كنا نعتقد أن دخول الأندية السعودية لدوري المحترفين هذا العام (بهيئته العصرية) ستبدل وتغيِّر الكثير من المفاهيم والأفكار والسلوكيات والممارسات غير الرياضية من بعض الإداريين.. وتحديداً ممن يحملون درجة علمية.. فالرياضة قبل أن تصير ميدان فوز وخسارة هي عملية تربوية وسلوك تهذيبي ونشاط يبني العقول.. بل هي عاصمة ثقافية فكرية.. لإحداث التمازج وتلاقح الأفكار واكتساب الخبرات المتبادلة.. بيد أن ثمة مع الأسف من سقط في أول اختبار بتصرف (لا مسؤول) ينم عن قصور في هذا المفهوم.. فما صدر من رئيس الاتحاد المهندس (جمال أبو عمارة) مؤخراً من تصرف غير حضاري تمثّل في انسحابه في اللحظات الأخيرة من برنامج (فوانيس الرياضية) الذي تعرضه القناة الرياضية السعودية احتجاجاً على وجود الأهلاوي المعروف.. الدكتور (عبد الرزاق أبو داود) معللاً انسحابه من أجل مصلحة البرنامج..!! هذا السلوك غير الحضاري.. لا يليق برئيس ناد كبير.. بل سيحسب على الكيان الاتحادي المخضرم الذي عُرف عن رجالاته ورموزه الكبار سمو أخلاقهم ورقي تعاملهم.. منذ أن تأسس العميد قبل ثمانية عقود ونيف من الزمن.. وكون المهندس (أبو عمارة) الذي يحمل الدرجة العلمية (في الهندسة المدنية)!! ويرأس النادي الثمانيني.. يفترض أن يكون أكثر وعياً ورقياً وتعاملاً مع الإعلام ومكوناته.. ومثالياً في التعاطي والتفاعل مع المنافسين حتى لو اختلف معهم في الرأي.. لأن الاختلاف من الرأي.. يعزّز معطيات الموضوع ويثري النقاش.. كما أكد ذلك العالم الأمريكي في الرأي العام (هربرت بلومر).. ولا يصبح - المهندس - ضحية التعصب الرياضي (المترسب) في قاع الجهل!! وصنعه مع الأسف.. بعض الإعلاميين المنتمين للعميد.. ضد النادي المنافس.. ويهرب عن مواجهة العقلاء في النادي الراقي.. فالدكتور (عبد الرزاق أبو داود) الذي يحمل لقب (بروفيسور) هو أكبر من المهاترات والمشاكسات.. التي ظن (أبو عمارة) أنه سيدخل معه في كل ما يخص البيت الاتحادي وهمومه.. ويبدو أن سعادة المهندس.. تناسى أو تجاهل أن الأستاذ الجامعي والرجل التربوي.. (أبو سليمان).. توّج مسيرته التعليمية في الحرم الجامعي وعلى مدى ثلاثة عقود من الزمن بلقب (بروفيسور).. بعد أن قدَّم (45 بحثاً) علمياً بعضها في الجانب التربوي وأشرف على (30 رسالة دكتوراه) في جامعة الملك عبد العزيز وانسحب بسببه كان يخشى أن يسقط في فخ الإعلام الرياضي المتطور على صعيد العلم الأكاديمي.. وليس في جانب البهرجة الرياضية التي لا تتفق مع أسس وأهداف ومنهجية الإعلام الرياضي المعاصر!!
المادة و(البحث العلمي)..
* سألت الخبير الإعلامي المخضرم وعضو مجلس الشورى الأسبق والأكاديمي المعروف الدكتور (بدر أحمد كريم).. حول غياب (البحث العلمي) عن منظومتنا الرياضية.. وعن أهمية إنشاء مركز للبحث العلمي مدعم بميزانية توازي حجم ما يقدمه من دراسات وأبحاث علمية.. يكفل نهوضنا أولمبياً وعالمياً؟ فأجاب: قبل التفكير في إنشاء هذا المركز يجب معرفة حجم الأموال المخصصة للبحث العلمي الرياضي السعودي.. ما أعرفه أن الأموال المخصصة للبحث العلمي في المجتمع السعودي بصورة عامة ضئيلة جداً مقارنة بما يرصد له في مجتمعات أخرى، فعلى سبيل المثال تنفق الجامعات الأمريكية ما يقارب 24% على البحث العلمي أي ثلث الميزانيات تُصرف على البحث العلمي.. وأضاف.. ليس (البحث العلمي) وحده مغيباً عن منظومة الرياضة السعودية.. بل عن معظم البحوث العلمية التي تعد بوابة العبور إلى المضمون.. أعطني بحثاً علمياً.. وأناساً يفهمون جدواه ومجتمعاً يتضامن معه وأشخاصاً يتحركون في إطاره وخططاً لتنفيذه ومتابعة جادة أعطك نتائج كفيلة بأن تختصر مسافة وزمن التفوق..! انتهى كلام الخبير الإعلامي الرياضي.
