Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/05/2008 G Issue 13018
الثلاثاء 15 جمادى الأول 1429   العدد  13018
دور وزارة التربية والتعليم في غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب
د. عبدالملك بن عبدالله زيد الخيال

ما ألطفه من قول حين يقول الناس عنك إنك كريم معطاء تحب بلادك، وما ألطفه من نوم حين تنام قرير العين وأنت تشعر بسعادة حقيقية بعد أن تكون قد حققت لبلادك حلماً. لذلك فالمواطنة الحقيقية لأي مسؤول ومواطن هي مجموعة الأعمال التي يقوم بها نحو الوطن من أجل تقدمه ومنها المحافظة على بيئته مما قد يؤثر على مسيرته نحو الرقي والتقدم. لقد ذكرت في مقال سابق بعنوان (نحو بيئة أفضل وأنظف) الذي نشر بجريدة الجزيرة بتاريخ 8 من مايو 2008م وكذلك في مقال بعنوان (أخطار التخييم في الصحراء) الذي نشر في جريدة الجزيرة بتاريخ 27 مارس لعام 2008م، ما يلي: (لقد حز في نفسي ما قاله لي أحد الأجانب في يوم من الأيام، بأن السعوديين غير متحضرين، وعندما سألته لماذا؟ قال: زرت ودياناً كثيرة في الجزيرة العربية في كل من السعودية وعمان وبعض الدول الأخرى، فهل تصدق أن وديان المملكة وبراريها من أقذر الوديان والبراري في الجزيرة العربية، وأن أغلب من يرتاد الصحراء والبراري من السعوديين والوافدين غير متحضرين لأنهم يتركون مخلفاتهم في المكان الذي يخيمون فيه). وعندما انتهى من حديثه، لم أستطع أن أدافع عن تحضر بعض السعوديين. وبالطبع، لا يرضى بذلك كل غيور على هذه البلد المعطاء من مسؤول أو مواطن أو وافد يعمل فيها لأن بعضهم يعتبر المملكة بلده الثاني، ولذلك علينا جميعاً، خصوصاً المسؤولين في بلادنا، التفكير بكيفية، غرس حب الوطن في قلوب الجميع، وأعني بحب الوطن كل ما يمسه، بحيث يكون الناتج في النهاية شعباً متحضراً واعياً، غيوراً على بلده، بكل مفهوم.

وبعد المقال الأخير، حز في نفسي أيضاً ما قاله لي أحد الإخوان، لا تتعب روحك في بلادنا، ما فيه تعاون بين الجهات المختصة، لأنه لا يوجد تنسيق بينها أساساً، كل يعمل في مجاله، ليس هناك خطة وطنية على سبيل المثال، تعمل على نشر الوعي البيئي في المملكة، وإن وجدت فهي غير مفعلة، وليس هناك تثقيف وتعليم بيئي بالمعنى الحقيقي، فقلت له: إذا نظرنا إلى جهود الدولة حفظها الله في المحافظة على البيئة فإنها تتمثل في أمور عديدة منها إنشاء مصلحة الأرصاد وحماية البيئة وكذلك تشكيل اللجنة الوزارية لشؤون البيئة والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية.

قال: صحيح، جهود الدولة جبارة، لكن كل جهة منها تعمل منفردة وليس هناك تنسيق للجهود المبذولة، لأنه لو كان هناك تنسيق لوفرنا البلايين.

يا إخوان اليد الواحدة لا تصفق، لذلك على بعض الجهات واجب وطني نحو جعل بلادنا جميلة، ومن تلك الجهات وزارة التربية والتعليم التي من واجبها غرس مفهوم نظافة بيئة المملكة في عقول الطلاب. ويجب على الوزارة أن تمد يد العون للدولة وتساعدها بأن تجعل بلادنا أجمل البلاد وأنظفها، حسب تعاليمنا الإسلامية، وأقواها تحترم عالمياً لا من أجل نفطنا فقط وإنما من أجل تكاتفنا وحبنا وغيرتنا وحفاظنا على وطننا بتجنب كل ما يكدر العيش فيه. وتذكروا يا رجال التعليم أن المسؤولية الحقيقية لكل مسؤول نحو وطنه هي إيجاد القرارات المناسبة لحل ما يواجهنا من تحديات، وكذلك أن يترك بصمات لأعمال عظيمة تشكره عليها الأجيال القادمة. لا أن يكون حديث المجالس بأنه روتيني غير خلاق لم يفعل شيئاً لهذا البلد المعطاء. هذه هي المسؤولية الحقيقية لأي مسؤول.

وعلى سبيل المثال، إذا أخذنا الثقافة البيئية التي يجب غرسها في نفوس شباب هذا الوطن، سنجد أن أغلب الكتب المدرسية موجود بها الكثير من الموضوعات التي تخص البيئة، تدرس حالياً في المراحل الدراسية المختلفة. لكن المشكلة في أنها تدرس دون عناية تذكر بالمدلول البيئي لهذه الموضوعات، لذلك تصبح دراستها مجرد تلقين لمعلومات جامدة سريعاً ما ينساها الدارسون دون أن يكون لها أثر يذكر في تنمية وعيهم بمقومات بيئاتهم التي يعيشون فيها وتقديرهم لتلك البيئة والعمل على صيانتها والشعور بالمسؤولية نحوها. واستغلالها الاستغلال الأمثل لذلك يجب علينا أن ننظر نظرة شاملة متكاملة للمناهج في جميع المستويات وطرق التدريس وزيادة ثقافة المدرس.

