«الجزيرة» - الرياض:
عرض التلفزيون السعودي عبر قناته الأولى مساء أمس (الاثنين) الجزء الثاني من حلقة (المصير) ضمن سلسلة حلقات برنامج همومنا. وكانت هذه الحلقة الحادية عشرة ضمن سلسلة الحلقات التي غطى فيها التلفزيون واقع ومصير الشباب الذين غرر بهم للذهاب إلى مناطق الفتنة والصراع، وكشف في هذه الحلقة أحد الموقوفين عواقب الحماس والاندفاع، وكيف آلت أحوالهم على يد الجماعات المتصارعة والفتن القائمة في العراق، كما كشف الموقوف أبو محمد كيف تم استقبالهم عبر الحدود وتدريبهم في ظروف سيئة للغاية، ثم كشف كيف أُخذت منهم البيعة، وكيف أصر قادة الجماعات المسلحة هناك على أن دور السعوديين هو القيام بمهام انتحارية فقط.. شارك في مناقشة محاور الحلقة كل من دكتور علي الزهراني الاستشاري النفسي بكلية الطب وعضو لجنة المناصحة، والشيخ الدكتور سليمان العيد رئيس قسم الثقافة الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود.. حيث سلطا الضوء على الدوافع النفسية والشرعية ومشكلات عدم الفهم الشرعي للنصوص، الأمر الذي يدعو الشباب إلى عدم التفريق بين ما هو صحيح وما هو مضلل نتيجة عدم الرجوع للعلماء.
وفي بداية الحلقة تطرق مقدم البرنامج إلى أن واقع المصير في رحلة الشقاء يخلق للمندفعين عوالم غامضة، فأصبحوا بين مطرقة التغرير بهم نحو المجهول وسنديان عقوق الوالدين وجحود الوطن, كيف نجعل من ندم التطرف وحسرة التشدد جسراً للعبور نحو رحابة الدين والطمأنينة.
ورحب بضيوفه الذين يشاركون في هذه الحلقة؛ وهم الأستاذ الدكتور سليمان العيد رئيس قسم الثقافة الإسلامية في جامعة الملك سعود، أهلاً بك, أيضاً معنا دكتور علي الزهراني أستاذ مساعد بكلية الطب وعضو لجنة المناصحة, أيضاً معنا أبو صالح وهو أحد الشباب الذين كانت لهم تجربة، وينضم إلينا أبو محمد وهو من الشباب الذين يشاركنا مشكوراً في هذه الحلقة، وهو صاحب تجربة أيضاً، أهلاً بك.
دكتور علي سنعلق بالتأكيد على ما ورد في الجزء الأول، ولكن هناك محور هام جداً ألا وهو الحماسة والاندفاع من خلال معايشتك لواقع المناصحة (5 سنوات) كيف رأيت أن الحماسة والاندفاع أثرت على هؤلاء الشباب وغررت بهم وجعلتهم يلتحقون بجماعات التشدد؟ والحقيقة أنا كنت ودي أعلق في البداية على ما أثاره الأخ عبدالرحمن لعله يستمع لنا اليوم إن شاء الله.
المقدم: ونُذكّر السادة المشاهدين أن الأخ عبدالرحمن الحويطي تحدث عن أنه تأثر كثيراً بسبب الرسوم المسيئة للنبي - عليه الصلاة والسلام- وذهب لمناطق الصراع أو تدريب بقصد الذهاب إلى مناطق الصراع بغية نصرة الدين.
