حرية الصحافة التي تحققت في السنوات الأخيرة بدعم ومؤازرة من السلطة التشريعية أدت إلى زيادة تأثير الصحافة في تشكيل وتوجيه الرأي العام حول قضايا كانت تعد من التابو والمحرمات التي لا يلزم الخوض فيها، وكان أمر التعاطي معها يعد خروجاً مذموماً. وساهمت حرية الصحافة أيضاً في زيادة جرعة النقد الموجه للأداء المؤسسي الحكومي والخاص المتماس مع مصالح الناس وحاجاتهم. يبدو أن ذلك كان مزعجاً لجهات ومهدداً لمصالح اتجاهات؛ ما جعل محاولات التشويه والاتهامات تتوالى بغية زلزلة عرش الصحافة وقيمة الكلمة والرأي في أذهان الناس!
الاتهام بأخذ الرشوة والعمالة ضد الوطن اتهامات شنيعة يجب أن ينال صاحبها أكبر العقوبات إذا ثبتت التهمة، ولا يقل عنها السكوت والتغاضي عن أخطاء مؤسسية تضر بمصالح المواطنين من أجل فلان أو علان؛ لأن في ذلك خيانة للضمير أولاً ثم خيانة لولي الأمر الذي أتاح سقف الحرية للشفافية والإفصاح عن مواضع الخلل.
رمي الكلام على عواهنه ومحاربة الرأي المختلف بالاتهامات هي أدنى وأوضع الأساليب لتحقيق الغايات. الإشارة لمواضع الخطأ أمر مقبول ولا يرفضه الصحفي النزيه حتى لو كان هذا يمس المجال الذي يعمل به وينتمي إليه, بشرط أن تكون هذه الاتهامات لها ما يسندها من إثباتات أو قرائن على الأقل!
المتضرر من محاولات تشويه الصحفيين هو المجتمع بأكمله؛ فالصحافة هي مرآته وأداته ولسان حاله وناقل همه ووعاء طموحاته, ولا بد أن تبقى لها مكانتها ونزاهتها, وعلى الصحفيين وكُتّاب الرأي أن يصمدوا ويمضوا في طريقهم بكل إخلاص وإصرار، وأن يتقبلوا النقد مثلما يطلبون من الجهات الأخرى تقبُّل نقدهم, شريطة الصدق والموضوعية.
وعلى المجتمع أن يفرق بين المخلص لوطنه الصادق في غايته, ولا بد أن تتخلص الصحافة من الأدعياء المنتفعين بأسرع وقت إذا ثبت فعلاً وجودهم, ولا بد أن تصمد هيئة الصحفيين في مطالبها بتقديم الإثباتات من قِبل المتقولين على الصحفيين، والبيِّنة على من ادَّعى!