مكة المكرمة - عبيد الله الحازمي - عمار الجبيري - فهد العويضي
أعرب عدد من العلماء المشاركين في المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله عن أملهم أن يحقق هذا المؤتمر الأهداف المرجوة منه مؤكدين أن الحوار أصبح من القضايا الجوهرية في العالم وأوضحوا أن الحوار أصبح ضرورة يفرضها الواقع.
وأكدوا في تصريحات لهم ل(الجزيرة) أن هذا المؤتمر هو مكرمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله كان ينتظرها العرب والمسلمون بسبب أن مسألة أطروحة الحوار والحديث عنه كثر في العشر السنوات الأخيرة وبدأ كل من قومنا يترجل ويذهب هذا إلى ذاك البلد والثاني لبلد آخر والرابع يجمع أشخاصاً فأصبحت هناك خطوات مرتجلة وفردية كثيرة وهذا ربما حول قسماً من المتحاورين إلى متجلفين وكأنهم يريدون أن يحصلوا على براءة ذمة من الغرب لذا كانت هذه المكرمة من خادم الحرمين الشريفين متميزة وفي هذا الشأن أكد الدكتور أسعد محمود السحمراني أستاذ العقائد والأديان في جامعة الإمام الأوزمي ببيروت ومسؤول الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني وعضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الإسلامي العالمي للحوار برابطة العالم الإسلامي.
إن هذا المؤتمر هو مكرمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مشيراً إلى أهمية المؤتمر حيث ينعقد في مكة المكرمة وتقوم على تنفيذه رابطة العالم الإسلامي التي لم تنفرد في مسألة تنفيذ رغبة خادم الحرمين الشريفين بمفردها وإنما استعانت بنخبة من العلماء من كافة أنحاء العالم.
وقال: إن الهدف من المؤتمر أن تحدد رؤيتنا للحوار ومفاهيمنا ومقاصدنا من الحوار لنخرج بعد ذلك إلى غير المسلمين وإلى الأمم نقول لهم هذا نحن فماذا أنتم وعندها يكون الحوار أكثر جدية كما أن هذا الحشد المبارك في المؤتمر من العلماء يعبر عن أننا نقول: إن هذا الحوار مفتوح لكل من أراد وتفضلوا ولا تنفردوا ولا تترجلوا وإننا نحسب أننا بعد انتهاء المؤتمر سنتواصل ونواصل للاتصال مع سائر المراكز المهتمة بهذا الحوار من أجل أن نجمع الجهود لأنه لا يصح في قضية حساسة كهذا المستوى أن نتركها للأفراد ومن هنا توجهنا الأساسي.
وأوضح أن هناك بعض المعترضين الذين لم يعطوننا فرصة لنقول ماذا نريد، فنحن نقول: إن الحوار يكون على مستويات الأول دعوي ونحمل فيه الإسلام دعوة للعالمين وبشرى للعالمين وهو دعوة حق ورحمة للعالمين ولهذا فأول بند في المؤتمر هو توجيه الإسلام نوجه الإسلام لهؤلاء الناس لا فيه إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تطرف ولا إغلاق ولا جمود ولا تهالك على مفاهيم الغرب.
وقال: إن مشكلة الأمة في فريقين من أبنائها فريق يزحف باتجاه الغرب ليعطي عداءات لمفاهيمه البعيدة عن الإسلام ولمصالحه ولأهوائه وفريق آخر مغلق عن الانفتاح ويغلق الأبواب ولا يريد أن يحاوره أحد.
ونحن أمة وسط لا إفراط ولا تفريط ولا غلو.
المستوى الثاني هو مستوى في كل وطن وقومية هناك تنوع في الانتماء ومواطنك الذي يريد أن يبقى على عقيدة لكن أنت تعيش معه في وطن واحد وقومية واحدة فأمام هذا التنوع يجب أن يكون هناك حوار وفق ضوابط شريعتنا الإسلامية التي بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين من أجل أن نؤسس لحياة صحيحة وسليمة كي يعرف غير المسلمين أننا ندعو إلى العدل والخير والحق.
المستوى الثالث هناك تحديات في هذه الأيام على الأجيال في الجانب الأخلاقي والقيمي وهذا أمر يستلزم الحوار فيما نسميه المشترك الإنساني وهذا المشترك الإنساني إن كان في الرسالات السماوية فهو متقارب مع الإسلام وفي الفلسفات الوضعية التي يؤمن بها البعض قد استمد من الفطرة السليمة أو أيضاً من الدين السليم فهو أيضاً قريب منا.
