(الفلسفة) قناعات مختلفة ..

اتفقت تجارب الحياة على ترسيخها في روح الإنسان ..

والشعراء لهم أرواح حساسة وشفافة ..

لذا فطبع أثر التجارب في أرواحهم أمر مؤكد ..

سعد الحريص ..

من الشعراء الذين يحملون الحس (الفلسفي) في كثير من أطروحاته الشعرية..

ويبدو أنّ محبته للحكمة كانت نتيجة لأثر تجاربه في روحه الشفافة ..

لذا تحدّث بمنطقه عن العقل والجهل فقال:

على حد علمي كنت أعرف ..

أن العقل محدود ..

والجهل ما له سقف!!

ولأن السنين هي عمر التجارب فإنّ تعليمها يزداد مع ازدياد تراكمها وتقدامها:

من تغابى الليالي تعلمه السنين

ومن عصى النصح يفهمها مع التجربة

وأن تطاول من طوال الشوارب ذهين

عوج الأيام لا دارت تقص شنبه

وهنا أورد (النصح) والنصح دائماً هدية المجرب لغير المجرب، لذا أكد في مكان آخر على أن يضع الإنسان في حسبانه أخذ تجارب من سبقوه لينجح حيث يقول:

يالواردين اخذوا علوم المصادير

في بيركم عن شح ماه ومذاقه

وتتفرع فلسفة (الحريص) لتمر على خط محبب لكل إنسان ذلك الخط الذي يعبر بنا إلى الأحباب ويوصلنا إلى الأصحاب .. وكيف نقتسم معهم كعكة الحياة .. وعن حالة التناقض التي تحكم في أحيان تلك العلاقة .. حيث يقول:

كم لنا أحباب ..

ما نعرف اساميهم

شاركونا الدمع ليله ..

من لياليهم ..

وكم لنا أصحاب

نعرفهم اسامي ..

بس اسامي ..

ونجهل كل شي فيهم ..

ويلتهم الإنسان أيام وليالي عمره .. بعضها (مر) وبعضها (شهد) وبين الحالين فاصل من (صبر) .. يكشف لنا أنّ ذلك الإنسان يعيش التحدي في أزهى صوره ..

لو ما عشقت الصبر باكرهك يا لياس

حتى ولو ضاقت علي المسالك

سيبقى سعد الحريص شاعراً مغايراً يحمل شفافية الشاعر في قلب أبياته ويرسم بفلسفته الخاصة صورة لشاعر أتى ليرسم له (بصمة) شاعرية لا تبهت!!