د. علي الزهراني: الحقيقة هو أثار مواضيع, هذه المواضيع تثيرنا كمسلمين - بلا شك- يعني واللي هي طبعاً يعني تدنيس المساجد وإهانة المصاحف، بل إنه كذلك الرسوم المسيئة للمصطفى عليه الصلاة والسلام هذه بلا شك أثارت الكثير من المسلمين وغالبية المسلمين في الحقيقة, لكن هذه الأشياء اللي نشاهدها يومياً في وسائل الإعلام تقريباً هي الحقيقة أثارت لدينا ما يعرف بالتدين الانفعالي أو خلينا نقول التدين كردة فعل التدين كوسيلة دفاعية أو حيلة نفسية بمعنى أن هذه الثلاثة الأشياء وهي طبعاً تعريفات نفسية هي إنه تجد الشخص فجأة يندفع هو كان في أقصى اليسار يعني كان مسرفا على نفسه وفجأة بسبب هذا الحماس غير المنضبط اتجه إلى أقصى اليمين وصار متطرفا في هذه النقطة وإلا في الواقع ما بعد كما يقول المشايخ طبعاً (ما بعد الكفر ذنب)، يعني شخص كافر ماذا تتوقع من هذا الشخص؟ هذه الحقيقة الغيرة غير المنضبطة, الغيرة حقيقة هي التي جعلت الشباب يصلون إلى مناطق الصراع, بل إنه يقال في هذه الأشياء هي في الواقع تخطيط استخباراتي لجذب هؤلاء الشباب إلى أماكن الصراع ومن ثم التخلص منهم, هذا من الأشياء المهمة, وهذا سبب مقنع, وهناك أسباب أخرى أن الشاب السعودي للأسف ينتقل من بلده إلى أماكن الصراع لمساعدة أولئك الناس ولكن في الواقع يواجه بإحباطات ويواجه بأشياء تخذله في الواقع لأنه هو هنا كما تحدثت في الحلقة الماضية إن قادة هذا الفكر يركزون على الخصائص النفسية لهذا الإنسان, فيتحدثون عن أن هناك سيصبح هذا الإنسان قائدا وهي سمة من سمات المراهق ويشبهون ذلك ببعض القادة بمثل الخطاب في الشيشان وتلك الصور التي كانت تثار عنه, وكذلك بالنسبة لتلك المناطق هناك وزراء أحياناً يصنفون في هذا التخطيط كوزراء المالية ويجمعون مبالغ مالية من أماكن مختلفة حتى النواحي الجنسية يحاولون هؤلاء الناس معالجتها وإنه هناك أخوات لنا اغتصبن من قبل القوات الأجنبية, ونحن - إن شاء الله- يعني نريد أن نتزوج ونستر على أخواتنا, إذاً هذه المواضيع حلت بالنسبة لهذا, ولما يوصل إلى منطقة الصراع وهذه المشكلة إنه خروجه من الحدود يواجه مشكلة مثلما تحدث زميلنا وأخونا في المرة اللي راحت إنه أول شيء رهنوا الجواز كوسيلة ضغط على هذا الإنسان.
المقدم: ويعني فقدان للهوية أيضاً؟
د. علي الزهراني: نعم إنه ما في خط رجعة بعدين, لما يوصل هناك في تلك المناطق أو كل ما يلحق بمدرسة هذه المدرسة تعلمهم بعض الأساسيات وهنا الخطورة تعلمهم اللهجة.
المقدم: اللهجة!!!
د. علي الزهراني: لهجة المنطقة لماذا؟ لأنه غير مرغوب فيهم, ولذلك بمجرد ما يعرف من اللهجة إنك من هذا البلد يطلق عليك وهابي وهذا يعتبر في الواقع محبطة وبالنسبة لك ولذلك يحاولون إنهم يعالجون هذه القضية النقطة الثانية قضية اللحية لابد أن تتخلص من لحيتك هناك كي لا يتعرف عليك أيضاً، يعني بعضهم قال أنا في كل مكان أواجه ناس - يعني زي ما تقول- ينعتونني بالوهابية, فكيف أنا أجي إلى هذه المنطقة للمساعدة ثم أجد نفسي في نهاية المطاف منبوذا من هؤلاء الناس, النقطة التي أضرب مثل في هذا - لو سمحت لي في هذه النقطة المحبطة- مثلما قالها أحد الإخوان اللي قابلناه إنه أنا الآن جيت أساعد هؤلاء الناس وهم وضعونا - هو كان يصفها- هو يصفها بهذا الشكل- وضعونا في زريبة كالخراف ويأتي أحدهم كل 25 يوم ما يعطونا حتى رشاش، كل 25 يوم يجي أحدهم يختار منا يطالع فينا ويختار شخص.
المقدم: لأي غرض يختاره؟
د. علي الزهراني: للتفجير لأنهم يقولون إن الوهابيين هم اللي لديهم القدرة على التفجير, والمنطقة الخضراء هذه لا يستطيع أحد يوصلها مثلما قال أحد المسؤولين الأمريكان تستطيع أن تتعامل مع دول ولكن لا تستطيع أن تتعامل مع شخص مقبل إليك مسالم تعتقد أنه ليس لديه الرغبة في التفجير وفجأة يفجر نفسه, النقطة المهمة في ذلك - إذا سمحت لي- كانوا أحد المجموعة في إحدى اللي سماها حظائر وكان لديهم شايب في تلك المنطقة فشاهد أحد الشباب تلك المنطقة بالحراث فقال تصور إنه هذا الإنسان قبل ما تدخل القوات الأجنبية إلى هذه الديار كان لا يملك من حطام الأرض إلا قطعة أرض صغيرة الآن كما ترى لديه فدادين ولديه حراث.
