الرياض- عبدالله البراك - عبدالرحمن السهلي - عبدالله البديوي
عصف إعصار (ليمان) بأسواق العالم ولم تسلم منه الأسواق العالمية والأسهم والعربية والخليجية إضافة إلى أسواق النفط التي افتتحت جلساتها اليوم على خسائر فادحة وسيناريو لا يمكن أن يكون هناك أكثر تراجيدية منه. جاء ذلك في أعقاب الخبر الفاجعة والقادم من الاقتصاد الأمريكي الأكبر في العالم عندما أعلن (ليمان بروذرز)، رابع أكبر بنك استثماري أنه سيتقدم رسمياً بطلب الحماية من الإفلاس بعد أن فشلت جميع المحاولات لإنقاذ البنك الذي يبلغ عمره نحو 158 سنة، وذلك جراء الخسائر الجسيمة التي تعرض لها نتيجة لاستثمارات متعلقة بالرهون العقارية وبذلك تستمر الأزمة الاقتصادية العالمية التي ابتدأت منذ العام الماضي ولا زالت آثارها تزداد - فيما توقع (الن جرنسبيان) رئيس البنك المركزي الأمريكي السابق والمسمى بكبير الاقتصاديين الأمريكيين استمرار آثار الأزمة التي وصفها (بأكبر أزمة اقتصادية يواجهها العالم منذ حوالي 90 سنة). وعلى الناحية الأخرى، قال (بنك أوف أمريكا) الذي يعد واحدا من أكبر البنوك التجارية في أمريكا أنه تقدم بعرض لشراء (ميريل لينتش)، ثالث أكبر بنك استثماري في أمريكا، في صفقة تبلغ قيمتها 50 مليار دولار. وتأتي هذه الأنباء بعد 14 شهرا من بدء أول شرارة لأزمة الرهون العقارية وبعد 6 أشهر من انهيار (بير ستيرنز)، خامس أكبر بنك استثماري في أمريكا.
وأقر البنك الاحتياطي الأمريكي مساء الأحد تمديد خطة لمنح تسهيلات ائتمانية للمؤسسات المالية وذلك لغرض تهدئة الأسواق مع إعلان (ليمان بروذرز) الإفلاس، وهي التسهيلات التي كان الاحتياطي أقرها لأول مرة بعد انهيار (بير ستيرنز) شهر مارس الماضي. وتتيح هذه الخطة للمؤسسات المالية إجراء عمليات مبادلة لبعض الأصول الأعلى مخاطرة ومن ضمنها الأسهم مقابل سندات خزينة وتقول مصادر مصرفية: إن أصول (ليمان بروذرز) تتضمن نحو 33 مليار دولار على شكل عقارات تجارية و 13 مليار دولار في تمويلات عقارية سكنية، وأن من شأن بيع هذه الموجودات التأثير سلبا على مؤسسات مالية أخرى. وافتتحت أسواق الأسهم الأمريكية جلسة البارحة على انخفاضات كبيرة تجاوزت ال2% بالنسبة لمؤشر الداو جونز، فيما كان مؤشر النازداك أقل حدة في النزول وتراجعت الأسواق الأوربية بنسب تفاوتت بين ال2% وال4%، فيما انخفض خام النفط أكثر من 4 دولارات للبرميل على الرغم من الأعاصير التي تهدد الإنتاج الأمريكي في الوقت الحالي وذلك جراء مخاوف المتعاملين من تأثير هذه الأزمة على الطلب العالمي مستقبلا.
وإذا كانت أحداث أسواق الأسهم والسلع يوم الأمس سلبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فإن سيناريو الأمس كان أكثر مأساوية بالنسبة للسوق السعودية، والذي أكمل السوق سلسلة التراجعات التي وسمت التعاملات التي بدأها منذ فترة، لينهي جلسة الأمس العاصفة بهبوط زاد على 500 نقطة مع تراجع جماعي للأسهم المدرجة وبنسب عالية وسجلت العشرات من الأسهم أدنى مستوياتها خلال عدة سنوات دون أي رغبة للمتعاملين بالشراء، كما سجلت العديد من الأسهم الكبيرة هبوطا بالنسبة القصوى وهي الأسهم التي كانت في العادة تقابل بعمليات شراء حين تهبط بشكل حاد وعلى رأسها 7 من شركات البتروكيماويات (سافكو، التصنيع، اللجين، المجموعة، الصحراء، ينساب، بترو رابغ) وذلك فضلا عن (معادن) و(المعجل) وبهبوط اليوم ووصول المؤشر إلى 7255 نقطة يكون السوق قد اقترب كثيرا من أدنى مستوى له خلال 4 سنوات، وذلك عندما سجل أمس المؤشر نقطة الـ6767 قبل أقل من عامين قبل أن يبدأ في موجة صعود قوية وصل خلالها لمشارف الـ12 ألف نقطة وكان أول الأسواق افتتاحا كالعادة سوق دبي الذي بدأ تداولاته على عمليات بيع كثيفة لم يشهد مثلها السوق من قبل إلا في مرات قليلة جدا، حيث هبط المؤشر خلال الساعة الأولى بأكثر من 8% مع تسجيل العديد من الشركات انخفاضا بالنسبة القصوى (- 15%) وعلى رأسها (إعمار) و(ارابتك)، غير أن السوق استطاع تقليص خسائره بشكل كبير منذ ذلك الوقت مع دخول عمليات شراء في وقت لاحق ليقفل منخفضا بـ 1.7% فقط وسجل سوق الدوحة أقسى التراجعات (- 7%) وذلك إضافة إلى خسائره يوم أمس والتي تجاوزت 6% وذلك وسط تسجيل عدد كبير من الشركات انخفاضا بالنسبة القصوى (-10 %) وعلى رأسها سهم (صناعات)، أكبر شركة مدرجة في السوق، وحذت حذوها (كيوتل) و(بروة) ومعظم الشركات المدرجة في السوق وحول هذا الموضوع أبدى (محمد المقابلة) أستاذ الاقتصاد بجامعة الإمام استغرابه من ردة الفعل القوية لأسواق الخليج على الأخبار القادمة من أمريكا وقال: (لا شك أن للأزمة العالمية تأثير على جميع الأسواق العالمية ومن بينها أسواقنا، ولا ينكر هذا الأمر إلا إنسان تملكته العاطفة، ولكن هذا التأثير لن يكون مباشرا، والغريب أن يكون انخفاض أسواقنا أشد وقعا من الأسواق الأمريكية المتأثرة مباشرة بهذه الأخبار)، وعن السبب في هذا الأمر قال الأستاذ محمد: (أعتقد أن السبب هو أن السوق السعودي سوق أفراد بعكس الأسواق الأخرى التي يغلب عليها الطابع المؤسساتي)، أما عن تأثير الأزمة المتوقعة على السوق فعلق عليه (المقابلة) قائلاً: أعتقد أن الشركات المصدرة للخارج كالشركات البتروكيماوية ستتأثر مستقبلا بقلة الطلب، بالإضافة إلى تأثر الشركات المستثمرة في الخارج كالمملكة وشركات التأمين بانخفاض قيمة استثماراتها، أما القطاع البنكي فأعتقد أن الحكم المنطقي حول تأثرها لم يتضح حتى الآن).. فيما رجح المحلل المالي هاني باعثمان أن يكون سبب النزول في أسواق المال الخليجية أمس بسبب خروج المستثمرين الأجانب وتخوفهم من أزمة الائتمان العالمية وتداعياتها، وأضاف باعثمان: إن ما حدث في السوق السعودي يوم أمس من تراجع أمر غير مبرر، حيث إن الأسعار الحالية هي فرصة للتجميع حيث إن معدل التداولات كان منخفضاً، وأضاف باعثمان: إن أزمة الرهن العالمية هي أزمة مصداقية بالدرجة الأولى، حيث فقدت كثير من المؤسسات المالية والبنوك الدولية مصداقيتها، وبالتالي تحسن الوضع يحتاج إلى وقت طويل.. وبين باعثمان أن الأسواق المالية الناشئة وخصوصا الأسواق في منطقة الخليج هي أسواق جذابة وستشهد انتعاشاً قوياً مقروناً بنتائج مالية جيدة ومعدلات نمو عالمية متوقعاً ارتداداً قوياً لمؤشر سوق الأسهم (تداول) خلال الفترة المتبقية من العام.
من جهته وصف المحلل المالي فضل أبو العينين النزول الحاد ليوم أمس بأنه غير مبرر، وقال: إن مثل هذا الهبوط الحاد يحدث غالبا في أوقات الأزمات والهزات العنيفة ونحن والحمد لله لا نعاني من هذه المشاكل التي تؤثر بشكل سلبي على أسواق المال، ولكن يمكن أن نرجع أسباب هذا النزول لمؤثرات خارجية لا علاقة للسوق والاقتصاد المحلي بها، خصوصاً أن السوق السعودي لم يكن الوحيد الذي عانى من الهبوط بل جميع أسواق المنطقة بلا استثناء.. وطالب البوعينين بمزيد من الشفافية في السوق خصوصا أنها فقدت (1000) نقطة خلال أيام معدودة أدت إلى حدوث خسائر فادحة لدى صغار المستثمرين وإلى تبخر مدخراتهم.
