ثمانية وسبعون عاماً عمر الدولة الثالثة.. فغداً نحتفل بالذكرى الثامنة والسبعين لقيام المملكة العربية السعودية.. وهذا ليس معناه أن الدولة السعودية يقف عمرها عند هذه الحقبة الزمنية، فالدولة السعودية يؤرخ لها منذ إطلاق الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب الدولة السعودية الأولى بالدعوة الإسلامية وتجديدها وفق الأسس الصحيحة للشريعة الإسلامية، ولهذا فإن عام 1744م هو بداية الدولة السعودية.
وهكذا فإن الدولة السعودية الثالثة، التي تعد الدولة السعودية الحديثة التي أسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود والتي هي امتداد للدولة السعودية الأولى هي تواصل لتاريخنا السعودي المجيد، وغداً إذ نحتفل بالذكرى الثامنة والسبعين لانطلاق هذه الدولة الفتية والتي شكلت إضافة كبرى ومهمة في مسيرة العمل الإسلامي والإنساني على حد سواء.
وبما أن الدول والشعوب تستفيد من هذه المناسبات لتقييم مسيرتها وإنجازاتها ومعالجة أوجه القصور ودعم الإيجابيات فإن الواجب أن نستعرض مكانة المملكة وقيادتها في العالم في الفضاء الإسلامي والعربي، وبما أن الدول تقوى أو تضعف وفق قدرة ومهارة قادتها، فإننا نستعرض ما قام به قائد هذه الأمة، ومليك هذا البلد لنقيم مكانة الوطن، فخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، وقائدها وراعي نهضتها، جدد وأعلى الدور السعودي ليس فقط على المستوى العربي ولا في المحيط الإسلامي، بل تعدى ذلك وبمهارة إلى الآفاق العالمية، فالمتتبع لخطوات وأعمال الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرى أن إنجازاته الإصلاحية في الداخل وسعيه الدؤوب لرفع المستوى العلمي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي داخل المملكة يرافقه حضور سعودي قوي في المحافل الدولية ولقد أنصف الدارسون والباحثون في المراكز البحثية السياسية والاستراتيجية هذا الملك الإنساني والقائد الفذ، وأطلقوا عليه بصدق داعية سلام إنساني بلا منازع من خلال دراستهم وتقييمهم لجهوده غير المسبوقة في كافة الاتجاهات من أجل السلام والأمن، فمنذ تحمله مسؤولية قيادة المملكة بعد مبايعته ملكاً على البلاد وقبلها أقدم على اتخاذ العديد من المبادرات التي تصب جميعها من أجل تحقيق الوئام والسلام والوفاق بين أبناء البشرية جمعاء.
وقام بجولات مكوكية ومشاورات مكثفة مع القيادات السياسية العربية والإسلامية والدولية، يعرض الأفكار والمبادرات ويجتمع ويجمع المختلفين والمتناحرين ليسوي بينهم ويعالج خلافاتهم من فلسطين إلى العراق إلى السودان وتشاد والصومال، ثم انطلق نحو الآفاق الدولية من أجل ردم هوة الخلافات والقضاء على الصراعات الطائفية والعنصرية والدينية بتبنيه ثقافة الحوار والانفتاح على الآخر، تفهماً وليس فرض الرأي والفكر، بل اعتماد لغة الحوار ونبذ العنف وتطوير العمل الحسن من أجل الإنسان، فكان بحق خير مليك يثبت رسالة وطن يعمل من أجل نشر العدل والحق والسلام.
jaser@al-jazirah.com.sa