المقدم: والسبب في هذا؟
د. علي الزهراني: هاجيك السبب فانتبهوا منه فيقول إحنا أخذنا بدأنا نتساءل كيف إحنا جئنا من بلداننا نحمي هؤلاء الأشخاص وهم يخونوا بلدهم وبينما إحنا نتحدث بعد غروب الشمس وإذا بطلقات نارية موزونة، ففجأة هاداك الشايب اللي كان يسكن في طرف المزرعة يأتي مهرولاً واطلعوا من المزرعة بدون نقاش اطلعوا بسرعة يادوب وصلوا إلى طرف المزرعة وإذا بالقوات الأجنبية تضرب ذاك المكان.
إذاً هذا الإنسان أبلغ عنهم، ولو أتينا في الواقع للدفاع عنهم وإذا هو يخون بلده، هنا نريد أن نوضح للناس هم أصلاً قادرين على حماية أوطانهم وبالتالي لماذا نشوه سمعة بلدنا بالتوجه إلى أوطان غير مرغوب فينا.
المقدم: طيب دعنا نستمع إلى أبو محمد, أبو محمد أنت صاحب تجربة نود أن تذكر للسادة المشاهدين التجربة التي مررت بها.
طبعاً أول ما دخلت العراق أنا كان معي تقريباً (3 أشخاص) وكنا (4 أشخاص) تقريباً فاستقبلنا أحد الأشخاص عند الحد.
المقدم: هل وجدتم صعوبة في الطريق؟
أبو محمد: فيه صعوبة كثيرة.
المقدم: ماذا وجدتم؟
أبو محمد: انتقال في الصحراء من منطقة إلى منطقة وكانت في المنطقة مطوقة قبل الأمريكان، صعوبات كثيرة تقريباً من هذا القبيل.
المقدم: وهل كانت تتم عبر أكثر من وسيط أم وسيط واحد؟
أبو محمد: لا في تنسيق من شخص لشخص لشخص تقريباً، ومن سيارة لسيارة لسيارة ولما وصلنا أحد البيوت تقريباً، أخذوا منا بيعة اسمها بيعة الدولة الإسلامية.
المقدم: وصلتم إلى بيوت داخل العراق؟
أبو محمد: إيه تقريباً.
المقدم: ما هي هذه البيعة اللي أخذوها منكم؟
أبو محمد: السمع والطاعة.
المقدم: لمن السمع والطاعة؟
أبو محمد: إلى أبو عمر البغدادي.
المقدم: من يكون هذا الرجل؟
أبو محمد: أمير الدولة التي سماها الدولة الإسلامية العراقية.
المقدم: منحتموه الولاء والطاعة وأن تكونوا معه في صفه؟
أبو محمد: في صفه ونطيعه في كل شيء, خيرونا وقالوا فيه مقاتل وفيه استشهادي بس حالياً ما نستقبل أي شيء لا مقاتل ما نستقبل مقاتلين.
المقدم: هل قابلتم هذا الرجل الذي ادعوا أنه زعيم هذه الدولة؟
أبو محمد: لا, وسيط.
المقدم: وسيط!!
أبو محمد: وسيط، فقالوا حالياً ما نستقبل مقاتلين نستقبل انتحاريين فأنا كنت كاره الشيء هذا تقريباً لكن اضطريت إني..
المقدم: تقبل!
أبو محمد: إيه, أقبل.
المقدم: ليش اضطريت؟
أبو محمد: ما في مجال دخلت العراق والجواز كان أخذوه يعني لما كنت في سوريا, ما في, مجرد إنك تقول بترجع هادا هو والسبب مشكك كبير يعني عندهم ليش بترجع.
المقدم: يعني أنت وافقت على القيام بعملية انتحارية لأنك غير قادر على العودة أو لأنك تمر بظروف وضغوط نفسية وافقت...
أبو محمد: ظروف كل ظروف وضغوط نفسية, وكيف ترجع.
