ما الذي يدفع الهيئات الإيرانية والمؤسسات الرسمية الإيرانية إلى الذهاب إلى دولة جزر القُمر العربية لنشر التشيع؟!!
والسؤال الآخر، لماذا هذا الحرص على تحويل أهل السنة إلى الجعفرية في حين لا نجد نشاطاً فضلاً عن أي حماس للهيئات الطائفية والرسمية الإيرانية في الدعوة للإسلام في بلاد النصارى والوثنيين في إفريقيا وأوروبا وآسيا؟!!.
فالمتتبع لنشاط الهيئات الإيرانية يرى تركيزاً وحرصاً على تحويل أهل السنة إلى الجعفرية ليس فقط في الدول العربية - وإن كان الأكثر لأسباب سياسية - إلا أنه حتى بين الجاليات الإسلامية في أوروبا وأمريكا، وإن خفت بعد أن سجلوا عجزاً في هذا المجال وأخذوا يركزون على الدول العربية لتحقيق أهداف سياسية تحت غطاء طائفي مثلما يحصل في العراق وسوريا واليمن.
أما في إفريقيا فالمحاولات تجري دون هوادة في السودان وفي الجزائر وحتى في مصر، وقد كتبنا عن ذلك وكشفت الجهات المسؤولة في تلك البلدان، وحذّر علماء الأمة من مغبة هذا العبث، وقد نشر في وقته وعرف الجميع به، إلا أن الذي لا يعرفه الكثيرون هو التبشير الشيعي الذي ينشط في جزر القُمر العربية، وهذه الدولة الإفريقية التي انضمت حديثاً إلى جامعة الدول العربية يعود أهلها إلى أصول حضرمية وجميعهم من العرب الأقحاح، وأقاموا بالجزر الأربع المكونة للدولة العربية الإفريقية، وقد خاضوا نضال الاستقلال، وقاد ذلك النضال الذي توج بالاستقلال الزعماء الدينيون وجلهم كانوا من القضاة، ومن الشيوخ وأئمة المساجد، وشعب القُمر جلهم متدينون يتبعون المذهب الشافعي. إلا أن الظاهرة التي أخذ يلمسها المراقبون وكتب عنها الصحفيون، وآخرها موفد صحيفة الأهرام المصرية، هي انتشار النفوذ الإيراني بشكل ملفت للنظر. ويقول الكاتب الصحفي سامح عبدالله في تقرير مطول نشر في الأهرام 30 أبريل 2008م، بأن الوجود الإيراني داخل جزر القُمر لم يكن مألوفاً قبل فوز الرئيس الحالي أحمد عبدالله سامبي بانتخابات الرئاسة عام 2006، فقد حضر وفد إيراني كبير مكون من 53 شخصاً بينهم ثلاثة وزراء وعدد من (الملالي) لتهنئته لأنه كان أحد خريجي (حوزاتهم). ويتداول القمريون فيما بينهم اتهامات من بعض القضاة تشيع بأن الرئيس اعتنق المذهب الشيعي سراً، ويسعى لنشره في الدولة العربية السنية، وهو ما نفاه الرئيس في أكثر من مناسبة.
إلا أن الصحفي سامح عبدالله ينشر في نفس التقرير مراكز النفوذ والتمرد الإيراني في الجزيرة العاصمة للتأكيد على محاباة الرئيس لمن درس في حوزاتهم عندما كان شاباً وحصل على بعثة دراسية للدراسة في إيران.
ويحدد موفد الأهرام الوجود الإيراني في جزر القمر حالياً في أربعة مجالات أخطرها مؤسسة الرئاسة حيث تتولى عناصر أمنية إيرانية مسؤولية الإشراف وتأمين الحماية للرئيس أحمد عبدالله سامبي، ووفقاً لما أكده أحد السياسيين القمريين؛ فإن تلك العناصر مسؤولة عن تأمين الرئيس داخل الدولة وفي الرحلات الخارجية التي يقوم بها أيضاً.
إضافة إلى ذلك أقامت إيران مركزاً طبياً تابعاً للهلال الأحمر الإيراني ومكانه في العاصمة بجوار السفارة الليبية وأمام فندق (لو موروني) ومركزاً ثقافياً بوسط المدينة، ومركزاً آخر للمساعدات الإنسانية واسمه رسمياً (لجنة إمداد الإمام الخميني في جزر القمر المتحدة) ومقره على الطريق الرئيس المؤدي لمطار العاصمة. وتستعد إيران حالياً - كما أفادت بعض المصادر - لافتتاح سفارة لها قريباً.
النشاط الرئيس للمركز الطبي يدور بالطبع حول تقديم أشكال الرعاية الصحية لأفراد الشعب القمري مجاناً، أما لجنة إمداد الإمام الخميني فتقوم بأنشطة إنسانية مختلفة أهمها تنظيم دورات تدريبية مدتها 3 شهور لتعليم الشباب القمري الحرف المختلفة (نجارة، كهرباء، خياطة) وكيفية استخدام أجهزة الكمبيوتر. وقد قامت اللجنة منذ إنشائها حتى الآن بتنظيم أربع دورات شارك فيها 800 من القمريين، بمعدل 200 مشارك في كل دورة.
أما النشاط الآخر فهو رعاية الأسر الفقيرة وتقديم الدعم المادي والعيني لهم، ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من المساعدات التي تقدم كل شهرين 500 أسرة قمرية.
jaser@al-jazirah.com.sa