أما الدكتور زايد الحصان، فقال: إن المشكلة في سوء إدارة اتخاذ القرارات حيث إن قرارات الهيئة كانت ضرورية وبالتحديد في قرار إفصاح الملاك، والقرار الثاني تغيير وحدة التغير، فقال: أنا مع القرار الأول ولكني ضد القرار الثاني جملة وتفصيلا، وإن كان القرار مطبقا في بعض الأسواق لكنه غير مناسب إطلاقا في السوق السعودي، وفي اعتقادي أن سوء إدارة تطبيق القرارين أثرت سلبيا على السوق والآن السوق شبه منهار وكأننا نرى فبراير 2006 يتكرر في نفس السيناريو، وأعتقد أن الهيئة لم تتوقع أن الحال يصل إلى ما وصل إليه.. وأضاف: إن هناك متداولين يعتبرون من كبار المتداولين هم المؤثرون في السوق وهذه الفئة من الأفراد هي التي تم استهدافها في القرارات الأخيرة، وبمعنى آخر قرار تغيير الوحدات غير مناسب لهذه الفئة فأنا كمتعامل صغير لا يهمه هذا القرار فهو الضحية في الصعود والهبوط ويقتات على الفتات أما المتضرر الأكبر هم الفئة التي ذكرت لك فهم من يحدد اتجاه السوق، فالهيئة كانت تحارب هذه الفئة بهدف تعزيز الشفافية في هذا السوق وعملية محاربتها لم تعزز الشفافية في السوق ولم تحتفظ بهذه الفئة وهذه النتيجة الآن حيث إن الهيئة جففت السوق من جميع القوى ولم تعزز الشفافية، وأضاف الحصان بأن سياسة العمل بصمت في هيئة سوق المال ليست مقبولة، حيث إن الهيئات المنظمة للأسواق المالية يجب أن تكون على تواصل كامل مع وسائل الإعلام (فقد رأينا محافظ البنك الفيدرالي كيف جمع البنوك لحل مشكلة ليمان برذرز ومحاولة الحيلولة دون إعلان إفلاسه) وعلى العموم بالرغم من إعلان الإفلاس فالتعاطي مع الإعلام يجب أن يكون شفافا وعلى درجة عالية من الشفافية والشفافية تتطلب منك كهيئة لسوق المال أن تجيب وتفند أي تساؤلات عن السوق وتكون إجاباتك للمتداولين حاضرة وطالب الحصان الهيئة بالتراجع عن قرارها الأخير (تغير وحدة التغير) ونصح الهيئة بعدم المكابرة والتراجع عن الأخطاء لا يعيب الجهات التنظيمية ونصح الحصان المتداولين أن ينسوا السوق وعملية احتراق أموالهم في الفترة الحالية والاهتمام بالتنظيم ومعالجة الوضع الحالي فالسوق يحتاج إلى تدخل حكومي، وقال: يجب أن يفرض على الهيئة لجنة استشارية من خبراء محليين وأجانب وتفعيل القرار السامي لمساعدة الهيئة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وشدد على أن قرارات هذه اللجنة يجب أن تفرض على السوق عن طريق الهيئة حتى يتم إعادة النظر في طريقة اتخاذ القرار في مجلس هيئة السوق المالية حتى لا يتفرد شخص واحد في آلية اتخاذ القرار وتوقيته.. وأضاف: أقترح بأن تحول جميع صناديق الدولة إلى شركة مساهمة ولا يتم طرحها في السوق لإدارة وأن تقوم بعمل صانع السوق وأن تخلي مسؤولية وزارة المالية منها تماما، فالسوق يجب أن يعاد هيكلته ويجب أن تكون سلطة هيئة سوق المال سلطة متفردة بمعنى آخر أنه يجب ألا يكون هناك أي تأثير على الهيئة من قبل القيادات الاقتصادية الأخرى مثل وزارة المالية ومؤسسة النقد.. وأضاف: إن التدخل الحكومي لا يجب أن يكون بشكل مباشر، ولكن التدخل يكون بالتنظيم وإعادة الهيكلة، وشدد على أن معالجة السوق لا تتم بضخ سيولة إضافية لأنها ستحترق مثل السيولة التي تحترق أمامنا الآن ومشكلة السوق الآن أكبر من مشكلة السيولة، فالسوق يحتاج إدارة صحيحة.. وحول الهبوط بسبب إيقاف أعضاء مجالس الإدارات قال الحصان: إن نظام مجالس الإدارات وحظرهم يجب النظر