لازلت أتساءل عن دور الهيئة الإندونيسية التي وعدت بحل أزمة الاستقدام إلى المملكة!! فقد ذكر السيد وكيل وزارة الخارجية الإندونيسي لشؤون آسيا والباسفيك وإفريقيا، أن إنشاء الهيئة جاء بعد قضية تأخر استقدام العمالة المنزلية للسعودية، وهنا يبرز سؤال مهم: هل جاء إنشاء هذه الهيئة لأجل سواد عيوننا؟!!.. أو حتى لا تتعرض عدد من تلك العمالة الإندونيسية لمشكلات في الدول المستقدمة؟!! وهل الهدف من إنشاء الهيئة التركيز على قضايا العمالة الإندونيسية وحمايتهم وأن تكون مرجعاً لهم، أو إنهاء إجراءات السفر وتدريبهم على العمل في الخارج؟!!
أين هم، عن العاملات المنزليات اللاتي يهربن من البيوت بالآلاف، ويتعرض المواطن السعودي لخسائر كبيرة نتيجة لاستقدام عاملة منزلية كانت مخططة للهرب قبل أن تصل؟!! لماذا لا يضعون قائمة سوداء تمنع هؤلاء من السفر خارج البلاد لأي دولة في العالم؟ أو حتى التشديد على أصحاب المكاتب هناك لضمان حق الطرفين.
إن التحرك الإندونيسي جاء سريعا، بعد أن شعروا في بيان أصدرته سابقا اللجنة الوطنية للاستقدام في مجلس الغرف السعودية تحذر من أن الاستقدام من دول كإندونيسيا وسيريلانكا قد يستغرق ستة أشهر. تطرقت فيه إلى المشكلات التي يواجهها قطاع الاستقدام في استقدام العمالة المنزلية من دولتي إندونيسيا وسريلانكا في ظل شح توفر الأيدي العاملة، مما جعل من مسؤوليتها إطلاع أصحاب الأعمال على واقع الاستقدام من هاتين الدولتين ليكون المواطن ورجل الأعمال ملما بواقع الحال قبل استخراج التأشيرة. فنحن نعلم ما تواجهه اللجنة، من صعوبات، لبقائها، وحيدة دون أي دعم يذكر من وزارة العمل.
لقد أوضح الدكتور سالم الجفري سفير إندونيسيا لدى المملكة للزميلة (الاقتصادية)، أن نحو 85% من القضايا العمالية التي ترد إلى السفارة سببها الوحيد التأخر في صرف الرواتب، مشيرا إلى أن حل هذه المشكلة سيقلل بشكل كبير من المشكلات، فلماذا لا يتم أن تقوم وزارة العمل بإجراءات حاسمة ومنع أي ممن يتأخرون في دفع تلك الرواتب في القائمة السوداء ومنعهم من الاستقدام، وفي نفس الوقت حل مشكلة هروب العاملات من المنزليات وتعويض المواطن المتضرر أو حتى منع العاملة أو العامل الهارب الدخول إلى دول مجلس التعاون لمدة عشر سنوات بعد التنسيق مع تلك الدول وإيجاد قائمة سوداء موحدة بين هذه الدول.
إن توجه لجنة الاستقدام إلى فتح منافذ جديدة للاستقدام ومنها إثيوبيا على سبيل المثال، وانخفاض تكاليف الاستقدام من تلك الدول مقارنة ببعض دول شرق آسيا، جعل بعض الدول الآسيوية التي تصدر عمالتها بالملايين تعيد حساباتها ليصرح المسؤولين فيها بتصريحات تطمينية لا تقدم ولا تؤخر. ومن المفرح أن وزارة العمل بدأت تتدخل أخيراً لدعم لجنة الاستقدام في المملكة، في مناقشة مشاكل العمالة مع المسؤولين الإندونيسيين، إلا أن دخولها على الخط لا يتجاوز مقابلات مجاملة قصيرة، حيث سلم (الجمل بما حمل) للجنة الوطنية للاستقدام للتفاوض وتتناقش مع الدول الأخرى. ومن قرأ التصريح الصحفي لوكيل وزارة العمل للشؤون العمالية في الذي نشرته الزميلة (الاقتصادية) يوم الاثنين قبل الماضي، يؤكد ذلك فقد صرح سعادة الوكيل: إن الاجتماعات بين الجانب السعودي والإندونيسي تطرقت إلى ملف العمالة المنزلية الإندونيسية وكيفية حمايتها وحماية صاحب العمل، لافتا إلى أن الجانب الإندونيسي قدم عددا من العروض الاستثمارية في مجال المحاصيل الزراعية واستغلال الأراضي الزراعية في إندونيسيا وسيتم مناقشتها مع الجهات المعنية في المملكة للعمل على تفوير المواد الغذائية الزراعية.
كنت أتمنى من المسؤولين في وزارة العمل أن يكونوا أكثر دعما للجنة الوطنية للاستقدام التي أصبحت في موقع ضعيف مقارنة بدول مجلس التعاون الأخرى التي لا يفاوض في قضايا العمالة إلا وزارات العمل والوزراء مما جعل رواتب تلك العمالة أقل بكثير عن المملكة، إضافة إلى أنني لم أقرأ خبرا واحدا عن هروب عاملة منزلية في أي جريدة خليجية، بحكم الأنظمة الصارمة التي تضعها وزارات العمل هناك. كنت أتمنى من المسؤولين في وزارة العمل، أن يشكلوا لجانا واجتماعات مباشرة مع وزارات العمل في الدول الأخرى، للحد من ظاهرة هروب العاملات المنزليات، التي لا يتضرر فيها في النهاية إلا المواطن، وأكاد أجزم أن الكثير من موظفي وزارة العمل أنفسهم عانوا من هذه الظاهرة.
إننا بحاجة إلى ضوابط دقيقة وحازمة التي تضمن القضاء على هذه الظاهرة، أولها القرار الصائب الذي طبقته الإدارة العامة للجوازات بإعادة بعض العمالة إلى موطنها في نفس الطائرة، لمجرد ظهور ما يشير إلى هروب العامل أو العاملة في عقد سابق. إننا نريد من وزارة العمل دورا فاعلا أكبر في الحد من استغلال بعض الدول لحاجة المملكة من العمالة، ومناقشة ارتفاع رواتب العمالة المنزلية مقارنة بدول مجلس التعاون، بدلا من أن يظهر لنا سعادة وكيل الوزارة في نهاية اللقاء ليلفت الانتباه إلى أن الجانب الإندونيسي قدم عددا من العروض الاستثمارية في مجال المحاصيل الزراعية واستغلال الأراضي الزراعية في إندونيسيا.