المقدم: إيش أبرز الضغوط النفسية اللي تعرضت لها وخلتك توافق إنك تقوم بعملية انتحارية؟
أبو محمد: السبب الأول زي ما قلت لك صعب الرجوع وثانياً إنه في هناك حرب مشتغلة, تطويق مناطق, قتل لأهل السنة في العراق, في عمليات قتل من قبل الإرهابيين, في قتل, هذا أحد الأسباب تقريباًَ اللي خلتك تتراجع اللي أنا كنت أتمنى أن أقاتل أمريكا فقط لا غير يعني.
المقدم: هذه الضغوط جعلتك تقدم على عملية انتحارية؟
أبو محمد: إيه.
المقدم: ما الذي تم عندما وافقت؟
أبو محمد: تسجيل الكنية, تسجيل الكنية والعمل.
المقدم: كيف تسجيل العمل؟
أبو محمد: يعني إيش اسمه قالوا إنك انتحاري واسم الكنية كذا وراح نزلك منطقة معينة وهم يدبرونك هناك.
المقدم: هل كانت هناك قوائم لمن يوافقون بعمليات انتحارية وأدرجوك ضمن هذه القوائم؟
أبو محمد: إيه في قوائم وكل قائمة لحال تقريباً هذه صفحة كاملة مثلاً.
المقدم: فيها سعوديين كثير؟
أبو محمد: فيها سعوديين أغلبهم سعوديين اللي بيقوموا بعمليات انتحارية.
المقدم: كم؟
أبو محمد: أغلب اللي يقومون بعمليات انتحارية سعوديين.
المقدم: طيب بعد ما وضعوا اسمك في هذه القائمة ما الذي حدث؟
أبو محمد: أرسلوني لإحدى المناطق أنا والأشخاص اللي معايا, تفرقنا طبعاً فرقونا بحسب حاجة المناطق.
المقدم: إلى أي منطقة أرسلت؟
أبو محمد: إلى صلاح الدين وجلست في صلاح الدين مع عراقيين انتحاريين.
المقدم: في مخيم أم في منزل؟
أبو محمد: لا في منزل انتظر العملية.
المقدم: تنتظر من يكلفك القيام بها؟
أبو محمد: أيوه
المقدم: هل دربوك على القيام بها؟
أبو محمد: لا الانتحاري ماله أي عمل، ماله تدريب، ماله أي شيء بس عنده عملية وإن أجت عملية يرسلونه ويفجر نفسه.
المقدم: كيف كانت حالتك النفسية وأنت تنتظر من يأتي ليقول لك اقتل نفسك؟ كيف حالتك النفسية وقتها؟
أبو محمد: في البداية ما كانت حالتي النفسية فيها ذاك التأثر ولكن بعد ما عشت أنتقل من منطقة لمنطقة إلى أن وصلت إلى البيت الأخير بدأت حالتي النفسية تستاء أكثر خاصة القتل اللي يصير في أهل السنة من الإرهابيين, الشعور الأخير كان في خوف.
المقدم: بديت تخاف؟
أبو محمد: جداً وتمنيت ما أقوم بعملية وتمنيت إني أحول مقاتل لكن ما في مجال.
المقدم: قلت لهم أبغى أتحول مقاتل؟
أبو محمد: لا مستحيل مجرد أن تقول لهم هذا يسبب مشكل ليك ليش أنت طلبت انتحاري وبعدين مقاتل وفي سبب معين.
المقدم: جلست في أحد البيوت؟
أبو محمد: جلست مع العراقيين جلست أنتظر العملية.
المقدم: كم دام وقت الانتظار؟
أبو محمد: شهر تقريباً.
المقدم: شهر!!
أبو محمد: شهر طبعاً الشهر هذا انتقالي.
المقدم: ما الذي جرى في هذا الشهر انتقالات؟
أبو محمد: انتقالات من منطقة لمنطقة, منطقة تكون ساقطة في أيديهم وتحت أيديهم يحتلونها.
المقدم: تحت أيدي ما يسمى بالدولة؟
أبو محمد: إيه الدولة يجوون الأمريكان ويأخذون المنطقة.
المقدم: كيف كانت تنقلاتكم تتم؟
أبو محمد: بالسيارة بالسيارات من سيارة لسيارة.