* ترى متى نصل إلى ثقافة التعامل مع (البحث العلمي) ومكوناته في حل قضايا الرياضية وصياغتها في القالب العلمي.. بدلاً من الاعتماد على الاجتهادات والاتكاء على الخبرة السلبية التي لا تتماشى مع معطيات ومتطلبات وتوجهات.. حقبة العولمة الرياضية..!
* * *
* يقول الدكتور حبيب الربعان أستاذ علم الاجتماع الرياضي بجامعة الملك سعود في دراسة بحثية مختصة في قسم الإعلام (دراسة الماجستير) حول الإعلام الرياضي.. أظهرت نتائجها العلمية أن (50%) من الصحفيين لا يحملون الشهادة الجامعية أو دورات علمية في الشأن الإعلامي الرياضي..!! ونحن في حقبة العولمة الرياضية هل تكون الشهادة الجامعية بوابة العبور أولاً لمزاولة العمل الصحفي وتعتمد في اللوائح التنظيمية للمؤسسات الصحفية.. لضمان بناء ثقافة مهنية راقية تواكب عصر العلم والمعرفة..!
* الاهتمام بالجوانب المهارية واللياقية والتكتيكية.. للمدرب الوطني القدير (ناصر الجوهر) تحتاج أيضاً لتدعيمها بالإعداد النفسي وتعزيز التحضير الذهني للاعبين.. فالدراسات العلمية في علم النفس الرياضي تؤكّد أنه.. كلما زاد التركيز الذهني للاعب زاد عطاؤه داخل الملعب.. واسألوا الخبير النفساني (صلاح السقاء)..!
* مع دخول الأخضر المنتشي بصدارته المستحقة.. مرحلة (هامة) تتطلب تعزيز تفوقه بالإعداد النفسي (علمياً).. واكتساب لاعبيه مهارات التركيز الذهني.. أتصور أن الاستعانة بخدمات الخبير النفساني الدكتور (صلاح السقاء) للعمل ضمن الجهاز الإشرافي في المنتخب سيعزّز من معطيات العمل الفني والنفسي المنشود..!
* المنتخب الكوري الجنوبي يضم جهازه الإشرافي أخصائياً نفسانياً رياضياً وأيضاً أخصائياً اجتماعياً رياضياً.. هكذا العلم الرياضي الأكاديمي أصبح (اليوم) يدير المنظومة الرياضية - احترافاً - في المجتمعات المتقدّمة كروياً..!
* في (اليابان).. حتى المصانع استعانت بخدمات (الأخصائي النفساني الصناعي) في العمل داخل دهاليزها.. مما يؤكّد أهمية هذا المنهج العلمي الحديث في تعزيز المهارات النفسية المكتسبة علمياً..!
* من يستمع لحديث الأمير الراقي وعياً وثقافة عبد الرحمن بن مساعد يتأكد أن (الهلال) يدار بعقلية عصرية.. فكراً وعلماً ومنهجاً.. يكفي أنه أول من بادر بتكريم (مؤسس النادي) الشيخ عبد الرحمن بن سعيد - شفاه الله - كخطوة تاريخية تسجّل للأمير الشاعر.
* بلغة حادة فيها الكثير من الانفلات والانفعالات والتجاوزات.. تحدث المدافع الدولي الكبير - سابقاً - صالح النعيمة عبر قناة أبوظبي عن معاناته وأوضاعه المادية والنفسية والاجتماعية.. بصورة محزنة ومخجلة..! حالة الإمبراطور.. هي امتداد لحالات إنسانية أخرى لنجوم عمالقة قادوا الأخضر للفوز بأول الألقاب الذهبية للكرة السعودية ومنهم صقر الكرة السعودية الأسبق (سمير عبد الشكور) والحارس الكبير سالم مروان شفاه الله.
* آن الأوان لدراسة فكرة إنشاء لجنة لرعاية اللاعبين السابقين ومعالجة أحوالهم المتردية.. وعلى الطريقة اليابانية التي أنشأت مؤسسة خيرية لرعاية اللاعبين المعتزلين وتصحيح أوضاعهم.
* للتصحيح.. في المقالة التي نُشرت في الأسبوع الفائت حصل خطأ مطبعي أدى إلى تغيير المعنى في إحدى الفقرات.. وهنا أعيد نص الجزء الذي لم يسلم من كماشة الأخطاء المطبعية..!! الأستاذية مصطلح أكاديمي ودرجة علمية رفيعة.. لا تُطلق إلا على من سبر في أغوار البحوث العلمية حتى وصل إلى درجة أستاذ في الحرم الجامعي.. وهناك من يطلق على نفسه لقب (أستاذ) وهو لا يحمل إلا شهادة الكفاءة المتوسطة في وسطنا الإعلامي.. فعلاً.. عش رجباً تر عجباً.
k-aldous@hotmail.com