البشر في قضاياهم التي تهمهم وتحيط بهم بين مؤيد في رأيه وغير مؤيد فيه. فقضية التحول التي مرت وتمر بها الهيئة العامة للطيران المدني أصبحت الشغل الشاغل لمنسوبيها والتي ينظرون لها من خلال زاوية واحدة من زوايا هذا التحول وهو الذي يهم كل موظف في معظم المنظمات اليوم وهي تكتيكية تحول الموارد البشرية في المنظمة إن صح التعبير ونتيجة هذه الآلية فمن هؤلاء من وصف هذاالتغيير بالإخفاق ومنهم من اعتبره ناجحا وان كان الأول عمليا والآخر إعلاميا وعلى كل فهما على طرفي نقيض!
وخبراء الاقتصاد والإدارة متفقون أن سر تعثر أي شركة أو منظمة أيا كان نشاطها في العالم هو ضعف إدارة الموارد البشرية؛ وكما أن أزمات واخفاقات المنظمة في ضعف ادارة وتنظيم العنصر البشري فمنطقيا نجاحات وأمجاد المنظمة يعتمد على رأس المال البشري ويكفينا النمور الآسيوية أنموذجا ناجحا حيث حققت اقتصادات تلك البلدان معدلات متسارعة من النمو فاقت بها أكثر البلدان تقدمًا وهو ما أرجعه الخبراء إلى الثروة البشرية التي تمتلكها تلك البلدان، وما تتمتع به من جودة وكفاءة عالية. ومن أهم عناصر نجاح وكفاءة المنظمات اليوم والغائبة عن الساحة الإعلامية هو العنصر الأخلاقي فهو يساعد في التغلب على المشكلات والمعوقات التي تواجه المنظمة والذي يعتمد على قوة الوازع الداخلي الى جانب المناخ الملائم والقانون العادل وهذا ما رأيناه واقعا ملموسا في نجاح التجربة الماليزية تنمويا. والهيكل الإداري الأخير للموارد البشرية بالهيئة العامة للطيران المدني يتلخص في الرئيس التنفيذي وخمسة صفوف ادارية متتالية من الأول حتى الخامس والرئيس يسوس الصف الأول اختياريا واداريا وكل صف يسوس الذي يليه بهذا المنوال ولا يوجد ضوابط دقيقة في اختيار كل صف اداري اللهم بعض النقاط العامة وغير الملزمة وهنا كمين هذا التحول الاداري فكان بيئة خصبة للتهميش والاقصاء لكثير من المتخصصين والكفاءات الادارية العالية صاحبة المستقبل الواعد في المنظمة والذي يهمني هو مدى تأثير هذا التغيير الاداري على أداء وانتاجية المنظمة وبالتالي اقتصاد الدولة بشكل عام. فالأرقام تبين حقائق ضعف الحركة الجوية, الشحن الجوي والمسافرون وتباطؤ النمو السنوي لهؤلاء في مطارات المملكة, ففي عام 2007م كانت نسبة نمو حركة المسافرين في كافة مطارات المملكة حسب احصاءات هيئة الطيران المدني (7.71%) عن العام السابق (2006م) بينما كانت نسبة النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا للنصف الأول من العام نفسه (17.8%) حسب ما أكده الدكتور مجدي صبري (نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا), وأضاف صبري أن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا قادت مناطق العالم الأخرى في نسب النمو خلال الخمس سنوات الماضية.
ولأني أعتقد أن القيمة الحقيقية المستخلصة من دراسة الأرقام لا تكمن فقط في معرفة الرقم بل في استيعابه ودراسته بالتحليل والمقارنة وما يترتب عليه من تقدم أو تقهقر المنظمة, وهناك بون شاسع بين الرقمين (7.71%) الذي يمثلنا ورقم (17.8%) والذي يمثل منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا, هذا البون أكثر من الضعف فانتاجيتنا متقهقرة عن بقية دول الجوار لأكثر من النصف بل هم متقدمون علينا بما يفوق الضعف. ولكن ما الذي يترتب على هذا؟ ان زيادة أي من الرقمين السابقين ولو بجزء من العشرة يعني توفير آلاف الوظائف وضخ المزيد من النفع المالي للبلد فصالة رقم (5) والتي تم الانتهاء منها قبل فترة بمطار هيثرو بلندن أضافت (16500) ستة عشر ألفا وخمسمائة وظيفة حسب ما أتذكر بسبب كثافة حركة المسافرين والحركة الجوية اضافة للشحن الجوي. وللنهوض والارتقاء بمنظمتنا وصالح مجتمعنا واقتصادنا الوطني فانه من الضرورة بمكان اجراء اصلاحات ادارية عاجلة للموارد البشرية بهذه المنظمة تراعي ما سبق ذكره وهذا هو واجب الرئيس التنفيذي بل هو القرار الشجاع.
* ماجستير ادارة وتخطيط المطارات/جامعة لفبرا البريطانية
mohammadaljabri@hotmail.com