المقدم: وأنتم كنتم مسلحين أو غير مسلحين؟
أبو محمد: لا بالعادة يكونوا مسلحين في المنطقة اللي كنت فيها أنا كانت منطقة صحراوية فالسلاح عادي شيء طبيعي هناك ما رحت منطقة الصراع الأكبر اللي هي منطقة بغداد كنت في منطقة صلاح الدين.
المقدم: واستمريتم شهر في تنقلات مختلفة؟
أبو محمد: واستقريت في البيت الأخير في المنطقة اللي كانت آمنة بالنسبة لهم أنتظر موعد العملية.
المقدم: في نفس منطقة صلاح الدين أيضاً؟
أبو محمد: حواليها لما جاء موعد العملية طلعوا, كانوا عندي عراقيين أحداث طبعاً يعني صغار في السن يسمونهم أحداث، خرجوا قبل بيوم تقريباً, لما خرجوا في اليوم الثاني استدعوني قالوا عندك واجب، يسمونه واجب، سألتهم إيش الواجب وين مكانه بالضبط إيش الوضع قالوا ما تسأل شيء ما لك أي حق مجرد إنك نوصلك وبعدين إذا جاء موعد العملية تقدم عليها, المسؤول عني أمير سلمني لأحد الأشخاص العراقيين، أحد العراقيين هذا سلمني بدوره للشرطة العراقية بالاتفاق مع الأمريكان والشرطة العراقية سلمتني للقوات الأمريكية.
المقدم: يعني أنت كنت ذاهب لعملية انتحارية ولكن تفاجأت؟
أبو محمد: ما كان نفس اليوم بس أنتقل من المنطقة هادي وفي المنطقة هذه تكون تفاصيل العملية.
المقدم: ولماذا سلموك للشرطة؟ يتكسبون مادياً؟
أبو محمد: إيه يتكسبون مادياً.
المقدم: باعوك؟
أبو محمد: نعم.
المقدم: تعرف تفاصيل هذه البيعة كيف تمت؟ كم المقابل؟
أبو محمد: لا للأسف لكن..
المقدم: ما الذي تم بعد ذلك؟
أبو محمد: اعتقلت عند الأمريكان وجلست عندهم تقريباً (7 شهور) تحقيق وبعدها استلمتني الحكومة.
المقدم: أبرز هذه الـ(7 شهور) كيف مرت عليك؟ كيف قضيتها؟
أبو محمد: صعبة جداً خصوصاً لما خرجت ما عندي أرقام أهلي, مشتت فكرياً، في غربة، وجيت في بلاد تنصرهم وخانوك, وكانت كل العوامل تقريباً محبطة لك, مؤلمة, في النهاية بدت حالتك النفسية تستاء.
المقدم: متى اكتشفت أنها خدعة وأنت كنت مندفعاً نوعاً ما؟ متى اكتشفت عندما وقعت في الأسر؟
أبو محمد: عندما وقعت في الأسر وقعت في الأسر وأيضاً قبل الأسر, آخر الأيام حسيت أنه في فرقة ولكن صعبة أنك تطلع من العراق وترجع إلى سوريا وهذه أصعب شيء أنك تنتقل من العراق إلى سوريا وتسلم نفسك لبلدك كانت صعبة جداً يعني.
المقدم هل قمت بعمليات طيلة فترة بقائك في العراق؟
أبو محمد: الانتحاري ماله أي عمل, عمله بس الموعد المحدد اللي يجي فيه ويفجر نفسه.
المقدم أبرز الأشياء التي شاهدتها هناك وقام بها سعوديون أو شاهدت الشباب السعوديين هناك الذين ذهبوا إلى مناطق الصراع وتعرضوا لها؟
أبو محمد: أنا ما شفت حقيقة ولكن سمعت أنه يعني في سعوديين بيرجعون ولكن ما رجعوهم.
المقدم: ما استطاعوا؟
أبو محمد: ما استطاعوا.
المقدم: ليش؟
أبو محمد: ما أدري ليش بالضبط وإيش السبب ما رجعوهم يمكن من ناحية أمنية أو من ناحية ثانية ما أدري بالضبط, قتل يعني في قتل لأهل السنة في العراق, قتل عشوائي, عملية مثلاً تفجر مكان يكون مثلاً فيه أمريكان ويكون حواليه مثلاً بيوت لأهل السنة فيتم قتلهم.
