الجزيرة - نواف الفقير
اختلفت أقوال محافظ مؤسسة النقد حمد السياري حول ما يتعلق بالتضخم الذي وصفه على حد قوله في الأسبوع الماضي: إن التضخم في المواد الغذائية يتزايد وأصبح يشكل مخاطر ومشاكل في كثير من الدول، مما اضطر بعض الدول لوقف الصادرات في بعض السلع وهذا قد يزيد من الضغوط التضخمية في المستقبل، مشيراً إلى أن استمرار ارتفاع التضخم على نفس النمط في الأشهر الماضية يقود إلى تجاوز التضخم 10% بمعدل 1% شهرياً إلا أن محافظ مؤسسة النقد قد أعلن أيضا في الأشهر القليلة الماضية عن وجود انخفاض في معدلات التضخم في المملكة نهاية العام. هذا التباين علق عليه عدد من الاقتصاديين بأن التضخم يحكمه عدد من العوامل التي تؤدي إلى انخفاض التضخم أو ارتفاعه الاقتصادي، فضل البوعينين تحدث عن عدم تفاجئه ببلوغ نسبة التضخم 9.6% على أساس أن هذه النسبة كانت متوقعة عطفا على زيادة معدلات الإنفاق الحكومي، زيادة السيولة، وتدني كفاءة خطط الحد من التضخم الذي ربما يتجاوز 12% خلال ثلاثة الأشهر القادمة.
مع بداية العام الحالي تنبأت بتجاوز نسبة التضخم 10% على الرغم من تطمينات الجهات الرسمية بإمكانية السيطرة عليه والحد من ارتفاعاته القياسية، وهو ما تحقق بالفعل مع ظهور أرقام التضخم الأخيرة.
ويضيف: مؤسسة النقد بشرت في أكثر من مناسبة بداية العام 2007 بسيطرتها على معدلات التضخم، وأن الوضع غير مقلق البتة، ثم بدأت في تغيير خطابها الإعلامي بعد أن بدأت معدلات التضخم بالارتفاع القياسي.
في التاسع من شهر مايو 2007 أشارت المؤسسة إلى أن معدلات التضخم في البلاد ما زالت تحت السيطرة عند 3% وأشار البوعينين إلى أن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي أشار إلى أن التضخم سيتراجع في النصف الثاني من هذا العام، وهو أمر لا يمكن تحقيقه مع استمرار زيادة معدلات الإنفاق الحكومي، والتراخي في تطبيق أدوات السياسة النقدية الصارمة التي يمكن من خلالها ضبط معدلات التضخم.
من الغريب حقا أن يدخل بعض المسؤولين لدينا نفق الأمنيات، وربط خفض نسب التضخم المحلية بانخفاض الطلب على السلع في الولايات المتحدة الأميركية.
الأمر أصبح خارج السيطرة عالميا، وكل دولة باتت تطبق سياستها الخاصة لتحقيق فائدة اقتصادها ورفاهية مواطنيها وهو أمر ينبغي تطبيقه محلياً بمعزل عن الآخرين.
ما زلت أعتقد أن التعامل مع معدلات التضخم وموجة الغلاء المحلية لا يرقى بعد إلى حجم المشكلة الوطنية التي باتت تضغط على الطبقتين الوسطى والفقيرة وتكشف تباعا عن كثير من المشكلات الاجتماعية والأمنية على حد سواء.
واقترح الاقتصادي فضل البوعينين أن تقوم الحكومة ممثلة في وزارتي التجارة والمالية بشراء السلع الأساسية وتخزينها بأسرع وقت ورفع معدل الخزن الإستراتيجي بما يكفي لسد حاجة المواطنين لسنة قادمة، ومن ثم مواصلة بناء المخزون الإستراتيجي ليكون قادرا على تعويض نقص التموين لمدة عامين قادمين. لا مناص من بناء المخزون الإستراتيجي من السلع الأساسية بخاصة في مثل هذه الظروف الحرجة التي تكالبت فيها أزمات التضخم، نقص الغذاء العالمي، والتوترات السياسية والعسكرية. مؤكداً أن السيطرة على أرقام التضخم الحالية تحتاج إلى قرار حاسم يمكن من خلاله ضبط السياستين النقدية والمالية بغض النظر عن نتائجها السلبية على خطط التنمية التي فاق حجمها مقدرة الاقتصاد على استيعابها بسبب ضخامتها وتنفيذها في وقت واحد في الوقت الذي كان من الأجدى أن تتم جدولتها وفق نظرة اقتصادية شاملة يمكن من خلالها تخفيف الضغوط التضخمية من جهة وزيادة قطاعات الإنتاج المساعدة على استيعاب المتغيرات الاقتصادية من جهة أخرى.
من جهته ذكر الخبير الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة أن تعارض مؤسسة النقد في بياناتها حول معدلات التضخم خصوصا حول توقعات المؤسسة بانخفاض معدل التضخم قد يكون من باب بث محافظ مؤسسة النقد الطمأنينة للمواطنين وإعطائهم نوع من الثقة حول معدلات التضخم وهذا دليل على الإخفاق في تنبؤات المؤسسة المستقبلية لمعدلات التضخم، مشيراً إلى أن جميع السياسات النقدية والمالية تخالف التوجهات الرامية لضبط ارتفاع معدلات التضخم، كما أن قرار مؤسسة النقد بجعل سعر الفائدة ثابت على القروض إضافة لتدهور قيمة الريال في ظل ضعف الدولار ساهم وارتبط ارتباطاً مباشراً بارتفاع معدلات التضخم.
إلا أن بن جمعة أشار إلى أن الظروف الحالية تشير إلى أن التضخمات ستستمر حتى 18 شهر مشيراً إلى أنه لمعالجة هذا الارتفاع لا بد من رفع قيمة الريال أمام الدولار إضافة لزيادة المعروض من المنتجات الغذائية في الاقتصاد السعودي بخاصة أن هذا القطاع شهد ارتفاعات قياسية بالأسعار.