ولذا نحاور من أجل حفظ كرامة الإنسان وحقوقه وتأمين إسعاد الإنسان المستخلف في الأرض. وأكد أنه لا شيء اسمه حوار الأديان بل هناك حوار بين اتباع الأديان واتباع المعتقدات وهذا الحوار لا يهدف إلى وحدة الأديان كما ادعى في السابق بعض من سعوا من سياسيين في غير هذه البلاد فالبعض قال: إن نطبع المصحف مع العهد القديم لليهود مع العهد الجديد من المسيحيين كل هذه التخرصات والترهات ليس هذا المقصود في حوارنا ولا نقول بالوحدة نحن نقول هناك حوار بين اتباع الأديان وفق المستويات الثلاثة السابقة التي نتحدث عنها.
وأعرب عن أمله أن يحقق المؤتمر النجاح المطلوب والفائدة المرجوة. وأفاد أن الحوار مع الآخرين شرطه الأساسي أن يوقف هذا الآخر ظلمه علينا وبالتالي ضابط الحوار هو كتاب الله سبحانه وتعالى.
فهناك من علينا أن نواجه مشروعاته التآمرية أمتنا العربية والإسلامية وعلى مقدساتنا وأرضنا لأنه لا حوار مع الظالم والمحتل والمغتصب والسارق والمعتدي علينا.
لذا لا بد من الإنصاف أولاً والإفراد بودي أولاً بعد ذلك يكون الحوار والتحاور. ومن هذا المنطلق نطمئن من ينتقد المؤتمر الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين وقرره بأننا حريصون كما حرصهم لذا فعليهم أن يوقفوا انتقادهم وليفهموا أنا ملتزمون بالآية الكريمة: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
ومن جانبه أعرب الدكتور علي الزاكي من تركيا عن تفاؤله بنجاح المؤتمر وفائدته مؤكداً أهمية الحوار مهما كان فهو يفيد الناس ويكون الحوار حول اتباع الأديان لا بين الأديان لأن الحوار بين الأديان لا يجوز لأن الله سبحانه وتعالى اختار الإسلام ختام الأديان والرسالات الساموية وليس لنا حق من أن نقايس الإسلام بالأديان الأخرى.
وأكد أن الحوار موجود منذ القدم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم حاور نصارى نجران وأن التاريخ يسجل حوارات بين المسلمين والقساسين مرات عدة. وأكد أن الحوار لا يكون في المسائل الدينية فقط فهناك مسائل فلسفات وثقافات وتقاليد وعادات وتجارة كل هذه الأشياء موضوع للحوار كما أنه لا بد أن نتحاور حول الأسرة لنحفظها حيث أصبحت الأسرة الآن ضعيفة في كثير من البلاد الإسلامية كما أن هناك مسائل عدة انتشرت تحتاج إلى التشاور الدولي بين الأمم للتواصل إلى اتفاق وندافع عن هذه القيم مؤكداً أن لا بد من الحوار بين أهل الأديان والثقافات والفلسفات.
ومن جانبه أكد الدكتور عبدالملك منصور وزير الثقافة في اليمن سابقاً أن هذا المؤتمر فرصة للعلماء أن يتحاوروا ويستمعون إلى أطروحات بعضهم ويتراجعون فيما بينهم ويتذاكرون مذاكرة العلماء خروجاً لما يمكن تسميته باستراتيجية الحوار.
وأكد أن هذا المؤتمر سيحقق الأهداف المرجوة منه إن شاء الله حيث إنه ينعقد في مكة المكرمة وأن الرابطة هي التي عقدته وهي لها ماضٍ جميل في نفوس المسلمين وتاريخ أصيل في الدفاع عن قضايا المسلمين والتعريف بالإسلام ونشر رسالة الإسلام بكل اللغات. ومواجهة التحديات التي تحدث كل يوم وتقدم الأطروحة الإسلامية ناضجة وطازجة تتجدد مع تجدد الأيام ويجدد العلماء فيها أفكارهم لتتناسب مع مستجدات الحياة.