المقدم: وأنت تعاطفت مع هذا الجانب ولابد أنك تقوم بالواجب هناك ما حفزك ودفعك لهذا الشيء؟
أبو محمد: إيه.
المقدم: طيب الـ(7 شهور) اللي قضيتها في السجون, صف لي هذه الـ(7 شهور) ما هي الظروف التي عشتها؟
أبو محمد: ظروف سيئة يعني, تحقيق تحت أمريكان, ما مسوني بأذى لكن الضغط النفسي إنك راح تعدم, وراح تسلم لوزارة الداخلية يسمونها الشعبة الخامسة علماً في سعوديين مسلمين هناك.
المقدم: الوزارة تقصد العراقية؟
أبو محمد: العراقية ويقولون إذا ما تعاونت معانا راح نسلمك لوزارة الداخلية، أنت وهابي، ومن هالكلام, وضغوط كثيرة وما تشوف أهلك أبداً, وراح تجلس فترة طويلة سنوات وبعدين راح نعدمك وراح تجلس في السنوات هادي في وزارة الداخلية وكلها كانت ضغوط يعني.
المقدم: أمام هذه الضغوط النفسية كيف كنت تتعامل معها؟
أبو محمد: مالي أي حيلة، أتعامل معاهم باللي يريدونه يعني.
المقدم: ظروف السجن كيف كانت؟ انفرادي أم مجموعة من الشباب؟
أبو محمد: كان انفرادي، انفرادي تحقيق وبعدين انتقلت للجماعي عندهم سجون متعددة وعندهم سجن واحد رئيسي.
المقدم: انتقلت في أكثر من سجن؟
أبو محمد: إيه.
المقدم: كم سجن؟
أبو محمد: تقريباً 3 سجون تقريباً، سجن يسمى أول القاعدة والتحقيق فيه تحقيق مبدئي ثم الانتقال لقاعدة اسمها قاعدة بلد وتسمى المحاجر، فيها محاجر البيض أي يكون الباب أبيض وفي نور خافت أبيض خفيف والغرف سوداء كلها تقريباً مظلمة وتكون تحت التحقيق وبعد ما تخلص تحقيق تنتقل إلى الجماعي, والجماعي أسوأ بحيث إنه هناك الظروف سيئة، خيمة حطينك في خيمة 24?24 تقريباً أنت والناس اللي معاك، مالك أي حقوق، بعدها تسلمت إلى الحكومة.
المقدم: هل شاهدت شبابا سعوديين في السجون الأمريكية؟
أبو محمد: شاهدت.
المقدم: كيف كانت ظروفهم؟
أبو محمد: جداً سيئة يتمنوا لو يرجع الزمن إلى ورا ما عادوا الكرّة بسبب اللي شافوه وخصوصاً في ناس لهم سنة سنتين ثلاث سنوات أربع سنوات تقريباً.
المقدم: في السجون؟
أبو محمد: إيه لكن ما لهم حيلة يعني.
أبو محمد: في أعمار من 20 إلى 26 وفي من 30 وفوق، أغلب الشباب اللي في العشرينات تقريباً حالتهم سيئة حيل.
أبو محمد: النفسية إيه تفكير, حتى إن بعضهم كان بدو يقدم على الانتحار بسبب الظروف اللي هو عايشها وبسبب بعده عن أهله.
شباب مؤمنين يقتلون أنفسهم يقدمون على المخاطرة والمغامرة, كيف نقنع هؤلاء الشباب بأن ما يقومون به خطاء.
