هذا العنوان هو شعار معرض وسائل الدعوة العاشر الذي تنظمه وتشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتحتضنه والفعاليات المصاحبة له منطقة حائل ممثلة بفرع الوزارة فيها، ويفتتح المعرض والفعاليات المصاحبة له مساء غد الثلاثاء صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز أمير منطقة حائل..
.. ويُشرّفه معالي وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وأصحاب الفضيلة وكلاء الوزارة والدعاة من مختلف مناطق المملكة وأهالي المنطقة.. جاء ذلك على لسان فضيلة مدير الفرع الشيخ عبد الله الحماد. وهذا الشعار (كن داعياً) يحتاج في نظري إلى بيان من قِبل المنظمين، كما يحتاج منا نحن الموجهين لهم الرسالة والمستهدفين من خلال هذا الشعار وقفة تأمل وتفكير؛ وذلك حتى لا يلتبس الأمر على أي منا ويعتقد أن المطلوب من الجميع أن يكونوا خطباء مفوهين ودعاة رسميين أو متعاونين يعتلون المنابر ويوقعون عن الله. وللإيضاح أسوق هذه القصة التي ترسم لنا منهج العمل للدين، وتبين كيف يمكن لكل واحد منا أن يكون داعية لله ولو لم ينطق ببنت شفه. ذكر لي أحد الأقارب أن سودانياً يعمل في ورشة سيارات ومعه في نفس مقر العمل والسكن عدد من العمال، ومن بينهم فلبيني يمازحه ويسلي كل واحد عن الآخر غربته، والتكلفة بينهما مرفوعة. وفي يوم من الأيام كان السوداني يتهيأ لصلاة المغرب فمر عليه الفلبيني ومازحه مستهتراً به وبصنيعه، فقبض السوداني على معصم الفلبيني - وكان رجلاً نشيطاً - واصطحبه معه إلى المسجد المجاور والفلبيني ملتزماً الصمت وراضخاً جبراً للأمر الواقع ولا يستطيع الإفلات من القبضة المُحكمة هذه.. دخل به صاحبه السوداني أولاً دورة المياه التي بجوار المسجد - أعزكم الله - وأمره وهو واقف فوق رأسه أن يفعل مثلما يفعل مَنْ بجواره، ثم دخل به المسجد واتخذ مكانا قريبا من الإمام وما إن انتهت الصلاة حتى أسرع هذا الرجل وهو يجر زميله الفبيلني معه إلى المحراب حيث كان الإمام جالساً يسبح، قال بعد أن سلّم على الإمام ومَن حوله: يا شيخ هذا الرجل يعمل معنا في الورشة المجاورة وجاء اليوم ليسلم على يديك.. فرح الإمام وأعلن للجماعة بعد أن حمد الله وهلل وكبر عن إسلام هذا الرجل الذي عرف الحق وانقاد له، والفلبيني يضحك في داخله من هذا المشهد، تقاطر الناس يسلمون عليه ويباركون له وهو لا يعرف عن أمر الإسلام شيئاً وحتى هذه اللحظة ما زالت العملية بالنسبة له مجرد مزحة ثقيلة. يقول الراوي: حتى جاء رجل مسن ودموعه على خده فقبّل هذا الفلبيني بحرارة لم يسبق له أن شاهدها!! هنا استيقظ الضمير وعادت للرجل الفلبيني فطرته الصحيحة، تساءل في أعماق نفسه: ما سر هذه الدموع، وهل يعرفني هذا الرجل المسن من قبل، ولماذا هذا التعاطف معي؟ وماذا سأضيف إلى هذا الدين حتى يبكي فرحاً بدخولي للإسلام؟ يقول الراوي: فبدأ هذا المسلم الجديد الذي لم يقتنع بعد يقرأ بنهم ويتأمل في باب الأخلاق خاصة فوقر في قلبه الإسلام، وصار بسبب دمعة صادقة من مسن من زمرة عباد الله المسلمين. قد نتفق بأن ما صدر من زميله السوداني تصرف خاطئ، ولكن في الوقت ذاته نستشعر أثر هذه الدمعة على نفسية العامل الفلبيني؛ ولذا فإن هذا الشعار يدل دلالة ضمنية على أن العمل من أجل الإسلام وفي سبيل نصرته مسؤولية الجميع وليس مسؤولية الهيئات والمؤسسات المختصة، كما أنه ليس حكراً على مَن رُزقوا مَلَكة البيان ويجيدون فن سبك الحرف، فكل مسلم بانتمائه للإسلام يجب أن يكون عاملاً للدين وداعياً له مهما كان عليه من حال ومهما كان فيه من خطأ ومهما اعتراه من تقصير وتهاون، ويمكنه أن يكون كذلك (داعياً) ولو لم يوسم بهذه الصفة. إنّ من الشبه التي يرجف بها الشيطان على كثير منا أننا لسنا معنيين بالعمل لهذا الدين والدعوة إليه والدفاع عنه، فنحن فضلاً عن كوننا قليلي زاد في العلم والفقه أصحاب معاصي وذنوب وآثام وخطايا، ولذا فبما لدينا من تاريخ أسود لسنا مؤهلين لهذا العمل الرفيع (الدعوة إلى الله). ويغيب عن بالنا أن الجميع أصحاب ذنوب وأخطاء، ولولا ستر الله لتكشفت المخازي ولبرزت الآثام.. ومع أن المسلم مطالب بالإقلاع عن الذنوب صغيرها وكبيرها والاستغفار في كل لحظة وتجديد التوبة مع الله بين الفينة والأخرى إلا أن من الخطأ أن يضيف الواحد منا إلى أخطائه خطأ آخر ألا وهو القعود عن الدعوة لهذا الدين والعمل من أجل نصرته بأي وسيلة ممكنة ومتاحة وفي استطاعته القيام بها.. العالم بعلمه والمجاهد بنفسه والتاجر بماله والخطيب بلسانه والكاتب بقلمه ومن لم يستطع خيلاً ولا ركاباً فبالدعاء والتضرع والكلمة الطيبة؛ فالكلمة الطيبة صدقة، وليبدأ الإنسان بنفسه وبمن يعول ومن يعيش معه في بيته، ولا ينسى عشيرته ثم جيرانه ومن حوله، وهكذا يكتمل البناء ونقي سفينة المجتمع أمواج الشر المتلاطمة ونصل بها إلى بر الأمان، فكن أيها القارئ الكريم داعياً إلى الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة من أجل مستقبل أفضل لك ولوطنك ولأمتك من خلفك، فكلنا راع وكل مسؤول عن رعيته، ومن لم يستطع لا هذا ولا ذاك فبقلبه، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان. عوداً على بدء، شكراً من الأعماق لوزارة الشؤون الإسلامية على مثل هذه الفعاليات الرائعة والدعاء من القلب للجميع بدوام التوفيق والسداد.