمنح التمويل في البنوك وهي أشهرها، حيث تقوم ثمانية بنوك بتقديم برامج للتمويل العقاري تقدّر بنحو 3 % من إجمالي التمويل، وهى نسبة صغيرة مما يوضح محدودية مساهمة البنوك في التمويل العقاري .. إنّ البنوك تضع مجموعة من الشروط لحصول العملاء على التمويل والعقاري ومنها، دخل شهري يراوح بين ثلاثة آلاف ريال وستة آلاف ريال، والحد الأقصى للتمويل بمتوسط مليوني ريال، ومتوسط المدة بين خمس سنوات و25 عاماً، يعتمد في معظمها على تحويل الراتب. ولا تستطيع البنوك رفع نسبة التمويل العقاري بشكل مطلق لتلبية احتياجات السوق، ولكن هناك محدّدات بهدف المحافظة على تنويع مخاطر محفظة البنوك الاستثمارية ومتطلّبات مؤسسة النقد العربي للمحافظة على أصول البنك، وهذا يجعل مساهمة البنوك مقيدة للاعتبارات السابقة ، كما أنه توجد شركات التمويل العقاري، ولكن لم يصل دورها إلى المرجو منها، ومنذ صدور لائحة صناديق الاستثمار العقارية لم يصدر إلاّ صندوق عقاري واحد، في حين أن إصدار الصناديق العقارية كان متاحاً في السابق إلا أنّ إصدار الصناديق العقارية كان محدوداَ للغاية نحو ثلاثة صناديق مغلقة تقدّر رؤوس أموالها بنحو 1.5 مليار ريال، ويرجع عدم اهتمام البنوك بإنشاء صناديق عقارية إلى صعوبة التنفيذ بالمقارنة بالصناديق الأخرى مثل الأسهم، بالإضافة إلى صندوق التنمية العقارية وهو المصدر الحكومي لمنح التمويل بشكل مدعوم وميسر، وقد تم إنشاؤه في 1394 هـ برأسمال 250 مليون ريال، بهدف توفير المساكن عن طريق القروض الخاصة، وهى قروض طويلة الأجل تقدم للمواطنين لتمويل بناء المساكن ويتم سدادها على مدار 25 سنة.
الواقع العقاري
إنّ ضخامة السوق العقاري السعودي الذي يقدّر حجمه بـ 1.2 تريليون ريال والذي حقق نمواً في رأس المال الثابت تجاوز 40% بين عامي 2000 و2005، وارتفعت مساهمة قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي بالمملكة من 41.7 مليار ريال (11.12 مليار دولار) في عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال (14.53 مليار دولار) العام الماضي. ويتم تداول ما يقرب من 200 مليار ريال سنوياً في السوق العقارية، إضافة إلى التطور الذي شهده القطاع خلال الأعوام الخمسة الماضية. ويرى خبراء أن قيام مشروعات عقارية عملاقة خلال السنوات العشر القادمة في السوق السعودي، سيحدث أكبر طفرة في هذه السوق وينعشها بشكل محفز للمزيد من الاستثمارات للدخول فيها.
ومع النهضة العقارية التي ستشهدها المملكة تحتاج إلى 2.9 مليون وحدة إسكان خلال الـ 20 سنة المقبلة ، فيما يقدّر من يملكون منازل بـ 40 في المائة (ستة ملايين)، فيما بقي 60 % من المواطنين مستأجرين أو ساكنين مع آبائهم (ثمانية ملايين) مقارنة بعدد المواطنين الإجمالي والمقدر بـ 14 مليون نسمة، بينما قدرت أعداد المساكن التي يجب إعادة بنائها في الفترة نفسها بنحو 1.1 مليون وحدة سكنية.
هذا وتعتبر المملكة من أكبر الدول في العالم من حيث النمو السكاني وأكبر عدد سكان بين دول مجلس التعاون، إذ إنّ 17% من إجمالي عدد السكان هم من الذكور غير السعوديين و8% من الإناث غير السعوديات. ويتركز أكبر عدد من السكان في الرياض (23%) ومكة المكرمة (24%) والمنطقة الشرقية (14%) بما يعادل (63%) من إجمالي عدد السكان. ويرجع انتشار التخطيط الإسكاني إلى ظهور الأزمات الإسكانية في مختلف أرجاء العالم وخاصة نقص الوحدات السكنية التي لا تتوفر للسكان والمحاولة لإيجاد البرامج والبدائل لزيادة المخزون وتحسين الأوضاع السكنية، وخاصة لذوي الدخل المحدود والمنخفض، وكذلك إلى الحد من الارتفاعات الخيالية للتكاليف الإسكانية. وبحسب الخبراء فإنّ التمويل العقاري يجنِّب الدول من الوقوع في الآثار الاقتصادية السلبية التي تتمثل في تغليب مصلحة أحد الأطراف على الآخر، والتي يترتب عليها ظهور الإسكان غير المنظم (العشوائيات)، ومن أبرز سمات الخلل العقاري على مستوى معظم دول العالم، عدم وجود قدرات مالية مناسبة للتمويل العقاري، الأمر الذي يترتب عليه عدم مرونة سوق العقارات من الناحية الاقتصادية، فتجد كمية فائض العرض للمناطق الفاخرة مرتفعة جداً، بينما ترتفع كمية الطلب على الإسكان المتوسط والشعبي بنسب عالية، لا يمكن للعرض المقدم أن يعمل على توفير هذه النوعية من المساكن.