لكثرة المسلسلات التلفزيونية التي تعرضها المحطات الفضائية في شهر رمضان المبارك، يكاد يصبح هذا الشهر الفضيل شهراً للمسلسلات العربية التي تزدهر وتزداد في هذا الشهر، ولكن هذا السيل المنهمر من هذه المسلسلات لا تجد إلا بضعا منها يستفيد منه المشاهد، وبما أن لكل امرئ توجهه ورغبته، فأنا بعد أن أؤدي الواجبات والفروض المعتادة في هذا الشهر الفضيل من عبادات ونوافل أحرص على مشاهدة ما اخترته من تلك المسلسلات بعد تمحيص وسؤال من الإخوة المشرفين على صفحة الفن، وخرجت بقناعة أن حصرت مشاهدتي في ثلاثة مسلسلات، هي حسب تفوقها - في (رأي)- وأنا لست بناقد فني ولكني مشاهد، وهي: (الباشا) ويعرض على قناة الشرقية العراقية، و(أبو جعفر المنصور) على قناة M.B.C، و(فضة قلبها أبيض) على قناة أبو ظبي.

مسلسل الباشا الذي تعرضه الشرقية العراقية يعرض الحياة السياسية لرئيس الوزراء العراقي في العهد الملكي نوري سعيد باشا، أما مسلسل أبو جعفر المنصور فيؤرخ نشأة الدولة العباسية، في حين يجسد مسلسل فضة قلبها أبيض، قصة فتاة مصابة بمرض التوحد، وقد أجادت الممثلة القديرة سعاد عبدالله تجسيد شخصية الفتاة، وعرض موضوع إنساني لا يعرفه الكثيرون.

إذن المسلسلات الثلاثة اثنان تاريخيان لهما طابع سياسي، وهو ما يتوافق مع فكري وعملي وحتى طبيعتي، وثقافتي. أما الثالث فهو إنساني وهو يتوافق مع النزعة الإنسانية للبشر التي تظهر وتبرز بوضوح في هذا الشهر الفضيل، واختيار الموضوع توجه رائع وجديد على الدراما الخليجية وهو محمود لأنه يلامس مشاكل الناس.

وقد ذكر لي أن مسلسلا خليجيا آخر يقوم الممثل داود حسين فيه بتجسيد دور شاب مصاب بالتوحد، ومن تابع المسلسل يؤكد أن داود أبدع كعادته في إظهار هذه الصورة الإنسانية، وكم يحتاج المصابون بهذا المرض إلى العطف والتفهم والتعاون حتى يتجاوزوا محنتهم، والمسلسل الذي يحمل اسم (الفطين) يظهر أن هناك توجها إنسانيا أخذ يطبع بعض الأعمال الدرامية الخليجية ليخفف من مسلسلات الصياح وضرب النساء والسكر والمخدرات التي للأسف الشديد تعرض في ليالي شهر رمضان المبارك وكأنها حلقات لصنع ثقافة الاستهتار والتغرب والانفلات والدعوة لها ونشرها والتي بدأت تظهر بصورة سيئة في صفوف شبابنا تأثرا، بـ(أبطال) مسلسلات التغريب والانفلات الخليجية..!!