الشيخ سليمان: كثيرة يعني هناك نصوص من القرآن ومن السنة تحذر قتل النفس البشرية المعصومة وكذلك تحرم قتل النفس (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، وبعدين كما قال الرسول - عليه الصلاة والسلام- يعني في ذلك الذي يقتل نفسه، فمن قتل نفسه بحديدة فيأتي وحديدته في يده ويرمى بها وهو خالد مخلد في النار، وكذلك من تردى في جبل وهو في النار يتردى فيها خالد مخلداً في النار، وكذلك من أحرق نفسه بالنار فالله يستمر في إحراقه، يعني هذه تدل على تحريم قتل النفس سواء كانت نفس الإنسان وهذا يعني أمر أشد كما ورد في الحديث، أيضاً الحديث القدسي: (بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة)، يعني الإنسان الله سبحانه وتعالى جعل له كونه يقدم على مثل هذا العمل ويبادر هو إلى مثل هذه العملية فهو كأنه بادر إلى قتل نفسه، ماذا يقول، حرمت عليه الجنة يعني لو رجعنا إلى الوراء إلى تاريخ الأمة الإسلامية ألم يجاهد الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ ألم يجاهد صحابته الكرام؟ ألم يجاهد التابعون من بعدهم؟ هل كان في جهادهم شيء من هذا الأمر؟ وبعدين مثلما ذكر الشاب كونه بايع لإنسان، بايع لإنسان لا يعرفه ولا شافه ولا يدري ما هو؟ يبايعه على ماذا؟ يبيع نفسه لمثل هذا الأمر، حقيقة إن الأمر خطير لكن المسألة مصير، يعني هي نهاية حياة من جانب وياريت نهاية الحياة ما تنتهي فقط عند الإنسان يموت وينتهي ما بعد ذلك إيش إما جنة أو نار, المسلم هو الذي يفكر في ذلك المصير البعيد وغير المسلم ما يفكر إنه هناك يوم القيامة ولا يفكر إنه في بعث، ما يفكر إنه في هناك جنة ونار, لكن الإنسان المسلم هو الذي يفكر في أقواله، يفكر في أفعاله, يفكر في كل ما يصدر عنه من تصرفات, ماذا سيؤدي به ذلك الأمر إلى ذلك المصير الذي سيلاقيه.
المقدم: طيب دعني أعود إليك أبو صالح تحدثت في الحلقة الماضية عن تجربة، دعنا نتحدث عن الجزء الثاني أو المرحلة الثانية في تجربتك وهو الانتقال الثاني أو التحول الثاني، تحدثت عن البدايات دعنا ننتقل إلى ما أتى بعدها.
أبو صالح: بدينا في الحلقة السابقة عن الشكليات وقلت إنه بداية اتجهنا إلى تيار معين كان في ذلك المجتمع وهو موجود إلى الآن في المجتمع نحن نبحث عن الأسباب في أرض العراق نبحث عن الأسباب في الشيشان نبحث عن الأسباب في أفغانستان, من 20 سنة نبحث عن الأسباب التي قادت الشباب والأسباب موجودة في داخل المجتمع في الأرضية في التربة موجودة.
أبو صالح: قلنا -لأن الإخوان تكلموا قالوا الحماسة والأناشيد، الأشرطة الأناشيد اللي أخذها أخونا موجودة في داخل التسجيلات المصرح لها، الناس اللي يحرضون الآن على الجهاد والأشرطة الموجودة على الإنترنت لو بحثنا في الرموز الموجودة تبدأ أصواتها والمواد المختارة منها لوجدناهم موجودين وإلا بالعكس الناس موجودين، منهم الآن موجود على قائمة (آور) الألمانية لمشاهير الأثرياء الآن. هؤلاء الناس الموجودين إلى الآن هي الأسباب الحقيقية للذهاب إلى مناطق الصراع إذا كان إنسانا إحنا الآن نروح نعد فيه كم نفر مات؟ كم ضحية؟ كم ضحية خرجت؟ كم ضحية موجودة الآن داخل السجون؟ من الذي دفع بهؤلاء الناس من 20 سنة إلى هالحين هو موجود في مجتمعنا ومصرح له للأسف ولكنهم يركبون الموجة، هناك من يركب الموجة إذا كانت المسألة طنطنة إلى أفغانستان طنطنوا وحماسة وكانت أفغانستان بلد الكرامة والعزة والبطولة واستغلوا الرعاية الرسمية ولعلها كانت من الأسباب التي جعلت كثيراً من الشباب يتجهون إلى مناطق الصراع, إنه كان في رعاية رسمية من الدولة لهذا المكان إغاثياً لأفغانستان، هم استغلوا له وركبوا الموجة بحماس في ذلك الحين بقصائد ونفس المجموعة عندما بدأت الشيشان هي اللي كانت تدعو إلى الشيشان وعندما انتهى الأمر وصار العراق الآن هم الآن رجعوا، الآن مرحلة التي أرادت أن أتكلم فيها الآن إني أقول إنه المرحلة الثانية من مراحل التحول في حياتي هي مرحلة الفئوية لو جينا قسمنا المجتمع إلى مجتمع إسلامي وفئوي.