فيه، حيث أنهم لا يتأثرون بالإيقاف فأسهمهم مقسمة على عدة محافظ لمعارفهم، ولكن يمكن معالجة هذه القضية عند دخولهم لمجالس الإدارات فالمفترض أن تسجل جميع استماراتهم وتتم مراقبتها من قبل الهيئة، فأي مبالغ أو تحويلات نقدية غير معروفة المصدر يتم مساءلته عنها ويتم مراقبة جميع معاملاتهم التجارية لكي لا يتم ظلمهم، وقال الحصان: يجب أن يعي أعضاء مجالس الإدارات أن للمساهمين الحق في مساءلتهم، وعاد إلى توضيح أن الشركة التي طالب بها لإدارة صناديق الدولة يشرف على إدارة هذه الشركة خبراء عالميون يعملون تحت سياسة صانع السوق ويكون هؤلاء الخبراء مصدرا للدراسات وعلى دراية بتقييم الأسعار العادلة فيكون عملهم بالمحافظة على أسعار الشركات العادلة ويحافظون على التذبذب بمقدار 10% إلى 20% صعودا أو هبوطا، فإذا ما ارتفع السوق عن هذه المستويات قاموا بعمليات البيع وإذا انخفض قاموا بعملية الشراء ودواليك..
أما المحلل الفني والكاتب الاقتصادي مقبل السلمي، فقال: إن السوق فني في مناطق قيعان سعرية متدنية جداً وما يحدث من هبوط مستمر للأسعار يكشف عن وجود مجموعة من كبار المتداولين ممن يملكون كميات أسهم بأسعار قديمة جداً لم يتخلصوا منها عند القمم وذلك لاستخدامها في الضغط على الأسعار عند القيعان، حيث إن بعض الأسهم سجلت قيعان سعرية لم تسجل من سنوات وبالتالي فإن من يبيع بالأسعار الحالية ويقوم بالضغط على الأسهم ليسوا صغار المتداولين بل ليست المحافظ التي بدأت دخولها للسوق منذ 2005.
ويهدف هؤلاء المضاربون للحصول على الأسهم بأسعار متدنية جداً وبالرغم من أن الأسهم في مناطق آمنة حاليّاً إلا أنهم يرغبون في الحصول على أسعار أكثر أمانا لتكون سيولتهم في منأى عن أي مخاطر قد تنتج عن تقلبات اقتصادية قد تحدث مستقبلاً.. وحول قرارات الهيئة قال السلمي: إنه من الصعب أن نعزو أسباب الهبوط بشكل كامل إلى القرارات التي اتخذتها هيئة سوق المال، إلا أن الموجات الهابطة التي يشهدها السوق حاليّاً تعقب كل قرار يصدر عن هيئة السوق المالية وبالتالي فحتى وإن كانت هذه القرارات أحد المتطلبات التي يتوجب على هيئة سوق المال اتخاذها لتنظيم السوق، إلا أن سيولة ومدخرات المتداولين الذين يمثلون شريحة كبيرة من المواطنين لا بد من أخذها بعين الاعتبار وإعطائها أولوية أكثر من تنظيم السوق، فالأموال المستثمرة في السوق المالية من قبل المواطنين تقوم بنسبة كبيرة جداً على الاقتراض والتمويلات البنكية، ما يعني أن مستوى الائتمان لدى الأفراد قد ينخفض بشكل كبير جداً إن لم يكن انخفض أصلاً ما سينجم عنه آثار سلبية جداً على الاقتصاد العام من خلال عجز الأفراد عن سداد القروض بل حتى سداد إيجارات المنازل والتي تمثل نسبة كبيرة جداً من مساكن المواطنين ولسنا بحاجة لشرح الآثار الأخرى المترتبة على ذلك، بل يجب أن تكون أزمة الائتمان في أمريكا والتي نتج عنها أزمة اقتصادية كبيرة جداً، درسا يستفاد منه، لذا على الهيئة التراجع عن قرار الوحدات السعرية الجديدة لسببين؛ أولها أن تبرئ ساحتها مما يحدث من انهيارات متتالية في السوق، وثانيها ما يكتنف هذا القرار أصلاً من إشكالات تجعل هذا القرار غير مناسب للسوق السعودية على الأقل من حيث التوقيت، فكما سبق فإن الأموال المفقودة داخل السوق المالية أهم بكثير من تنظيمات قد تقوم بها الهيئة لتنظيم السوق، فالسوق في حال فقد السيولة الموجودة داخله لن تشفع له أي