مضى على تصريح بترايس، قائد القوات الأمريكية في العراق، حوالي عام من 13 سبتمبر 2007م، والذي يحاول تقدير ما يحتاج إليه من المزيد من الجنود الأمريكيين في العراق إلى منتصف 2008م. وذكر في مقابلة صحفية أن أوامر بوش بزيادة الجنود في مستهل العام الماضي كان لها جوانب إيجابية وبخاصة في ولاية الأنبار.
وفي مقابلة إذاعية ذكر أن موقف القبائل بالنسبة للقاعدة على ثلاثة أنواع: منهم من يغض النظر عنها، ومنهم من يؤيدها، ومنهم من يقف موقفاً مضاداً لها.
وكان بترايس يحاول إقناع الكونجرس الأمريكي بأن زيادة الجنود سوف تأتي بنتائج إيجابية. ولكنه في الوقت ذاته يقول إن الزيادة ستكون إلى منتصف 2008م فقط، حيث إن استمرارها يشكل عبئاً على القوات الأمريكية، ويتوقع الرجوع إلى ما قبل الطفرة، أي 130 ألف جندي.
وما بعد ذلك؟، يرد القائد العسكري، الذي سيغادر منصبه الحالي في منتصف سبتمبر من هذا العام ليرأس CENTCOM، القيادة العسكرية الأمريكية الموحدة لشرق أفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا والتي أسست في عام 1983م: لا يزال على القواد العسكريين (عمل حساباتهم الرياضية) بهذا الشأن.
وهو متأكد بأن هنالك علاقة أكيدة بين ما أسماه بالطفرة العسكرية (زيادة الجنود) وانخفاض أعمال العنف في العراق، وهناك عوامل أخرى لها علاقة بانخفاض حدة القتال تتمثل في خروج السنة من بغداد، ويقول: لم يعد هنالك أحد لأن يقتل، ولذلك هنالك انخفاض في العنف.
وبمناسبة الذكرى الخامسة لغزو العراق من قبل القوات الأمريكية، يعرف بترايس في مارس من هذا العام النصر: (في كون العراق يصل إلى سلام مع نفسه وسلام مع جيرانه وأن تمثل حكومته المواطنين بتلبية احتياجاتهم وأن تسهم العراق في المجتمع الدولي).
أما في أبريل الماضي فلقد أفاد أمام لجنة مجلس الشيوخ أنه بُذلت مجهودات جبارة للوصول إلى هدوء نسبي في العراق، وطالب بأن سحب القوات يجب ألا يحدد له نهاية لكيلا تذهب محاولات التطور السلمي في مهب الريح، وحاول إقناع المشرعين في المجلس بإعطائه مهلة 45 يوماً ليتم تقييم العمليات العسكرية مقابل التطور الأمني على أرض الواقع، عندها يمكن سحب 30 ألف جندي، الذين تم إرسالهم في العام الماضي. وحدد ذلك بنهاية شهر يوليو، وبعد ذلك التاريخ يمكن إجراء تقييم آخر يحدد عدد الجنود الذين يمكن إعادتهم إلى مواقعهم في أمريكا.
ومع ذلك يتفق القائد العسكري مع السفير الأمريكي في العراق بأن التطور الملحوظ يمكن أن ينقلب إلى ضده.
ولا يزال السؤال قائماً: متى ستنسحب القوات الأمريكية من المسرح العسكري أو من العراق بشكل كامل؟ الجواب في بطن أو رأس الجنرال.
أما الإدارة الأمريكية فلا تحبذ مخالفة العسكريين حتى لا تلام، في حالة يتبين فيها أن العسكريين على صواب، أو بمعنى آخر ليس لدى الإدارة القدرة على اتخاذ قرار تخاطر أو تراهن فيه بالنسبة للسلام المرتقب.
أما الجنرال فيفكر بطريقة مختلفة تتمثل في كيفية إنهاء الحرب أكثر من تحديد وقت للانسحاب (2011م، كما يقترح على سبيل المثال السنتر أوباما المرشح الديموقراطي) أو تحديد العدد المطلوب من الجنود والمعدات، وتنحصر الكيفية في خطة إشراف على العمليات العسكرية التي يقوم بها الجنود العراقيون، وليس لذلك جدول زمني.
المشكلة الآن أن هذا التفكير من قبل القائد العسكري الأمريكي يصطدم بالجدول الزمني للانسحاب المقدم من الحكومة العراقية. والسؤال إلى أي مدى سوف تلتزم أمريكا بالمطلب العراقي؟ ومن وجهة نظر المرشح الجمهوري الأمريكي مكين، فيرى المكوث في العراق إلى أن يتحقق النصر المؤزر لبلاده.
أما الحكومة العراقية فليس أمامها إلا الالتزام السياسي أمام شعبها.
العراقيون يريدون أن تعاد بلادهم إليهم، وحكومة المالكي ومن وراءه السياسيون يحاولون أن يقنعوا الناخبين بأنهم وطنيون وأنهم يصرون على جدول زمني للانسحاب.
أما بترايس فلم يستخدم كلمة (نصر قريب)، بل إنه يقول نرى الآن الضوء فقط في نهاية النفق.
وليس هذا فحسب بل يذكر أن العراق لا يزال بعيداً عن كونه عراقاً عادياً، وعن الحكومة العراقية يقول إنها بدأت تشعر بالثقة التي سوف تساعدها على إدارة البلاد.
أما عن قائمة الأخطاء التي يراها الجنرال الأمريكي بالنسبة لمجمل العمليات العسكرية في العراق فيذكر عدداً من الأخطاء الكثيرة التي ليس منها الخطأ الأساس وهو الإقدام على غزو العراق، ويمكن إدراك ذلك من خلال فهم الثقافة العسكرية بشكل عام، ولربما سيقول رأيه الصريح بالنسبة لغزو العراق بعد أن يتقاعد.
أما رأيه بالنسبة للعراق عندما يستلم مهام منصبه الجديد ويكون مسئولاً عسكرياً عن منطقة جغرافية كبيرة تمتد من مصر غرباً إلى باكستان شرقاً فقد يفكر في تكلفة الحرب في العراق بالنسبة لتكاليف العمليات العسكرية في أفغانستان وباكستان.
والجنرال نفسه يعتبر متأرجحاً بين ذهنية عسكرية وأخرى سياسية، ولا غرابة في ذلك حيث إنه يحمل شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية، ويعتبر من هذه الناحية متخصصاً في العلوم السياسية.