قصص واقعية كأنما هي من نسج الخيال، قصص نشاهدها بأعيينا ولولا ذلك لما استطاع العقل أن يستوعب حدوثها في مجتمع مسلم يقرأ الناس فيه القرآن ويعرفون سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ويستمعون إلى خطب الجمع في المساجد، وإلى المواعظ والدروس التي توقظ الغافل، وترشد الضال، وتدل التائه إلى سواء السبيل.
عُنفٌ (أسري) تتناقل الصحف أخباره، ويروي الناس قصصه متعجبين منها، وكأنها لا تعني أحداً منهم، وتتجدد يوماً بعد يوم بصورة تدل على قلوب متحجرة، ونفوس مغلقة، وصدور ضيقة لا مكان فيها للرحمة والعطف.
هذا رجل تعيش معه زوجته حياة صاخبة، قائمة على التسلط والسب والشتم واللعن، والضرب المبرح، وتنجب منه عدداً من الأولاد وهي ترجو أن تصلح أحواله، وتحسن أخلاقه، ويلين قلبه، ويقدِّر العشرة والحياة المشتركة، ولكنه يتمادى في تسلطه والناس من حولها يتمادون في تجاهلهم لما تعاني هذه الزوجة، فأهلها يعرفون ما تعاني، ولكنهم يصبِّرونها من أجل أولادها، وأهل الزوج يرون ظلمه وسوء خلقه فما يقدمون شيئاً يناصرون به هذه الزوجة المظلومة، بل يأمرونها بالصبر من أجل أولادها، وتمضي الحياة بهذه الزوجة سنوات موحشات مع رجل لا يخاف الله في أهله، ولا يرعى في زوجته وأولاده إلاً ولا ذِمَّة، وحينما أصبحت المرأة على يقين من أن صلاح هذا الزوج أصبح - في نظرها - من المحال، تركت بيت زوجها البائس، وفيه أبناؤها وبناتها، وذهبت إلى بيت أهلها، ولديها أمل أن يراجع ذلك الزوج (الظالم المتوحش) نفسه، ويشعر بظلمه، ويعود إلى رشده وصوابه، ولكنَّ الأمر يصبح أكثر تعقيداً، فقد لبثت عند أهلها أياماً وهم يمطرونها بوابل من النصائح بالصبر على تلك الحياة القاسية، ولو عاش فيها أحدهم ساعة واحدة لما صبر عليها، وتمر الأيام دون أن يسأل ذلك الزوج عن زوجته، بل وتفاجأ بكارثة ما كانت تتوقَّعها، ألا وهي اختفاء أولادها من البيت، إلى حيث لا تعلم، ولا يعلم أحد من أهل الزوج أو أهل الزوجة، اختفاء كامل حتى من المدارس التي كانوا يدرسون فيها، وتصبح المعاناة أكبر وأعمق، وحينما تنصح الزوجة بتقديم شكوى إلى المحكمة تروي قصصاً أخرى متشابهة تلاعب فيها الأزواج القساة بقضاياهم حتى يئست الزوجات المظلومات من الإنصاف.
وتلك زوجة تطلب الطلاق من زوجها القاسي المتسلِّط فيشترط عليها التنازل عن حضانة أطفالها الصغار، وتخفق المحاولات كلها في إقناعه، وترضخ الزوجة لذلك، وفي ذهنها أن المقاضاة عيب على مثلها، كما هي تصوُّرات الناس من حولها.
وذلك رجل يضرب زوجته حتى الموت، وتلك زوجة تهمل شأن زوجها وبيتها وأطفالها لاهية بنفسها وصديقاتها عن القيام بما أوجب الله عليها.. صور دامية تجري في مجتمع مسلم تجعلنا نتساءل بحسرة وألم: من أين هذه الوحشية؟ وإلى متى هذا الانحراف؟
إشارة: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
www.awfaz.com