نخوض في مجلسنا في كل شيء، لا نترك شيئا إلا ونشبعه كلاماً وتحليلاً ومناقشة، تارة نتكلم عن الناس وأحوالهم.. عن غلاء المعيشة وعن الوظائف والبطالة والسعودة وغيرها، وعن الأسرة وتربية الأبناء والمشكلات التي تواجههم، ثم نضع حلولاً نتصورها تفوق في كثرتها وجمال طرحها ما نسمعه من المسؤولين المعنيين بها، وتارة نتكلم عن السياسة.. عن الأحداث والتوقعات، وعن فرص الحروب والسلم والخيارات المطروحة أمام هذا البلد أو ذاك، ونسبق صناع القرار في العالم في رصد الحلول ووضع الترتيبات وتهيئة المستقبل، وأخرى نتكلم عن الفن والقنوات الفضائية وكعادتنا أيضا نضع الحلول التي نراها مثالية لتحجيم فساد نراه، وتحسين واقع عالم نعيشه وندعي علمنا به، هكذا نحن في مجلسنا مجموعة علماء ومحللون وتربيون وسياسيون واجتماعيون، نفهم في كل شيء ولدينا حلول لكل المشكلات، وبأيدينا نجاة عالمنا الفسيح من صراعاته ومواضع آلامه، بل وربما نضع ترتيبات مستقبلية وخططا استراتيجية لا لمجتمعنا فقط، بل وللكرة الأرضية بما تحويه من موجودات وقد نحل مشكلة طبقة الأوزون ونحن نحتسي القهوة ونتحدث في مجلسنا، أو مشكلة رجال المريخ الذين ينتظرون اكتشافنا لهم فنحن كما نرى أنفسنا الصالحون الفاهمون المثقفون الخيرون الذين يملكون مفاتيح الحكمة والرؤى والتصحيح، نقول في مجلسنا كلاما يكتب بماء الذهب لثرائه وعمق محاوره، وبوجود مجلسنا لا أعتقد أن العالم سيعاني من مشكلاته فحلولها عندنا لا تتطلب غير أن ننتهي أولاً من مشكلتنا البسيطة التي لا تزال تشغلنا وهي خلافنا الدائم في أيهما أكبر مائة العشرات أو مائة الصور ونحن نتنافس في لعبة البلوت، هذه المسألة البسيطة هي سبب مشاحناتنا وتفرقنا وعنادنا لبعضنا البعض؛ لأننا نتغير في أرائنا ومواقفنا بحسب مصلحة ما يوزع لنا من ورق، وهي سبب انشغالنا عن العمل بما نراه من حلول لكل المشكلات، وعلى العالم أن ينتظر وصولنا إلى اتفاق على هذه المسألة البسيطة التي تلازمنا لنتفرغ لنجدته والقضاء على كل مشكلاته بما لدينا من رؤى وأفكار مبدعة، ادعوا معي أن نحل هذه الإشكالية البسيطة حتى ننقذ العالم من كل مشكلاته.. والله المستعان.