أحد الموقوفين: إنهم كانوا يفعلون أمورا تنافي من يقول أو يدعي بأنه عبد لله وطايع لله، من بعض الأمور كانوا يتكلمون عن النساء وكانوا يناظرون النساء في التلفزيون ويتغزلون فيهن.
أحد الموقوفين: لاحظت كلها بيوت وجابولي رشاش وقالوا هذا رشاش نظري فكه وركبه قدامي قال هذا رشاش, قلت طيب أبغى سلاح شخصي لي، قالوا لا يكفي إيش مع واحد رشاش هذا يكفي اللي معاه سلاح، طبعاً السلاح هذا الرشاش هذا قديم ومغبر وحالته حالة, قعدنا في البيوت هذه تقريباً ويشيلوني من بيت لبيت والقصف شديد، طبعاً القصف عنيف جداً يعني الأمريكان ما خلوا بيت إلا قصفوه الظاهر، ولاحظت أنه الشغلة بدل ما إحنا نكون نهجم على الأمريكان ونخليهم يشردون طلعوا الأمريكان اللي هم يقصفون ويقتحمون فأنا شفت الوضع ما هو طيب الشغلة بيع وشروة على قولهم وكلام أبوالعباس طلع هذا ولا شيء وحجروا بيوتهم زي النسوان.
أحد الموقوفين: قصفت في نفس المنطقة عن طريق قصف بالطيران يعني يمكن لحظة القصف أغمي علىّ وتم نقلي للعيادة، عيادة طبية بسيطة، يعني تقريباً غرفة صغيرة, بعد نقلي يعني صحيت في العيادة وكنت أنزف وكنت متألما ألما شديدا, سبحان الله كان الشخص اللي وياي سعودي، توفي، قتل والشخص الثاني اللي كان وايانا ما قتل كان طيب, وأنا كنت مصابا يعني إصابة بالغة, سبحان الله نفس اللي كان في العيادة يعني دخلنا يمة وبعد ما صحيت سمع صوت قصف مرة ثانية في نفس المكان اللي كنا فيه، خاف, ورتاع، يعني كان يتوقع إنه الأمريكان يجووا يشيلونا، يشيلونا إحنا وإياه وصار همه الوحيد التخلص منا، يعني كنت أنا أتألم وأسمع يطرد الموجودين ويعني وشافني مصاب وأنزف، قام بخياطة رجلي, خياطة الإصابة فقط وكان يعني يلم الشظايا ويلم المكسور ويعني كانت واضحة كان بإمكانه يطلعها وينظفها.
أحد الموقوفين: أخذوا الجوازات منا وجعلوها لديهم وطلبتها وألحيت عليهم بهذا الشيء بأن يحضروها لي فقال لي: حسناً أخبر أنا من هو أعلى مني, وأرد لكم خبراً قلت لا أخرج من بغداد إلا بجواز سفري, احضروا لي الجواز كما أنكم كنتم تقولون أنه سوف يكون أمانة لديكم فإني أطلب أمانتي وتردوها إليّ.
المقدم: صور مأساوية يتعرض لها الذاهبون إلى مناطق الصراع, د. علي أعود لك لابد أن نستمع منك تعليقا حول هذه الصور، أمور تنافي الإسلام أحياناً تجد الشباب الذاهبون إلى هناك, هناك واقع مر لبيع وشراء الشباب كيف تعلق على هذه الأمور التي تحصل؟
د. علي: أصبح الآن تجارة مثلاً النقل سواء النقل بالسيارات أو النقل البحري أحياناً في بعض الأنهار الموجودة في أماكن الصراع بل إني سمعت إنه بعض الإخوان تخلص من النقل وصار يشتغل في بيع السعوديين هذه كارثة لأنه أصبحت تجارة مربحة مادري الإنسان الشباب السعوديين يعني هل يريد أن يصبح يعني مثل الخراف تباع للقوات الأجنبية, لابد الحقيقة من تنبيه الإخوة، تنبيه للوالدين تنبيه للإخوة الشباب الصغار في السن, هناك حلول يمكن أن أتحدث عنها لاحقاً، لكن هذه باختصار أردت أوصل هذه الرسالة من خلال تجربة أن هؤلاء للأسف أصبحوا فريسة سهلة وأصبحوا للأسف هناك من يروج له داخل المملكة وهناك من يروج كذلك خارج المملكة لإيصالهم إلى أماكن الصراع ونحن ضحية سواء سمعة بلدنا هي الضحية في هذا الصراع.