هذا المقال هو محاولة لإطلاع القارئ الكريم على بعض مظاهر العبث التي يمارسها بعض أفراد المجتمع على مختلف مستوياته وهو - أي المقال- ليس دعاية لكتاب(ثقافة العبث: سلوكيات عبثية في زمن الفاقة)، وإن كنت أعتقد أنه ليس من العبث اقتناؤه والإفادة منه.
لقد سعى مؤلف الكتاب علي بن إبراهيم النملة - بدون ألقاب - إلى (معالجة ما يبدو أنه استهتار في التعامل، بما في ذلك سوء استغلال الإمكانيات المادية والعلمية والفكرية، مما يمكن أن يدخل فيما يسمى بالعبث بما له صلة بالمثل والقيم والسلوكيات المتعارف عليها).
ولقد عرض المؤلف وقفاته حول ثقافة العبث في الأفكار والسلوكيات بأسلوب جميل وجذاب؛ حيث قسم تلك الوقفات إلى قسمين: القسم الأول (عشرون وقفة) تركز على العبث في العلوم والآداب والفنون، بينما يركز القسم الثاني (عشرون وقفة) على العبث في السلوك الاجتماعي العام. وتختلف هذه الوقفات اختلافا جذريا في طريقة المعالجة، بحيث لا تخدش مشاعر العابثين، الذين خدشوا مشاعر من استهدفوا من هذه الممارسات العبثية، كما تتجنب الوقفات الخوض في المفاهيم؛ نتيجة نيلها قسطا وافرا من الإيضاح.
وهنا أريد أن أتوقف مع إحدى مظاهر العبث التي ذكرها الكاتب، وما زال بعض أفراد المجتمع - للأسف- يمارسونها، ألا وهي العبث بالمركبات؛ حيث تحصد حوادث السيارات الآلاف من البشر مجتمعنا، دون إحساس بالمسؤولية أو وضع عقوبات رادعة لهؤلاء المستهترين!. وهناك عبث آخر يمارسه الكبار والصغار من الرجال والنساء وهو التدخين في الأماكن العامة دون خجل أو مداراة للآخرين وكأنهم غير موجودين، مع أن التعليمات تنص صراحة على منع الدخان في المطارات والأماكن العامة، لكنه العبث بالصحة، وهو كذلك عبث جريء بالقرارات والأنظمة التي تشتكي من التطبيق على أرض الواقع!.
وبما أن الحديث عن العبث؛فإن العبث والاستهتار الذي يمارسه بعض المعلمين والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم يعد أمراً سيئاً ونقطة سوداء في تاريخ مربيي الأجيال الذين ينتظر منهم الجميع المبادرة والتضحية في تعليم أبناء وبنات وطننا الغالي، لكننا نرى بأم أعيننا في بعض المدارس من يترك الطلاب يعبثون، ويستمتع هو بالحديث من الجوال إلى أحد أصدقائه أو يسأل عن شاشة الأسهم المبكية!.
وقبل الختام لا بد من المرور على عبث بعض المتعصبين في كرة القدم؛ حيث يمارسون عبثاً مباشراً - داخل الملاعب - بالممتلكات العامة، ثم إذا خرجوا عبثوا بالممتلكات الخاصة!.
وأخيراً، إن مجتمعنا يواجه تحديات كثيرة وكبيرة، وما زال بعض أفراد المجتمع يمارسون علانية عبثاً مشيناً بكثير من المبادئ والقيم، وهنا نحتاج إلى التربية التي تحتاج منا إلى وقفة جادة وصادقة؛ سعياً لإيقاف مظاهر العبث المختلفة.
alelayan@yahoo.com