Al Jazirah NewsPaper Tuesday  20/05/2008 G Issue 13018
الثلاثاء 15 جمادى الأول 1429   العدد  13018
المنشود
هديل الحضيف.. وداعاًً!!
رقية سليمان الهويريني

تأخرتُ في الكتابة عن هديل محمد الحضيف أكثر من ثلاثة أسابيع، لأنني كنت أنتظر خروجها من المستشفى الذي ترقد فيه إثر غيبوبة مفاجئة، حيث وجدها والداها في سريرها صباحاً فاقدة الوعي! ولشد ما تنتابني لحظات الألم والبكاء وأنا أسترجع مرأى والديها في لحظات الإيقاظ وهول الحدث، وروع الصدمة!!

لم أكن أتوقع -رغم إيماني بالقضاء والقدر- أن أكتب عن رحيل هديل، في حين كنت أنتظر استيقاظها لأكتب عن غفوتها اليسيرة، وتحدثنا عن سفرها العابر ورحلتها القصيرة! لكن الله اختارها لتستقر وتقضي شبابها هناك، بجوار ربها الرؤوف الحنَّان الذي آمنت به وصَدَقت معه.

هديل هذه الإنسانة الرائعة بكل معاني الحروف والكلمات، ذات فكر منطلق بعفوية جذابة، وحرية لم تبعدها عن إطار الشرع، ولم تخرجها عن برواز المجتمع، تُحفِّز كل من حولها بمنهجها المعتدل، وتدفعهم ليكونوا مبادرين بإيجابية! فلطالما فتحت هديل نوافذ لأقرانها عبر مدونتها الجميلة فأوقدت شمعة في ظلام اليأس كاد يكون سرمدياً!

تلك هديل التي كانت تشكِّل لوالدها المكلوم الدكتور محمد الحضيف العزاء والتعويض عن أحبابه المفقودين، وتنسج له بانطلاقتها خيوط الأمل بعد أن عاش رحلة مريرة من التعب المترع بالشجن. وإني لأعلم عنه قوة الإيمان وأتعلم منه الصبر والجلد، وإن لم يعلِمني محمد فمن يعلمني إذاً؟! فرابطة القرابة بيننا تمثل لي فخراً بهذا الرجل وتقديراً وحباً لأسرته بأكملها!!

وما أحسبك إلا غارقاً في دموعك حين تعلم أنه ما أن يجمعك مجلس مع والدها إلا وكان لهديل حضور وصدى!! فكان حين يأتي على ذكرها، يتوقف برهة وكأنه يحلِّي طرف لسانه باسمها قائلاً: حدثتني ابنتي هديل..!!

لكَ الله يا محمد، ولكِ الله يا فاطمة!! فكأني بكما وقد ربيتموها لتزف عروساً في الجنّة إن شاء الله.

وليلطف الله بنا بعد رحيلك يا هديل!!

أي ألم يلسعني!!

أي دموع تنسكب فلا أكاد أسيطر عليها!!

أي قسوة في تلك الدموع، تهطل فتكوي وجنتي، بل تحرقها!!

أي مرارة تقطر في فمي فتحيل كلماتي وجعاً وتشكّلها أنيناً!!

أي امتحان قاسٍ وضعنا الله فيه ليختَبَر إيماننا؟

وإن كنا ندرك ونعلم أن الموت وكل صنوف الآلام هي امتحان فإننا بلا شك نذعن ونرضى حتى ولو غرقنا في حزننا ولذنا في صمتنا!

أيْ هديل.. وداعاً يا ابنتي!! فقد تركتِ محبرتك دون غطاء، وشجيراتك دون رواء!!

وإن صدَّقنا أنك رحلت، وتقبلنا فيك العزاء!

فقلوبنا تتفطر بالأسى!

فأي فرح بعدك يا هديل؟

وأي مدونة نتصفحها بعدك؟ يلفها الصمت ويجرفنا الحنين، فيغلبنا البكاء!!

rogaia143@hotmail.Com
ص.ب 260564 الرياض 11342








لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6840 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد