فاتحة سيأتي العيد مساء الغد كذكرى آبت إلى مهدها، سينيخ عيدنا رحله بيننا، لكنه كعادته منذ أعوام سيلزم الصمت كضيف يقتصد في الكلام، فسيشير باقتضاب عجيب إلى أن العيد سيكون غداً أو بعده.. سيحدثنا عن أشياء كثيرة بعضها جميل ورديّ وبعضها الآخر يضوع شقاء.. سنبيت على وعد بعيد أفضل.. فمتى ما ينهض عيدنا من رقدته حتماً سيحدثنا وسيخرج لنا من أعطاف ثوبه الأبيض الفضفاض جوهرة البوح (عيدكم مبارك).
غبش
حلَّ العيد.. فجره غريب الأطوار.. يثير الشعور بحزن ناغل، حتى أننا قد نخاف من أن تصافح قلوبنا تلك المفاجآت غير السارة في هذا الزمن الأليم.. العيد لا يزال نائماً.. في رقدته إيحاء بكسل ما يحرك فينا لواعج الفقد، ومآل الأحلام إلى الحضيض.
تسابيح
فجر العيد لا يحفل إلا بالتسابيح والأدعية التي تتماوج مع البخور وخشخشة الملابس الجديدة التي نرتديها محافظة -فيما يبدو- على تقليد شعبي قديم كان يحتفل بالعيد، السعيد منه والتعس.
رحيل 1
العامل بعد (صلاة العيد) يتوجد على الماضي بعد أن فارق مكفوله الحياة، ففي (شعبان) قال له الورثة: أنت مسافر يا (رجب)، فما كان له إلا أن يقول لنا مودعاً: هذا آخر عيد أحضره في البلاد. لم نأبه، لأن حزناً عميقاً قد تسلل إلى حياتنا قبل رؤيتنا لرجب الكادح.
نعاس
في صبحات العيد تشاكس عيوننا قوافل النعاس، حتى الأطفال احترفوا السهر في الشهر الفضيل. ليس في قيام أو تلاوات، إنما جله كان للهوٍ غير مفيد، فها هم في صباح العيد لا يعبؤون إلا بكيفية النوم ومتى ينفضُّ سامر العيد المفاجئ.
حلوى
أي حلوى تقول عنها إنها مفيدة ونافعة أيها (الرجل الطفل) الذي لم تعد تحمل أي صورة للماضي، حتى هذه المسنة حينما تنفح أحفادها الحلوى لم تعد هي الحلوى القديمة ولم تعد يد الجدة هي تلك المحناة ببهجة العيد، إنما بيد مرتعشة من فرط موجات السكر وضغط الدم، ورحيل الأحلام والهدوء والسكينة والبساطة خلف الجبال.
رحيل 2
قرب الظهيرة يلوح لنا العيد مزمعاً الرحيل.. لا يا (عيدنا).. الوقت باكر.. أليس هذا أول أيامك بيننا؟! لكنه يقرر الرحيل بين الجبال، لأنه لم يقرأ في عيوننا غير السهر، والنعاس.
نافلة
بعد أن تمادى بنا الخدر، ولم نعد كالطيور الجميلة والرشيقة في سحابة يوم عيدنا استسلمنا لسحبة نوم عميق، لم نفق منها إلا مع الغروب، فما كان من الجد إلا أن أخبر أحفاده بأن العيد رحل قبل الغروب بقليل، فباقي الأيام القادمة سنقطعها بوعود وأوهام وترَّهات تشبه السعادة بدخول فردوس أحلامنا المفقود.
Hrbda2000@hotmail.com