إن كثيراً من المدرسين يعرفون عن التربية البيئية لكنهم لا يجدون فرصة لتوضيح ذلك بسبب قصور المنهج أو بسبب قلة عدد الساعات المخصصة للمواد العلمية. كما أننا قد نختلق أعذاراً وأعذاراً للمدرسين فأغلبهم يعتقد أنه العلامة بكل الأمور والعلوم، وأعتقد أن الكثير منهم انقطع عن التحصيل العلمي والمعرفي والثقافة العامة بمجرد تخرجه، وبعضهم لا يحاول أن تزداد ثقافته أو علمه، بحيث أنه لا يعرف إلا الكتاب المدرسي وكتاب المعلم. أما موضوعات الثقافة والتربية البيئية فتحتاج إلى إطلاع دائم بكل المستجدات، وقد نحتاج إلى إدخال التربية البيئية وإعداد المدرسين لمختلف مراحل التعليم سواء كان ذلك الإعداد قبل الخدمة أو أثنائها، كما يجب التنسيق مع كليات العلوم بالجامعات لعقد دورات تدريبية للمدرسين المتخصصين في مواد العلوم لتدريس مادة التربية البيئية، وتوفير الكتب التي تنمي مواهب المدرسين على تدريس الموضوعات البيئية. وتعريفهم بكيفية تنمية السلوك السليم عند الطلاب تجاه البيئة. ففي بعض البلاد المتطورة مدرس المرحلة الابتدائية أو المتوسطة أو الثانوية لا يقل في بعض الأحيان عن أستاذ الجامعة من حيث استمرارهم في عمل البحوث الجيدة في مختبرات المدارس التي يعملون فيها، كما أنهم يشركون طلابهم في ما يجرونه من أبحاث، لذلك نجد في تلك الدول أن بعض المدرسين علماء في بعض ميادين المعرفة. وفي تلك البلدان تعقد مسابقة سنوية لطلاب المدارس في مختلف أنواع المعرفة والاختراعات. وبعض تلك المسابقات نشاهدها على شاشات التلفزيون. فمثلاً هناك مسابقات عن موضوعات متعددة منها موضوعات البيئة. وهناك تجارب مختلفة واختراعات للطلاب بعضها يحاكي أحسن المخترعات.

ولذلك أرفع لمقام وزارة التربية والتعليم الاقتراحات الآتية:

أولاً: عقد مسابقة سنوية لجميع المدرسين حتى مدرسي الرياضيات والدين واللغة العربية، في وزارة التربية والتعليم، لكتابة بحث عن الثقافة والتعليم البيئي، وكل ما يخص البيئة، والعشرة الأوائل الفائزون يرقون درجة في السلم التعليمي. وتنشر بحوثهم وتوزع على جميع المدارس، وتصبح من موضوعات القراءة العامة في التعليم.

ثانياً: عقد مسابقة سنوية لجميع الطلاب في جميع المراحل التعليمية، لكتابة بحث عن أحد موضوعات البيئة، تعتبر مكملة لامتحان المواد العلمية، كما يمنح العشرة الأوائل جوائز قيمة. وإذا كانت البحوث قيمة وذات منهجية علمية، فتنشر وتوزع على جميع المدارس، وتصبح من موضوعات القراءة العامة في التعليم.

ثالثاً: تنشأ جمعيات مدرسية في كل مدرسة، تسمى (جمعية خدمة البيئة) ومن يشترك فيها من الطلاب، عليه أن يقدم تقريراً يومياً وأسبوعياً وشهرياً على مدى عدد سنوات دراسته، يحفظ في ملف باسمه، عن ما قام به من خدمات بيئية للشارع أو الحي الذي يعيش فيه أو البر الذي يتنزه فيه، وكمية ما جمعه من نفايات من أمام منزله وما عمله من خدمات أو توعية لأفراد للحي الذي يقيم فيه، أو البر الذي يقصده، وفي آخر العام، يكافئ إما بزيادة علاماته في بعض المواد التي تحتاج لزيادة أو بهدية مثل جهاز كمبيوتر ينفعه، كما يكون هناك حفل يقدم فيه دروع للطلاب أصدقاء البيئة.

رابعاً: يجب خلق مفهوم التطوع وثقافة النظافة لدى الطلاب بأن يكون هناك رحلات طلابية تطوعية للبراري والوديان المحيطة بكل القرى والمدن في المملكة، تلك الرحلات أسبوعية أو شهرية أو قبل موسم الربيع يقوم فيها الطلاب المتطوعون بتنظيف المكان المقصود. اعتبروها حصص عملية لتغذية عقول الطلاب بمفهوم احترام البيئة. كما لو قام كل مدرس بتذكير طلابه في نهاية كل أسبوع، بأن لا يتركوا بل يجمعوا ما يجدونه من نفايات في البر.

إن زرع مفهوم نظافة البيئة والمجتمع في نفوس الطلاب، هي أهم نقطة لتحضر الشعوب، وقد لا نتصور حجم ما سنوفره في المستقبل من جهود وأموال تقدر بالبلايين، نتيجة الوعي البيئي لأن أطفال اليوم هم شباب الغد وهم آباء المستقبل وبعضهم سيصبح مسؤولاً في بلادنا.

لذلك ولتحسين صورتنا أمام الآخرين ولنحافظ على نظافة بلادنا وعدم خدش كرامتنا، ووصفنا بأننا غير متحضرين، علينا أن نحرص على نظافة صحاري وبراري ووديان بلادنا الحبيبة. وغرس مفهوم البيئة وحب الوطن لدى جميع طلابنا.



للتواصل مع الكاتب: إما: ص. ب. 90199 الرمز البريدي: 11613 الرياض. أوAbdulmalikalkhayal@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد