أكد الفريق سعد التويجري مدير عام الدفاع المدني حصول تأخير في الإبلاغ عن حريق أبراج مكة. سأترك حريق مكة وتصريح سعادته بعض الوقت وأصحبكم معي إلى العمارة التي سكنتها في مونتريال وقضيت فيها شهر رمضان المبارك كما أخبرتكم سابقا. ثقافتي وثقافة عائلتي في مسألة التصرف أثناء الحريق صفر. لا نملك من ثقافة مكافحة الحريق سوى الخوف الفطري الذي يتملك الإنسان عند حدوث الكوارث. لكن حريق الأيام الحديثة ليس مجرد تعض ثوبك وتنحاش. أنت في عالم تمت صياغته بطريقة مختلفة يتطلب تصرفا بطريقة مختلفة.
ستجد نفسك في لحظة من اللحظات عالقا في الدور الثالث والثلاثين من عمارة شاهقة وهذا ما حدث لي. في الساعة الثالثة صباحا سمعنا جرس الإنذار داخل الشقة يرن بصخب يوقظ الموتى. لا يوجد مكان يمكن أن تشتعل فيه النيران سوى المطبخ. تفحصت المطبخ. كل شيء كان سليما. فتحت باب الشقة فسمعت صخب الإنذار في الممر أيضا. فاكتشفت أن الأمر لا يخصنا وحدنا. استنتجت أن جرس الإنذار مربوط بشبكة بالعمارة كلها. رفعت السماعة على حارس العمارة وسألته ما التصرف السليم في هذه الحالة. فقال ببساطة وهل ما زلت في الشقة؟ أنزل فورا عن طريق السلم ولا تنتظر ثانية واحدة. ساعدنا الرعب على قطع مسافة ثلاثة وثلاثين دورا نزولا في أقل من عشر دقائق. شاهدنا في الشارع عددا من سيارات الحريق وسيارتي إسعاف وجنود مطافئ وخلقا كثيرا. تبين لي أن الحريق مجرد دخان في مطبخ إحدى الشقق وقد عالجها صاحب الشقة بنفسه. لم يكن في حاجة إلى تدخل رجال الإطفاء, ولكن رجال الإطفاء وصلوا وحققوا في القضية. فما أن يرن جرس الإنذار في شقة يرن في العمارة كلها ومن الواضح أنه يرن أيضا في مركز الإطفاء ولا يحتاج إلى إبلاغ.
يؤكد سعاد مدير عام الدفاع المدني حصول تأخير في الإبلاغ عن الحريق. لم يشر الفريق إلى الكيفية التي يتم بها الإبلاغ عن الحريق. أقرب الظن أن الأخوة في الدفاع المدني ينتظرون فاعل خير. لكن من هو السيد فاعل خير هذا. أشار سعادة المدير إلى أن التحقيقات جارية مع ثمانين فردا. جزء من هذه التحقيقات ستبحث عن مسبب الحريق والجزء الأهم سيبحث عن فاعل الخير (اللي ما فيه خير) وتأخر عن الإبلاغ ولابد أن يعاقب لتبرأ الذمة. في مونتريال نزلنا خمس مرات خلال شهر. صرنا خبراء في النزول مع الدرج. في الأخير طفشنا. لا نوم زي الناس ولا حريق زي الناس. مشكلتنا أن فاعل الخير الكندي إلكتروني. لا يتردد ثانية واحدة. يبرئ ذمته فورا لا ينتظر الأجر أو التحقيقات أو أن يشاهد ألسنة اللهب من النوافذ ويبلغ. نعود مجددا ونطرح السؤال: من هو العالم الثالث: المسؤول أم المواطن؟
Yara.bakeet@gmail.com