أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأميركي يتجه نحو الركود، ما قد يعرضه لضغوط معظم العام 2009. غوردن براون، رئيس الوزراء البريطاني، أشار إلى أن (بريطانيا لن تفلت من الركود الاقتصادي بسبب الأزمة).
الركود العالمي وإن تجاوزت مرحلته الحالية العام 2009 يفترض ألا يحدث أثراً بالغاً في الاقتصاد السعودي، فمرحلة النمو التي امتدت لأكثر من خمس سنوات أدت إلى خلق اقتصاد متين، وأعادت بناء الاحتياطات المالية، وساعدت في استمرار عجلة التنمية التي يمكنها الاستمرار في الدوران اعتمادا على التمويل الذاتي من الاحتياطات، والميزانيات المرصودة التي يفترض ألا تتأثر، على المدى القصير، بتناقص الإيرادات.
ولكن يجب أن نعترف أن الأزمة الحالية كادت أن تؤثر في القطاع المصرفي، نتيجة الهلع والخوف غير المبررين من جهة، ولأسباب تنظيمية كانت إلى ما قبل الأزمة أداة فاعلة في مكافحة التضخم، إلا أن حكمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وحسن إدارته الأزمة محليا، وترؤسه المجلس الاقتصادي الأعلى، أدت إلى طمأنة المودعين والمستثمرين خاصة بعد التأكيد على سلامة القطاع المصرفي، وضمان ودائعه، ودعمه بالسيولة والقرارات الناجعة.
تأمين القطاع المصرفي، يعني تأمينا مباشرا لقطاعات الاقتصاد التي تعتمد في أنشطتها على المصارف؛ ولكن ماذا عن سوق الأسهم، القلب النابض للاقتصاد الوطني؟
سوق الأسهم السعودية تعرضت لانهيارات حادة منذ العام2006 وما زالت، بل أصبحت أكثر القطاعات المتضررة من تداعيات الأزمة العالمية ما يجعلها أكثر حاجة للدعم والمساندة.
فلسفة ترك السوق لمواجهة مصيرها المحتوم لم تعد نافعة في مثل هذه الظروف الاستثنائية. الحكومات الغربية لم تكتف بدعم القطاع المصرفي بل دعمت أيضا الأسواق المالية، وبعض الحكومات تدخلت لشراء جزء من أسهم المصارف والشركات الضخمة. بل إن الحكومة الأميركية ضمنت مؤخرا صناديق الاستثمار.
سوق الأسهم في حاجة إلى الدعم والمساندة الحقيقية لأربعة اسباب رئيسة، الأول: أنها تمثل قلب الاقتصاد النابض وفي قوتها قوة ومتانة للاقتصاد، وإذا ما جزمنا بسلامة الاقتصاد ومتانته فيجب علينا ألا نقبل بتدهور قلبه السليم؛ الثاني: أن شركات السوق لم تتعرض للخسائر الفادحة أو الإفلاس، بل إنها تحقق نموا مطردا، وأرباحا خيالية حتى في أحلك الظروف؛ الثالث: أن السوق تضم مدخرات أكثر من 70 في المائة من المواطنين، وفي حفظها حفظ لثرواتهم ومدخراتهم المالية، وحماية لهم من الفقر والعوز، وحفاظا على استقرار المجتمع والنأي به عن المشكلات المالية، الأمنية، والأخلاقية؛ الرابع: أن التدخل الحكومي المنظم لن يكون دعما بقدر ما هو استثمار مضمون العوائد، وبديلا إسلاميا عن سندات الاستثمار الربوية؛ والسبب الخامس: أن الفوائض المالية الحالية إذا لم تستخدم لدعم وإصلاح السوق المحلية التي انحدرت إلى ما دون القاع، فربما تغري الهيئات الدولية باستخدامها للمساعدة في حل الأزمات العالمية.
أسواقنا الداخلية أولى بالمعالجة من الأسواق العالمية، ولعلنا نُذَكّر بدعوة الرئيس جورج بوش الموجهة لزعماء 20 دولة من بينها السعودية لحضور قمة عالمية في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لمناقشة الأزمة المالية وأحوال الاقتصاد العالمي. أخشى أن يكون الدعم المالي هو المطلوب في هذه القمة..
فهل نستبق القمة العالمية بدعم وإصلاح أسواقنا المحلية، أم نمضي قدما في تقديم المستحب على الواجب!!!.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7741 ثم أرسلها إلى الكود 82244
f.albuainain@hotmail.com