إن المتابع للجهود المبذولة في سبيل مكافحة التدخين يدرك أن هناك بعض الخطوات المهمة التي اتخذت مؤخراً ونتمنى أن تسهم في القضاء على تلك الآفة الخطيرة صحياً واقتصاديا، ومن ذلك ما اجمع عليه وزراء الصحة الخليجية من رفع رسوم الجمارك بواقع 200% وذلك عند استيراد الدخان، إضافة إلى الانتهاء من مشروع نظام مكافحة التدخين الذي انتهت هيئة الخبراء من دراسته مؤخراً وسيتم مصادقة المقام السامي عليه قريباً.
ومع تقديري لكل تلك الجهود، إلا أنني اعتقد أن هناك عدداً من الخطوات المهمة التي أرجو أن توضع في الاعتبار ومنها:
- تضمن مشروع النظام الجديد فرض عقوبات على كل من يدخن في الأماكن العامة كالأسواق والمطاعم والوزارات ووسائل النقل العامة ودورات المياه.. الخ. والسؤال هنا كيف يمكن أن نطبق العقوبات على من يدخن في تلك الأماكن العامة إذا ما علمنا أن بعض موظفي المستشفيات يدخنون في المنتزهات، وبعض موظفي صالات المطارات يدخنون داخل الصالات، كما أن بعض المعلمين وطلبة الجامعات يدخنون داخل المدارس والمؤسسات التعليمية، علما بأن الأنظمة ومنذ زمن تمنع التدخين في تلك الأماكن، وتتضمن العقوبات المشددة على من يقوم بذلك، ولكن هل طبقنا شيئاً من تلك العقوبات..؟!
تضمن مشروع النظام الجديد أن عقوبة من يدخن في مكان عام غرامة مالية تبلغ 200 ريال، واذا ما علمنا بأن دولة اليمن الشقيق قد فرضت مؤخراً على من يدخن في الأماكن العامة عقوبة السجن ليوم واحد إضافة إلى غرامة مالية تبلغ 500 ريال، وتتضاعف العقوبة عند تكرار المخالفة، فإنني استغرب تلك العقوبة المتواضعة التي يتضمنها مشروع النظام الجديد لدينا.
ألا يدرك من أدرج تلك العقوبات المتواضعة أن الأنظمة واللوائح والتعليمات لا تطبق من قبل البشر ما لم تكن هناك عقوبات رادعة تدفعهم إلى احترام تلك الأنظمة واللوائح والتقيد بها. وللمعلومية، فإن الدول الغربية لم تنجح في عزل المدخنين عن المجتمع في الأماكن العامة إلا بعد أن أقرت العقوبات الصارمة من سجن وغرامات مالية عالية.
تشير بعض الأرقام المرعبة إلى ما يلي:
- إن المملكة تحتل المرتبة الأولى في استيراد التبغ تليها إيران ثم الأردن ثم تركيا.
- أعداد من توفوا بسبب الدخان في المملكة عام 2008 فقط 13929 شخصا.
أعداد المدخنين بالمملكة أكثر من ستة ملايين مدخن يمثلون ثلث السكان تقريباً.
- ما ينفقه السعوديون سنوياً على الدخان يبلغ أكثر من ثمانية مليارات ريال.
- إن التبغ يستهلك 6% من مخصصات الرعاية الصحية بالمملكة.
وبعد استعراض تلك الأرقام المرعبة أليس من حقنا المطالبة بأن تسلك كل الجهات ذات العلاقة مسلكاً مشدداً تجاه كل من يدخن بالأماكن العامة.