كلمة الحق تقال في موضع الحق ولو كانت على النفس..، ولقد كان من مقومات التربية الجيدة أن يدرب الصغار على قول الحق في أي موقف يعترضهم، وترفع فيه عنهم العقوبة في سبيل أن يستوعبوا أهمية ذلك..،
لذا فكذب الآباء أمام صغارهم ..، أو التنصل أمامهم عن الاعتراف للآخر بحقه من أجل النفس أو الأقرب فيه ما يعكس لأولئك الصغار الصور مقلوبة لمواقف الحق المجرد وموضوعية التحلل من الهوى..، لكن جرت أساليب الدعاية والإعلان بل الإعلام على تلميع الحقائق بألوان خادعة، فيها من الأكاذيب المبطنة ما فيها..، ولم يعد يتعامل بهذه اللعبة، ويمد في حبالها، ويطوِّح بأسلاكها الصغار أو الجاهلون بل غدت لعبة الأذكياء والفاهمين والكبار..، لذا لم تعد هناك مصداقية للأخبار كلها ولا للآراء بمجملها..، واندرج تحت طيات هذه الأجنحة كثير من الأسماء اللامعة، والمنجزات الساطعة، والمواقف البيضاء، والوجوه الفاضلة..،
اختلط على الكبار قبل الصغار أمر هذا الخلط من أولئك الماسكين بأزمة الضوء ومفاتيح الأبواب..، لذلك لا يصدِّق أحدٌ أن فرص العمل على سبيل التمثيل، تنطبق شروطها على كل من يحصل على وظيفة..، ولا كل مريض فوق سرير في مصحة أهَّلته حالته الصحية لذلك السرير..، أو صاحب العمل الإبداعي الخارق قد تقدم الصفوف وشق المسالك بنوعية إبداعه وقوامات نجاحه..، أو رغيف الخبز كان من نصيب من يقف في الطابور منذ الفجر، ولم يتخطه صاحبٌ بإشارة، أو مندوب شهير نافذ بمكانة..،
موارد الماء لا تقطر في انسياب، ومجرى الهواء لا يمتد بتلقائية..، فأغلب الحقوق تداخلتها شذرات ملونة من الأكاذيب..، والإنسان..، حين يكون محور حروف المفكرين فليس من ترف أو فراغ.. بل لعله القرف والفقد..
أيسر السبل للمصداقية وأنقى الأساليب للموضوعية طمست في هبوب ريح عتية..