أتعرفونما هو السبب الرئيسي والأساسي في سر تخلفنا عن سائر الأمم الصناعية المتقدمة بالرغم من أننا الأمة الوحيدة التي تردد دوماً (ويل لأمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس مما تصنع).
ولكن أين نحن من هذه المقولة أو المأثور الذهبي الذي يجب أن نعلقه في واجهات مصانعنا ومزارعنا ومدارسنا ومعاهدنا لنفكر فيه من جديد لا سيما إذا عرفنا أن السر الحقيقي في تخلفنا هو كراهيتنا أو ازدراؤنا للصناعة ولمن يعمل فيها منذ أن كانت بدائية وحتى اليوم فنحن نبجل السيف كسلاح ونحتقر صانعه، ونعتمد في كل أعمالنا على الخنجر والسكين وننظر نظرة متعالية لمن صنعهما بالرغم من أنهما تعتبران من أنواع السلاح، ونحن نمعن في مديح الخيل وسرعة عدوها ولا نحترم من صنع لها (الحدوة) لكي تماير هذا العدو وهنا بالضبط أتذكر قصيدة إنجليزية قديمة تعود إلى زمن الممالك الأوروبية والفرسان النبلاء إذ يقول أحد القادة:
حينما خسرنا المسمار خسرنا الحدوة
وحينما خسرنا الحدوة خسرنا الحصان
وحينما خسرنا الحصان خسرنا الفارس
وحينما خسرنا الفارس خسرنا المعركة
وحينما خسرنا المعركة خسرنا الوطن
يا إلهي كل ذلك بسبب مسمار بل بسبب أننا نظرنا إليه باحتقار ولم ندرك أهمية المسمار.
وهكذا نحن العرب الذين نعود إلى أروقة قبلية تنبذ المهنة وجعلت حائطاً اجتماعياً سخيفاً بين طبقة الصناع في القبيلة وبين طبقة الفرسان بالرغم من أن مصدر فروسية الفرسان ينطلق أصلاً مما يصنعه لهم الصناع من سلاح بدءاً من الإبرة فالخنجر فالسيف فالرمح وبالطبع حينما تحضرت القبائل بقيت على أنفتها القديمة في امتهان الصناعة بينما ركزت الأمم الأخرى على الصناعة فتقدمت عليها وذلك بفضل تقدير الصناعة والصناع، فصانع البندقية كسلاح هو كصانع السيف كسلاح وصانع الصاروخ كسلاح هو كصانع الرمح كسلاح لذا بودنا أن نطرح السؤال الحاد التالي.
لماذا نحترم صانع البندقية ولا نحترم صانع السيف أليس كلاهما صانعا؟! ثم أنني أود أن أتساءل بألم لماذا يقبل أحدنا الزواج من المرأة الأوروبية وهي نصرانية وأبوها صانع بينما يرفض المرأة العربية المسلمة وأبوها وجدها لا يختلف عن أبيه وجده سوى (بالحرفنة) فقط؟!