مع تطور العلوم وتوصل الباحثين والعلماء إلى الأسباب المؤدية إلى الاصابة بالأمراض وكيفية تجنبها، تتواصل اكتشافاتهم لكثير من العوارض والأسباب التي كانت تصيب الانسان، بعضها قاتل يؤدي إلى الوفاة، والبعض يسبب عجزاً أو اعاقة دائمة أو جزئية، أو يوجد سلوكيات مصاحبة للمرض، أو لنقل سببها المرض، وإذا كان الناس يموتون في العصور الوسطى دون أن يعرف السبب، فإن العلوم الحديثة والاكتشافات الطبية قد كشفت أسباب الكثير من الوفيات وسلطت الضوء على العديد من الأمراض مما أدى إلى تشخيص مسببات تلك الأمراض، واستنباط العلاج لها سواء بانتاج الأدوية أو الطرق العلاجية بتهذيب السلوكيات أو الحد من الأعمال والأفعال الضارة.
وهكذا عرفت البشرية أمراض السرطان، والزهيمر، ونقص المناعة، وغيرها من الأمراض المميتة، والتي حاول العلماء ولا زالوا البحث عن علاج لهذه الأمراض وقد وفقوا في الحد من انتشار هذه الأمراض ووفقوا أيضاً في علاج البعض منها وإن شاء الله سيفلحون في استكمال باقي العلاجات.
وإلى جانب هذه الأمراض المميتة توصل العلماء إلى مجموعة من الأمراض التي يمكن تسميتها بالأمراض العضوية السلوكية، أو الأمراض العصبية كأمراض التوحد ومرض فرط الحركة وتشتت الانتباه، وهذا المرض والذي يعد من أكثر الأمراض العصبية انتشاراً لدى عيادات الأعصاب والطب النفسي للأطفال حيث تصل نسب انتشاره إلى 10% من الأطفال في المرحلة الابتدائية وتستمر معاناة الكثير منهم حتى الكبر لكن بأشكال وأعراض مختلفة.
وهذا المرض بدأ التعريف به وتسليط الضوء عليه منذ سنين قليلة، وأعترف شخصياً أني لم أسمع به إلا قبل أشهر..!! وكل الذي عرفت عنه أنه يصيب الأطفال وأن هؤلاء الأطفال الذين عادة ما يكونون أذكياء جداً فإما أن يعالجوا ويوجهوا التوجيه الصحيح فيصبحوا علماء أو مبدعين أو حتى قادة ومدراء تنفيذيين رواداً، وإما أن يتم إهمالهم ولا يخضعون للعلاج فإنه يمكن أن يصبحوا مجرمين أو مشاكسين أو معارضين للسلوك الاجتماعي، وللتدليل على ذلك فإن العالم الفيزيائي المشهور انشتاين كان مصاباً بهذا المرض وعولج منه لتتحسن سلوكياته ويقدم للعالم نظرية النسبية.. أما الذين لم يتلقوا العلاج فيمكن أن يصبحوا مجرمين وقتلة.
فالمصابون بهذا المرض تظهر عليهم أعراض واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه تشابه في بعض مظاهرها أمراضاً أخرى عصبية ونفسية مثل الاكتئاب واضطراب الشخصية والقلق أو بعض إصابات المخ لذا فلابد من التأكد من عدم وجود أي من هذه الاحتمالات.
ويعاني الشخص المصاب بهذا المرض من ضعف التركيز عند المذاكرة أو الاستماع أو أداء الواجب وقد يشكو من ضعف الذاكرة مما ينعكس على المرء -رجلاً كان أو امرأة- بمزيد من الاحباط والإحساس بالفشل وعدم القدرة على النجاح والمواصلة.
ويبدو الشخص المصاب كثير التململ من أداء المهام والواجبات الملقاة على عاتقه ونجد أنه لا يستطيع تنظيم وقته مما يؤدي إلى عدم قدرته على الثبات في وظيفة أو إيجاد وظيفة أساساً.
كما يصعب على المصاب إقامة علاقة زوجية صحية أو الاختلاط اجتماعياً نظراً لعدم قدرته على التحكم بسلوكه. ويتم تشخيص الاضطراب عن طريق جمع معلومات دقيقة عن ماضي الشخص خصوصاً في فترة الطفولة حيث يلزم وجود أعراض الاضطراب منذ ذلك الوقت.
ويعتمد التشخيص بالاضافة لما سبق على ملاحظات المحيطين بالشخص واختبارات ومقاييس معينة للتركيز والاندفاع.
وقد تتعدى المشكلات المصاحبة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه الفرد وأسرته إلى المجتمع.
العديد من المشاكل الاجتماعية الناتجة عن إهمال الإصابة منها تخريب الممتلكات العامة وجرائم السرقة والمشاجرة ومخالفة وتحدي السلطات ومخالفات المرور والحوادث المرورية وادمان الكحول وتعاطي المخدرات والمتاجرة بها، وأخيراً تعدد محاولات الانتحار.
وقد قامت في المملكة مجموعة لدعم معالجة اضطراب الحركة وتشتيت الانتباه وقد نفذت هذه المجموعة التطوعية التي لا تسعى إلى تحقيق الربح عدة ورش عمل للتعريف بالمرض وطرق علاجه وضمن هذه الجهود تبدأ اليوم السبت في مستشفى الملك فيصل التخصصي ورشة متخصصة لابد من انها ستثري من يحضرها.