تنظيمات فنية أو قرارات تصدرها هيئة السوق. من ناحية أخرى فإن الهيئة من خلال بعض القرارات التي تصدرها تبدو وكأنها لا تكترث لهبوط السوق بل تبدو مرحبة بذلك إذ إنها تستفسر عن أي صعود يحدث للشركات بينما نجدها تلتزم الصمت حيال ما يحدث من هبوط حاد في الأسعار، بالإضافة إلى أنها لم تقم بأي تصرف حيال الصناديق والجهات التي قامت ببناء سجلات الاكتتابات المدرجة بعلاوات إصدار عالية وتتداول حالياً أقل من أسعار اكتتابها، فلو سلمّنا جدلاً بأن التداول في أسواق المال محفوف بالمخاطر وأن المتداولين يتحملون مسؤولية ما قد يتعرضون له من مخاطر، فإن الاكتتابات أمر مختلف تماماً، إذ إنها تستهدف المواطنين ومحدودي الدخل لذا يجب أن تكون منخفضة المخاطر وأن تكون بأسعار عادلة لا يمكن الهبوط أدنى منها. كما أنه تجدر الإشارة إلى أن أحد الأسباب التي تسعى الهيئة إلى تنظيم السوق من أجلها هو استقطاب رؤؤس الأموال الأجنبية، فهل يكون ذلك على حساب أموال المواطنين؟! كما استغرب السلمي من التراخيص التي تمنحها الهيئة بشكل متواصل بالرغم من تآكل الأموال المحلية داخل السوق، ما يعني أن الأمر يبدو وكأنه مزيد من التسهيل للأموال الأجنبية مع إغفال الأموال المحلية.
ومن حيث تأثر السوق السعودية بالأحداث العالمية الاقتصادية والسياسية، اكتفى السلمي بقوله: هل ننتظر أن تستقر جميع دول العالم سياسياً واقتصادياً ليستقر السوق؟! إن كان الأمر كذلك فلن يعود السوق للارتفاع مهما بلغت الأسعار.
وفي إجابة عن ماذا يفعل المتداول حيال الخسائر المتفاقمة، أجاب السلمي: بأنه لاشك أن خسائر صغار المتداولين تعد كبيرة جداً وقد توالت هذه الخسائر على مدى أكثر من عامين ونصف لذا فعلى صغار المتداولين الابتعاد عن مراقبة السوق في الفترة الحالية حتى لا ينتج عن ذلك اتخاذ قرارات قد تزيد من حدة الخسائر، فلا مانع من الانتظار لنصف المدة التي حدث فيها الهبوط حتى تعود الأسعار إلى مناطق تقل معها الخسائر على الأقل. ومهما حدث من هبوط فلابد للمتداولين من الإيمان بدورات الأسواق المالية وأن الأسعار لابد لها من عودة وقد أثبت تاريخ الأسواق ذلك, ولا يشترط أن تعود الأسعار إلى القمم التي هبطت منها، ولكن على الأقل على المتداولين انتظار الأسعار حتى تعود إلى مناطق يمكن معها تعويض جزء معقول من رؤوس الأموال المفقودة.
وحول عودة الثقة إلى السوق؟ ذكر أن الأسعار الحالية تعد مغرية جداً للمضارب والمستثمر إلا أنه لا يمكن الجزم بأنها قيعان نهائية للأسعار، فالسوق في الفترة الحالية لا يحتاج إلى مكررات ربحية مناسبة أو مناطق سعرية فنية مغرية للشراء، ولكنه بحاجة إلى عودة الثقة إلى المتداولين للتوقف عن البيع من ناحية والعودة للشراء من ناحية أخرى، والتوقف عن المضاربات اليومية بهامش ربحي بسيط حتى يؤسس السوق قواعد سعرية جديدة يمكن للأسعار الانطلاق منها أو الثبات أعلى منها على الأقل.
وعن السوق والإعلام، قال: إنه كما سبق وأن ذكرنا فإن السوق بحاجة لعودة الثقة أكثر من أي أمر آخر، وعليه فإن ما يطرح حالياً من أطروحات تشاؤمية وتوقعات بالمزيد من الهبوط وهو ما لم يطرح عند القمم السعرية للأسهم يعد أمرا سلبيا جداً وقد يزيد من حدة الهبوط نتيجة الضغط النفسي، إذ لابد من نشر ثقافة الأسواق والدورات السعرية ومفهوم الضغط عند القيعان بدلاً من إجبار المتداولين على الخروج في مناطق سعرية ليست مناسبة للبيع بأي شكل من الأشكال.