الرياض - الجزيرة
توقع خبير اقتصادي معاودة القطاع المصرفي تسجيل نمو على صافي الدخل نتيجة للزيادة المتوقعة في حصته من تمويل المشاريع الكبرى في المملكة بعد انخفاض حصة البنوك الدولية، إضافة إلى تزايد قدرة البنوك الوطنية على تقديم المزيد من الائتمان والتمويل الشخصي، لاسيما بعد إجراء مؤسسة النقد تخفيض الاحتياطي النظامي للبنوك وضخ سيولة للمصارف وخفض سعر إعادة الشراء، مؤكدا أن نتائج البنوك كشفت أن تأثير الأزمة المالية العالمية عليها كان محدودا ولا يكاد يذكر.
وقال الاقتصادي غسان بادكوك في تعليقه على آثار الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني على الرغم من أن المملكة جزء من الاقتصاد العالمي، فإن من الطبيعي أن تتأثر بالمتغيرات الدولية المالية والاقتصادية إلا أن البنية الهيكلية للاقتصاد السعودي بما في ذلك النظام المالي تختلف عن المقومات الاقتصادية للدول الصناعية مبينا أنه خلافاً للآراء المتشائمة حول تأثير الأزمة على الاقتصاد الوطني، فإن من المؤمل أن تكون المملكة إحدى الدول الأقل تأثراً بالاضطرابات المالية العالمية نظراً لأن الدولة تُدير استثماراتها الخارجية بشكل مُتحفِّظ وليس لديها استثمارات مُباشرة في البنوك الدولية، إضافة إلى الجهود المبذولة لتحسين بيئة الاستثمار وتخفيض نسبة البطالة والسيطرة على التضخم وزيادة الصادرات غير النفطية ومعالجة الآثار المترتبة عليه خاصة للمواطنين الأكثر تضرراً وتخفيض الدين العام.
وأضاف أن الذي يُعزِّز هذه الرؤية أن الاقتصاد الوطني لديه مقومات وأدوات ستمكنه من تجاوز الاضطرابات التي لحقت بأسواق المال العالمية ومحافظة مؤشرات الاقتصاد السعودي على أدائها المتميز وتحقيق الميزانية فائضاً ضخماً عن العام الحالي يُلبي احتياجات التنمية، حيث توقع أن يستمر الأداء الجيد لقطاعات الاقتصاد السعودي المختلقة خلال العام المقبل، مشيرا إلى أن اقتصاد المملكة لا يخلو من التحديات التي يأتي في مقدمتها تحقيق النمو بوتيرة أسرع وخلق المزيد من فرص العمل وجذب استثمارات أجنبية نوعية ذات قيمة مضافة وتنويع القاعدة الاقتصادية، وتحديث الأنظمة وتطوير التعليم والبحث العلمي.
وقال إن قطاع تجارة التجزئة بالمملكة سيشهد نمواً ملموساً خلال الفترة القادمة على ضوء تراجع أسعار الواردات من أبرز الشركاء التجاريين للمملكة حيث سيترتب على ذلك حفز الاستهلاك، كما سيكون لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل العملات الدولية الرئيسية أثره الإيجابي على زيادة القيمة الشرائية للريال والتي تناقصت على نحو ملموس خلال العامين الماضيين.
وبين بادكوك انه على الرغم من التراجع المتوقع لدخل المملكة من البترول خلال الفترة القادمة، فإن من غير المُرجَّح أن يؤثر ذلك سلباً على قدرات الحكومة في تنفيذ المشاريع الضخمة سواءً ما أعلن عنها حتى الآن أو ما سيتم الإعلان عنه خلال العامين القادمين على الأقل حيث إن الفوائض التي تراكمت خلال الأعوام القلائل الماضية كفيلة بتوفير التمويل اللازم. ومن غير المستبعد انتعاش الدورة الاقتصادية المحلية نتيجة لانخفاض التضخم وتراجع أسعار السلع والخدمات وزيادة الانفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية التي سيصبح تنفيذها أقل كلفة مع ما تُضيفه من فرص عمل جديدة.
وأضاف أن القطاع العقاري بالمملكة سيحظى بنمو ملحوظ يدعمه النمو المتصاعد في الطلب على المساكن وصدور نظام الرهن العقاري مطلع العام المقبل وانخفاض تكلفة مواد البناء الرئيسية مع تزايد صيغ وأدوات التمويل العقاري من قبل البنوك الوطنية هذا إضافة إلى تغيُّر الإستراتيجيات التسويقية لبعض المطورين العقاريين الرئيسيين الذين سيتوجهون لتوفير منتجات عقارية تلبي احتياجات شريحة الدخول المتوسطة التي تشكِّل القاعدة العريضة لسوق التمويل العقاري والتي لم تحظ سابقاً بالكثير من الاهتمام من قبل المطورين.
وفيما يتعلق بقطاع الصناعة قال: (من المؤمل أن تحظى مخرجات قطاع الصناعات البتروكيماوية والتحويلية بالمزيد من الرواج أو أن تُحافظ على الأقل على معدلات الإنتاج الحالية نظراً لارتفاع تنافسية تلك المنتجات دوليا بعد تراجع أسعارها مدعومة بالمزايا النسبية المتمثلة في انخفاض تكلفة إنتاجها مقارنة بالمنافسين الدوليين).
من جانبٍ آخر قال: (ستحافظ الشركات الصناعية على مُعدلات طاقاتها التصديرية حيث سيتم تعويض تراجع الطلب على تلك المخرجات في الدول الصناعية عبر زيادة الصادرات إلى الاقتصادات الآسيوية الأقل تأثراً بالأزمة والأسرع نمواً في كلٍ من الصين والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة).
وأضاف انه بعد سلسلة التراجعات الحادة التي شهدتها سوق الأسهم، أخذ مؤشر السوق اتجاها أفقياً يُنبئ عن استقراره بعد أن أطمأن المستثمرون على متانة واستقرار الاقتصاد الوطني وعدم تأثر الملاءة المالية للبنوك بالأزمة الدولية وأن الانخفاضات الأخيرة تعود إلى تزعزع الثقة أكثر من كونها تشير إلى تأثر أداء الشركات وربحيتها بشكل كبير جرَّاء الأزمة. وعليه فإن من المؤمَّل أن تتزايد ثقة المستثمرين في السوق على نحو تدريجي وتعاود السوق نشاطها على نحو يعكس مقومات الاقتصاد الوطني لاسيما بعد أن جاءت نتائج الربع الثالث للكثير من الشركات الرئيسية مُطمئنة وتعكس محدودية تأثير الاضطرابات المالية الدولية على المملكة.