مسرحية (شاعر المليون) وإن شئت قل: (مسلسل شاعر المليون)، انتهت فيما سموها بنسختها الثانية، ولم تهدأ بعد الزوبعة التي تصاحب مثل هذه البرامج المهيجة والمثيرة لمن يمشي خلفها ويقيم لها اعتباراً!
هذا البرنامج من وجهة نظري مثير وخطير.. مثير كونه (من حيث الظاهر فقط) سباق بين شعراء، يتنافسون في الشعر جزالة وقوة وتصويراً.. الخ. ولكنه خطير من حيث إنه لا يخلو من عنصرية قبلية وهذا لا جدال حوله.
وخطير من حيث إنه استنزاف للمال بغير حق، وصرف للمال في سبيل الشيطان، وهل الدعوة للعنصرية إلا سبيل من سبل الشيطان؟ فقد خرج من أولى حلقاته عن دعوته (الظاهرية) وانكشفت حقيقته بعد أن طالت حلقاته لدرجة أن الملل والضجر تعدى الجمهور والمشاهدين ووصل إلى المتسابقين أنفسهم، بل وبعض المقدمين!
إن هذا البرنامج وما شابهه يهدم ولا يبني، يؤخر ولا يقدم يسيء ولا يحسن.
لا عجب ولا خلاف حول كل ما سبق، إنما العجب والغرابة وعلامات الاستفهام التي لا حصر لها تنبع من الضجة التي أثارها الكثير حول نهاية البرنامج، بل ووصل الأمر إلى استخدام وتوظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في نقد البرنامج والقائمين عليه، وكأن هؤلاء الناقدين (الناقمين) عليه لم يعلموا مسبقاً بآليته أو نظامه! وكأن هؤلاء الساخطين عليه وعلى (الرابحين) من ورائه، لم يعلموا أو يسمعوا عن حُرمة التصويت له برسائل باهظة التكاليف!!
الحقيقة إنها سكرة هوى، وعاطفة غير موجهة بشكل صحيح وصائب، وعندما حصل ما حصل، ولم تجر الأمور كما يريد هؤلاء الغاضبون، وفاز من فاز، وخسر من خسر، صحت (الأمة) من غفوتها، وبدأ أبناء هذا البلد العظيم، العظيم بمقدساته والعظيم بحكامه، والعظيم بعلمائه وشيوخه الأفذاذ..
الوطن الذي يحوي شعراء قمم في عالم الشعر، لا يشق لهم غبار، شهد ويشهد لهم (العارفون) بالشعر أنهم لا يحتاجون إلى (شاعر مليون) أو بليون ليشهد لهم على تربعهم على قمة الشعر الشعبي في الجزيرة العربية برمتها، بل وفي العالم العربي أجمع.
كيف فات على مَن اشترك في هذا البرنامج سواء من الشعراء أو المصوتين عور وخلل عظيم في طريقة هذه المسابقة أو نظامها ألا وهو احتساب نسبة عالية للتصويت عن طريق رسائل SMS، وأنت وقدرتك المادية وقبلها (العقلية)!!! أنا لا أقلل من قدر فائز وأعلي من شأن مهزوم ولا العكس، بل إني أسعى وأدعو إلى تحكيم العقل وقبل ذلك الخوف من الله العلي العظيم باجتناب ما نهى عنه من تبذير للمال وصرفه في غير وجه شرعي فقط.
ألم يكن الأفضل والأولى لمن صوّت لهذا أو ذاك في هذا البرنامج وغيره أن يُرسلوا رسائلهم لدعم (إخوانهم) مرضى الفشل الكلوي، أو غيرهم؛ فأبواب الخير كثيرة ومشرعة، لكن مَن يأتيها؟
ما فات فات، وكل ما هو آت آت، فهل نرى صحوة فكرية عقلية من تلك السكرة (العاطفية)؟
Al-boraidi@hotmail.com