كان لي شرف التجربة في الإعلام المرئي من خلال برنامج حواري يبث من قناة الإخبارية باسم شركاء في التحدي، تتلخص فكرة البرنامج في أنه يسلط الضوء على تجربة رجل الأعمال والمراحل التي مرّ بها من خلال نجاحاته وإخفاقاته عبر أزمنة تلك التجربة، آخذين في الاعتبار الرؤية والاستراتيجية التي ينتهجها ذلك التاجر عن التاجر الآخر، وأتت فكرة البرنامج من خلال مقال كتبته عام 2004 وناديت بالاستفادة من التجارب المالية للبيوتات المالية السعودية وأن تُدّرس تلك التجارب في الجامعات والكليات والمعاهد المتخصصة، احتذاء واقتداء بما تقوم به دول أخرى من عرض تلك التجارب على أبنائها وبناتها للفائدة والخبرة والتجربة، كما يجب أن لا نتجاهل التجارب والمدارس الاقتصادية للعوائل الأجنبية بل يجب أن يكون هناك مزج بين التجارب المحلية والعالمية جنبا إلى جنب ليستفيد منها الدارس والقارئ والممارس..، إن إغفال تجربة كتجربة سليمان الراجحي ومحمد إبراهيم السبيعي وعائلة الجميح وتجربة عبد الرحمن الجريسي ومحمد عبد اللطيف جميل وعبد الرحمن فقيه ويوسف بن أحمد كانو وغيرهم كثير هي من تغييب وطمس للتاريخ الاقتصادي السعودي والقفز على التمرحل الذي مرت به تلك البلاد العزيزة على قلوبنا جميعا، ناهيك عن إغفال تجربة العائلة الخاصة، فأما ما يخص تجربة البلاد وبالذات التمرحل الاقتصادي الذي مرت به تلك البلاد منذ توحيدها وحتى يومنا هذا، فالجانب الاقتصادي من خلال استعراض تجربة رجال الأعمال هو جانب مهم في تاريخ تلك الدولة، فعندما تستعرض تجربة رجل أعمال فأنت بالتالي تعرج على فترات وحقب مرت بها تلك البلاد تطورا أو نماء ومن ثم رخاءً، أما التجربة الخاصة لتلك العائلة فهذا من باب رد الجميل لأهله وشكر من يستحق الشكر، وتلك البيوتات الاقتصادية يجب أن تذكر فتشكر لأن ما قامت به تلك العوائل هو من العمل الجبار الذي أسهم بشكل أو بآخر في بناء الاقتصاد الوطني الجزئي أو الكلي، واجزم هنا أن عرض وتدريس مثل هذه التجارب على الطلاب المتخصصين في دراسة إدارة الأعمال أو الاقتصاد أو من هم في حكمهم أو حتى غير المتخصصين سيستفيدون من تلك التجارب، وأهم الدروس التي اعتقد من وجهة نظري أنها جديرة بالعناية ان أولئك الناجحين من رجال الأعمال لم تكن الدروب ميسرة لهم أو ممهدة إنما كانوا يحفرون الصخر بأسنانهم وأظافرهم وانهم عانوا الكثير حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، والعجيب في الأمر أن أولئك التجار ورجال الأعمال على اختلاف تجاربهم وثقافاتهم لهم وجه آخر غير ذلك الوجه الذي يلقاك به في دائرة العمل ومحيط الاجتماعات، فعندما تتجاذب أطراف الحديث معهم ومن وراء الكواليس كما يقولون وقبل أن تدور الكاميرا حول ذكرياتهم وزملائهم ودراستهم وأحلامهم وآمالهم وحياتهم الاجتماعية تجد انك أمام شخص آخر متدفق بالعاطفة الجياشة والقلب الكبير وحب عمل الخير والمبادرة وكذلك تَلمَس نفس الإنسانية العالي في معظمهم فقد يبكي أحدهم من قصة عابرة في حياته السابقة، مما يدلل على العاطفة الجياشة والقلب الكبير وهناك قواسم نجاح مشتركة تجمع معظم أولئك الرجال تجعلهم في المصاف الأولى وعلى أعتاب المجد المالي والاقتصادي ومن أهم تلك القواسم المشتركة، المبادرة، والجد والاجتهاد، والصدق ووضوح الرؤية وتحديد الهدف والجسارة والاهتمام بالوقت والإنسان، ومن الطريف في الأمر أنني عندما عرضت الأمر على إجراء الحوارات مع رجال الأعمال كنت أؤمن أن مثل هذه الأعمال هي من الأعمال الشاقة المتعبة في آن وكنت اعلم تماما أنني احتاج إلى أمور عديدة أولها الصبر مع رجل الأعمال حتى ترتيب الموعد معه وكذلك إقناعه بالفكرة ومن ثم التصوير، كل تلك الأمور كانت حاضرة في ذهني ولم تغب عني لحظة إلا أن ما غاب عني ولم اعتقده أو أتصوره هو أن تسفه وتقزم هذه الخطوة من بعض رجال الأعمال وليس ذلك مرده للفكرة أو شخصي المتواضع ولكنها ثقافة تمكنت من بعض رجال الأعمال وخاصة في المنطقة الوسطى، إذ إن معظمهم يعتقد انه لا يملك تجربة تستحق التوثيق أو الظهور الإعلامي أو حتى الحديث عنها، هذا إذا عرفنا أن معظم أولئك التجار بدأوا من تحت خط الفقر وهم الآن يملكون عشرات المليارات وهم معظم التجار الذين قابلتهم، لذا فقد واجهتني مصاعب ومتاعب لم أكن أتخيلها أو تخطر على بالي، ختاما قبل أن انهي مقالي هذا اشكر كل من كان داعما لي في هذا البرنامج وأتمنى أن يوثق هذا البرنامج من خلال كتاب يظهر للجميع ويستفيد منه الجميع المختص وغير المختص، كما آمل من القراء والمتابعين للبرنامج أن لا يبخلوا علينا بآرائهم وأفكارهم التي هي وقود نجاحنا ومداد استمرارنا.
* كاتب سعودي
Kmkfax2197005@hotmail.com