وقال: إن ما يحيط بالعالم الإسلامي اليوم من نظر داخلي ونظر خارجي. النظر الداخلي نتاج عن الاحتياج في العالم الإسلامي إلى وجود الفتوى في وقته فيما يخص الحوار مع النفس والمجتمع ومع الآخر الخارجي ومقتضيات الحاجة الملحة لهذا الحوار تجعلنا تحت ضغط هذه الحاجة فحسب أننا نحن في مكة المكرمة سنخرج باستراتيجية حوار مؤداها أن الحوار ينبغي أن يكون على شقين.
شق الحوار الداخلي بين المسلمين أنفسهم وصولاً إلى تقارب الرؤية وتوحيد المنهج ما أمكن من أجل أن يكون للمسلمين رؤيتهم المتميزة في مستجدات العصر أو في كيف يقدمون ما عندهم إلى الآخر. وقال: إن كل ما عند المسلمين جميل غير أننا قوم سيؤوا العرض فنحن لا نحسن عرض بضاعتنا بضاعتنا قيمة جميلة نادرة تحل كل المشكلات وتشفي كل الأوجاع لكننا لا نستطيع تقديمها بنفس مستواها فنحن مثل التاجر الذي لا يحسن عرض بضاعته لذلك يفلس. وأعرب عن أمله أن يخرج المؤتمر بطرائق جديدة لعرض ما لدينا من جمال الإسلام كما ينبغي أن نتعاون ونتعلم كيف نحسن عرضه للآخر.
وبدءاً ينبغي أن نحسن عرضه على أنفسنا في الداخل فإذا اتفقنا وكنا متمثلين ومتخلقين ومطبقين لأخلاق الإسلام داخلياً فإننا نستطيع أن نحسن تقديمه للآخر الخارجي. كما ينبغي أن ننظر إلى كل إنسان خارج كينونتنا نظرة موضوعية فالآخر أخ في الإنسانية وليس بيني وبينه عداء إلا حين يغتصب حقي فإنني أعاديه بقدره ولا أسترسل في العداء لأن العداء ليس غاية من الغايات التي خلقنا الله لها في الحياة.
ونحن نتقدم للآخر وقلوبنا مملوءة له بالخير والسحب العامر الذي هو من تعليمات وهدي ديننا وإذا كان الأمر كذلك فإننا نستضيف الآخر ولا نراه كله جملة إنه يتربص بنا الدوائر إنه يريد الشر كما هو مشاع عنه لبعض سلوكياته القائمة على الأسف لذلك سنرى بأن هناك من الغرب هو منصف في أطروحاته واقترابنا منه سيزيده إنصافاً وسنجد أن في الغرب من هو غير منصف وعدم الإنصاف فيه جاء من تقصيرنا نحن كسبب لم نقترب منه لم نعلمه ما عندنا لم نره بسلوكنا ديننا ربما رأى غير ذلك ربما رآه سلوكاً معوجاً من بعضنا قدم به الإسلام فرأى الإسلام هو ذلك العوج. ولذلك واجبنا نحو الآخر أن تقدم له سلوكاً وقولاً وعملاً واقتراباً منه وأن يكون بلغته وإننا مطالبون بأن نقترب من الآخر وهذه مسألة أساسية فبالحوار نستطيع أن نوجد تحالفاً عالمياً بين الحضارات وهناك أديان كثيرة غير الأديان الثلاث فينبغي كذلك أن نقترب منها ونعترف عليها ونحاورها فالحوار بين اتباع الأديان في الأصل ليس مؤداه الوصول إلى دين واحد كما قد يتصور البعض وإنما الهدف من الحوار هو إيجاد نوع من التقارب والتعارف وأن يقر كل منا الآخر على ما هو فيه لا يظلم بعضنا بعضاً.
ومن جانبه رحب الدكتور رحمة الله قاسموف قاضي مدينة أوشى وممثل رابطة العام الإسلامي في قيرغيزستان بانعقاد المؤتمر ووصفه بأنه مؤتمر مهم ويهدف إلى توطيد السلام وتوطيد أصوات العالم من أجل السلام وليتحد العالم فكراً لأجل توطيد السلام بهذا المؤتمر هو الخطوة الأولى في هذا المجال وقال: إننا ننظر إلى نتائج هذا المؤتمر ونرجو أن تكون نتائج إيجابية لصالح المسلمين شعوب العالم كله.
كما أكد الدكتور فضل الرحمن صديقي أهمية هذا المؤتمر (خصوصاً في هذا الوقت من أجل أن يبلغ الإسلام للآخر ويتم التعريف به وبقيمه وثقافته مؤكداً أن هذا الحوار هو الانطلاقة الأولى منوهاً بأهمية محاور المؤتمر وأهدافه وأطروحاته كما أكد على ضرورة الحوار فهناك من يشوه أو يحاول أن يشوه صورة الإسلام وهناك حملة ضد الإسلام. وشدد على أهمية دور الإعلام في نشر الإسلام بصورته الصحيحة.
ومن جانبه قال الدكتور قيس الكلبي من العراق: إننا نعيش في صراعات وليس صراعاً واحداً والصراع الفكري هو الأشد والأهم. وأكد أنه لا بد من العمل من أجل أن يحقق المؤتمر أهدافه ونجاحه وليس صدور قرارات موجودة على الورق لا بد أن تنفذ وتطبق عملياً.
كما أكد الدكتور جمعة شيخه من تونس أن الحوار جسر محبة تقيمه المملكة برعاية خادم الحرمين الشريفين وتنظمه الرابطة ليتحاور العلماء في قيمة مهمة جداً هي التسامح بين البشر لأننا أصبحنا نعيش في عالم كالقرية فلا بد أن نوجد صيغة من التفاهم والتسامح. فنحن نعيش في زمن العولمة وتحدياتها والعولمة فيها إيجابيات وسلبيات ومن سلبياتها أنها لا تساعد على الحوار ولا على خلق جو من التفاهم باعتبار أن العولمة هي مصلحة الناس يتخاطبون ويتحاورون بلغة المصلحة لا بلغة القيم والمذاهب.
وقال: إن المؤتمرات كثرت وأصبحت تعيد نفسها وتتكرر ونحن في هذا المؤتمر إذا أردنا أن نتحاور ونحاور بمفهوم أننا زمن عولمة بتحدياتها معنى ذلك أننا لا نخاطب الناس على أنهم من مستوى واحد المحاورون متعددو المستويات. ويجب أن نعتبر أنه إذا أردنا الإيضاح وتجنب التكرار وإذا فهمنا العولمة باعتبارها هي لغة المصالح فإنه يجب أن لا نخاطب رجل الدين الذي يهاجمنا بكل قوة إلا بلغته هو كل الناس عرفوا ما قاله البابا في ديننا فهو لا عقلاني وهذا الرجل لا يقيم مظاهرات ولا احتجاجات إنما نأخذ له نص من رجل دين مسيحي في مستواه قال ما يعاكس ذلك تماماً هنا نقع بالحجة الدافعة وبالكلام المنطقي لأن الغرب لا يريد أن يفهم العواطف. فلا بد أن نخاطبهم بمنطق العقل والحجة القوية التي تفهم والتي تجعل من الذي يستمع إليك يقول: إن هذا البابا أخطأ فيما قاله. وقد نوه العلماء في تصريحاتهم باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالحوار بين اتباع الأديان لأهمية هذا الحوار للأمة وتعايشها.
وقال مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة أحمد بن قاسم الغامدي: إن القرآن الكريم حافل بالنصوص التي تدعو إلى الحوار في مختلف صوره، المسلم مع المسلم، المسلم مع أهل الكتاب.. إلخ. فمن ذلك محاورة إبراهيم مع قومه، ومحاورة موسى مع فرعون، وعلى رأس كل ذلك قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} مؤكداً أن الحوار له أهمية عظيمة، فمن ذلك أنه باب عظيم لبيان الحق وتثبيته وسماع ما عند الآخر والتأمل فيه، أنه أسلوب راقٍ للإقناع والبيان تعازف على قبوله أهل العقول الراجحة والأفكار المستقيمة، أنه يحمل في طياته الدعوة إلى الدين الحق وإلى ما يحمله المحاور من قيم وثوابت وأخلاق، أنه آلية مثل لاستجلاء الحقائق، أنه وسيلة لتنمية العلاقات السلمية والصداقة بين الشعوب، أنه طريق لنشر المعارف وحفز المواهب وإثراء الثقافات.
وقال: تتعرض الأقليات المسلمة في أوروبا إلى تمييز عنصري وتقييد في ممارسة شعائر دينها بل تتعرض لإساءات تجاه دينها ونبينا عليه الصلاة والسلام، وكتاب ربها، فلا بد من وضع منهجية وفق أسس شرعية تمكن تلك الأقليات من محاورة أولئك بدلاً من الصدام مع القوى المؤثرة.