الرياض - صالح الفالح
أشاد السفير التركي لدى المملكة ناجي كورو بالعلاقات الوطيدة التي تربط البلدين الشقيقين، منوهاً في الوقت ذاته بالمراحل التطويرية والنقلات الحضارية التي تشهدها المملكة في شتى المجالات وعلى كل المستويات. وقال في تصريح ل(الجزيرة) بمناسبة ذكرى اليوم الوطني للمملكة:
لقد بدأت حياتي العملية كدبلوماسي تركي شاب في مدينة جدة قبل 25 عاماً وأتاح لي ذلك أن أشاهد شخصياً المراحل التي قطعتها المملكة العربية السعودية خلال ربع القرن هذا، ولاحظت بامتنان أنه إلى جانب النمو الاقتصادي خلال هذه الفترة، فإن المملكة قد تحوّلت إلى دولة منتجة عبر استثماراتها في مجالات عدة.
ونلاحظ أن هذه الاستثمارات والإدارة الحكيمة أتاحت الفرصة لتطورات تقنية على الصعيد العالمي، لم تعد المملكة العربية السعودية تعرف كدولة بترول ثرية، إذ إن ريادتها في قطاع التمويل وخطوطها الجوية المريحة العالمية المستوى وزيادة عدد أفرادها الذين تلقوا تعليمهم العالي سواء داخل المملكة أو خارجها وإنجازاتها، كل ذلك جعل من المملكة دولة تتحدث عن نفسها، في خضم تحقيق كل ذلك، لم تهمل المملكة العربية السعودية احترام مشاعر المجتمعات التي تربطها بها علاقات وطيدة، في الوقت نفسه استطاعت المحافظة على عاداتها وتقاليدها.
وأضاف أن العديد من أوساط العمل التركية تعتبر المملكة العربية السعودية وقطاعها الخاص شريكاً مهماً لها، لذا فقد تضاعف حجم التبادل التجاري خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ووصل إلى ما يقارب أربعة مليارات دولار أمريكي، ويعمل رجال الأعمال من البلدين على إيجاد فرص عمل جديدة واستغلال الإمكانيات المتاحة، ومهمتنا هي المساعدة على تحقيق ذلك وتسهيله، وكخطوة أولى فقد قمنا بزيادة عدد رحلات الخطوط الجوية التركية إلى المملكة، وقمنا بفتح مكتب إعلامي وسياحي جديد في مدينة الرياض، وبلغ عدد المدارس التركية على مستوى المملكة ثماني مدارس لتأهيل وتعليم أولاد الجالية التركية من أجل إعداد جيل جديد من سفراء فخريين بين البلدين، كما شهدت علاقاتنا العسكرية والثقافية تطوراً ملحوظاً.
وتربط تركيا بالمملكة العربية السعودية أواصر تاريخية ودينية واجتماعية وثقافية متينة، وتشكل هذه الأواصر محفلاً إيجابياً لتطوير العلاقات بين البلدين في جميع المجالات.
وتولي تركيا أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها المتميزة مع المملكة العربية السعودية، في هذا السياق نلاحظ بامتنان وجود الإرادة السياسية المتبادلة في الفترة الأخيرة، وتحقيق تطور كبير في العلاقات الثنائية بفضل هذه الإرادة القوية.
وأكد كورو أن تقلّد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لزمام الحكم في المملكة يعد نقطة تحول في العلاقات بين البلدين والزيارة التي قام بها إلى تركيا عام 2006م، تعتبر الأولى من نوعها لأربعين عاماً خلت يقوم بها ملك سعودي إلى تركيا وكانت هذه الزيارة بداية مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية.
وكان وزير الخارجية علي باباجان قد اجتمع مؤخراً بوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في مدينة جدة، حيث تم إطلاق آلية الحوار الإستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا ودول المجلس، ولا شك أن هذه الخطوة سوف يكون لها مردودها على العلاقات الثنائية بين تركيا والمملكة.
وقال: من الناحية السياسية فإن العلاقات الثنائية بين البلدين متميزة، ولا يمكن التوقّع غير ذلك بين دولتين كبيرتين ومتأصلتين في المنطقة. وسوف يكثّف بلدانا مساعيهما الرامية إلى إيجاد حل للمشاكل المستعصية في المنطقة والتي أصبحت تهدد الاستقرار العالمي. إن الجهود التي تبذلها المملكة في هذا السياق تستحق الثناء والتقدير والأجدر هو دعم ومساندة مبادراتها البناءة الرامية إلى إيجاد حل سواء ضمن عملية السلام في الشرق الأوسط أو المشاكل الثنائية، أما تركيا صاحبة مبادرة دول الجوار العراقي وحل الخلاف السوري الإسرائيلي وعملية أنقرة المتعلقة بإزالة العراقيل أمام العلاقات الباكستانية الأفغانية واتفاق الحضارات التي بدأتها مع إسبانيا تحت مظلة الأمم المتحدة، فقد شعرت دائماً بدعم ومساندة المملكة لها وعزّزت هذه المساندة موقف تركيا في هذه المسائل، إن تركيا شأنها شأن المجتمع الدولي تقدّر دائماً وتشيد بالمساعدات التي تقدّمها المملكة للدول المحتاجة.
كما أن هنالك تعاوناً وثيقاً مثمراً بين بلدينا في إطار المنظمات الدولية ويعتبر التعاون القائم بيننا في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي مثالاً حياً ملموساً على ذلك، هذه المنظمة التي تستضيفها المملكة ويرأسها مواطن تركي لفترتين متتاليتين، سوف تواصل تقديم خدماتها من أجل وحدة العالم الإسلامي إلى جانب السلام والاستقرار الدوليين.
لقد شهدت العلاقات الثقافية بين البلدين تطورات إيجابية في الآونة الأخيرة، حيث استرعت (الأيام الثقافية السعودية) التي تم تنظيمها في مدينتي اسطنبول وأنقرة خلال الفترة 22- 28 أكتوبر 2007 اهتمام وإعجاب المواطنين الأتراك. أما التطور المهم الآخر في العلاقات الثقافية فهو مشاركة تركيا (كدولة ضيف) في مهرجان الجنادرية 2008م كإجراء أول من نوعه تبدأه المملكة. وقد غمرتنا سعادة فائقة من اختيار المملكة لتركيا من ناحية، والإقبال الكبير من الجمهور على المعروضات التركية من ناحية أخرى. كما أن هنالك زيادة ملحوظة في عدد السياح السعوديين إلى تركيا. ونرى أن تسهيلات الحكومة التركية المتعلقة بمنح تأشيرات الدخول للمواطنين السعوديين في المنافذ الحدودية كان لها مردود إيجابي في هذا السياق. لقد قرّرت الحكومة التركية قبل فترة وجيزة تمديد العمل بهذا الإجراء. لا شك أن كل ذلك سوف يطور ويعزّز علاقات التعاون القائمة بين البلدين.
وأعرب السفير التركي في ختام تصريحه عن أجمل التهاني بمناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية مقرونة بأطيب التمنيات للشعب السعودي الشقيق والصديق.