يطوق المكان في رمضان روح وريحان، وحضور نوراني يشف بالعبادة لتسمو النفس وتقلص حضور الدم واللحم، فتتصعد الروح في آفاقها النورانية، تلك العبادة التي تلين القلوب وتطري الأفئدة، وتخضع الجوارح بعيداً عن غرائزها الدموية.
اللهم في شهرك الفضيل... أجرنا من اللحم والدم، اللهم أجرنا من الفتن ومن صانعي الفتن، ومن أولئك الذين يهدرون دماء البشر دون أن يرف لهم جفن، قساة غلاظ أشداء عاجزين عن الدخول إلى ملكوت الله المشبع بالطمأنينة والروحانية وقيلا سلاما سلاما.
اللهم احمنا بعظيم سلطانك من الذين يأخذون من دينك ستارا يفرقون به الفتاوى ذات اليمين والشمال لقتل المسلمين وانتهاك دمائهم المحصنة.
اللهم أعذنا من فتن تحاكي محاكم التفتيش في أوروبا عندما أحرقت الكنيسة خلف ذريعة حماية الدين والعقيدة، 59 ألف امرأة في إسبانيا فقط بتهمة السحر، وقتل 100 ألف من أتباع (مارتن لوثر كينغ) بتهمة الهرطقة والتقول على الكنيسة أو دراسة الفلسفة.
وفي القرن السادس عشر أنشئ في الفاتيكان مكتب خاص لتحريم نوعية معينة من الكتب، وكان المكتب يصدر اللوائح والقوائم تباعا بأسماء الكتب الممنوعة لأنها كما كانوا يقولون ضارة بالعقول والعقيدة ومحتشدة سطورها بالهرطقة والتجديف.
وكانت الهرطقة لديهم هي أي انحراف ولو بسيط عن عقيدة الكنيسة في روما، حيث كان الناس ينساقون سوقا إلى المحاكم تحت أية شبهة أو وشاية من الجيران، وينتهي بهم الأمر إلى القتل حرقا، حيث في القرن الثامن عشر اتهم فتى فرنسي يافع لا يتجاوز عمره التاسعة عشرة بكسر الصليب فاقتلعوا لسانه، وبعدها أحرقوه.
وكان الملك الفرنسي لويس الخامس عشر بإيعاز من البابا قد أصدر قانونا يقضي بقطع شفة ولسان أي فرد يتهم بالهرطقة!!! القائمة طويلة لكنها مرعبة ودموية لا أستطيع تتبعها..
اللهم أجرنا من محاكم التفتيش المتوحشة والجنايات الفظيعة التي كانت ترتكب باسمها أن تحل في أرضنا, في الوقت الذي نلتف فيه حول قائدنا التاريخي وأيديه النبيلة المشرعة للإنسانية وحوار الحضارات وترقب الغد والبناء والتنمية والمستقبل والتفاؤل..
اللهم أجرنا وأعذنا من فتن سوداء كقطع الليل.. اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.