منذ دخول القوات الأنكلو - أمريكية إلى أرض العراق العربي وسقوط عاصمة الرشيد بغداد تحت أقدام غزاة القرن الواحد والعشرين ظهرت مشاريع غزو جديدة حملتها تهديدات رامسفيلد وزير دفاع الغزو ومهندس التدخل الإيراني بالشأن العراقي بخطط التعاون العسكري واللوجستي وفتح الحدود العراقية الشرقية أمام جيوش فيلق القدس الايراني والمعد أصلاً لمهمة السيطرة السياسية والأمنية على جميع المدن العراقية من العاصمة بغداد حتى آخر قرية في جنوب العراق ومهد الطريق أمام هذا الفيلق الإجرامي تسليم السلطة كاملة للأحزاب المذهبية الشيعية والكردية التي دخلت العراق برفقة دبابات الاحتلال الأمريكي والمعدة سياسياً وإجرامياً من قبل إطلاعات الإيرانية لتخريب دولة العراق العربية وإضاعة معالمها الدستورية بما يسمى بالعملية السياسية التي اعتمدت الطائفية والعرقية(أديولوجية) استعمارية وتحول مستقبل العراق السياسي يحدد ويرسم ويساوم عليه بين إيران وأمريكا!
قد يكون الملف النووي من أهم الأسباب لاستمرار الأزمة السياسية التي ترتفع حرارتها أحياناً من الدبلوماسية الأممية إلى التهديد بشن حملة عسكرية واسعة أمريكية إسرائيلية ولا يعرف اتجاهها ومصدرها فالمناورات الأمريكية تتركز على أساطيلها السابحة في مياه خليجنا العربي وأسراب الطائرات الإسرائيلية من النوع الحديث جداً (اف 15 واف 18) والمتحملة للطيران العالي والبعيد هذه الأسراب الخاصة تجوب سماء تركيا وتصل حتى الفاو في جنوب العراق وتعود لقواعدها في إسرائيل!
كل هذا التصعيد العسكري والدبلوماسي يقابله عدم مبالاة إيرانية بل عناد وتحد في التصريحات السياسية والعسكرية وبأن الصواريخ الإيرانية العالية الانفجار تستطيع إمحاء إسرائيل من الخارطة الجغرافية للشرق الأوسط وهذه التصريحات نفسها سمعناها من صدام حسين سابقاً والذي لا نتمناه ونخشاه أن يصبح خليجنا العربي مسرحاً لهذه الأزمة العسكرية وساحة عمليات بحرية وبرية لكلا الطرفين المتحاربين- لا سمح الله- وأمام هذا الحدث المريع نسأل أنفسنا نحن أبناء الدول المطلة على الخليج العربي المهدد من قادة إيران بتصريحات سياسية يطلقها الرئيس أحمدي نجاد وتزامنها أخرى عسكرية بتعريض كل (المناطق) التي تحمل صفة قواعد أمريكية أو تخدم المصالح الأمريكية بأنها ستكون تحت مرمى السلاح الإيراني!
ولابد من إدراك سخونة مياه خليجنا العربي والعمل على استشعار الموقف بعيون الذئب حين نومه وسرعة التجاوب مع ارتفاع وتيرة التصريحات المهددة للأمن القومي لمنطقتنا كلها، وقد تأتي إيرانياً بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة العالمية وتحويل الخليج العربي إلى بحيرة مغلقة لحصر الأساطيل الأمريكية داخلها وكسب موقع عسكري متقدم على ساحة العمليات، ويقابل ذلك خطط ومشاريع هجومية تحمل صفة المباغتة والسرعة من قبل الجانب الإسرائيلي لحماية دويلته من الفناء كما يتوعده القادة العسكريون الإيرانيون!
وقد تكون دول الخليج العربي خارج نطاق النزاع الايراني - الأمريكي - الإسرائيلي إلا أن الجغرافية السياسية لموقع الخليج كساحة ضيقة لهذه الأزمة وموقع تحرك القوات الأمريكية التي تخوض في مياهه الإقليمية في بعض هذه الدول المطلة على سواحل الخليج وقد قصدتها التهديدات الإيرانية إيماء وتحديداً، وأمام هذا الوضع المتأزم لابد من وقفة استشعار خليجية موحدة لإعداد خطة استراتيجية دبلوماسية ودفاعية لردع نتائج التحرك العسكري في منطقة الخليج إن حدثت - لا سمح الله - وأمام هذه الأزمة الإقليمية العالمية لابد أن يكون السرب الخليجي واحداً والجهود مكثفة وذات اتجاه واحد معتمدين على العلاقات الأخوية المميزة مع إيران وتوجيه هذه الجهود نحو إقناع المسؤولين في إيران باتجاه الحلول السلمية الدبلوماسية وتحويل ملفها النووي نحو الأغراض السلمية المشروعة وعدم تعريض المنطقة بأكملها بما فيها أرض ايران للخطر التدميري الذي يختلف إن حدث هذه المرة -لا سمح الله- فسيترك آثاراً فظيعة من الدمار البشري والخراب للمؤسسات الاقتصادية في كل المنطقة، ولابد من تحليل بعض التركيبات السياسية ومنها الهلال الشيعي المذهبي الذي يبدأ من طهران وينتهي جنوب لبنان وما يتبع هذا المشروع السياسي من تحالفات استراتيجية في آسيا وإفريقيا لغرض التوسع الفكري والجغرافي تحت شعار إملاء الفراغ مما يغير في ميزان القوى في المنطقة ولصالح دولة إيران، ولابد من تطويق هذه الأزمة ونتائجها والتحصن من نتائجها باتفاقات إقليمية استراتيجية دفاعية واقتصادية، وظهرت نتائج هذا الجهد الخير بما يخدم المصالح العليا لدول الخليج العربي متمثلاً بتوقيع الاتفاقية الاستراتيجية مع الدولة الصديقة تركيا.
في منطقتنا العربية لا نتمنى حدوث أي نزاع عسكري وبجوارنا الجغرافي سواء ضد الشقيقة إيران من قبل الإدارة الأمريكية أو هجمات إسرائيلية تورط شريكها الاستراتيجي أمريكا فيها بل نؤكد تمنياتنا وجهودنا من أجل تحصين منطقة الخليج العربي من كل ما يهدد شعوبنا ويؤثر سلباً على مسيرتنا الحضارية في التنمية الاقتصادية الشاملة ومصالحنا الوطنية العليا برأي حكيم وقرار خليجي موحد بإذن الله.
محلل إعلامي- عضو هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية