تعيش كثير من الشابات في السعودية حالات متفاوتة ومختلفة من الشعور بالإحباط الذي تتعدد أسبابه وتتوزع على مختلف العوامل الأسرية والاجتماعية التي تحيط بهن، وبشكل عام فإن الإحباط يتخذ مناحي خطيرة عندما يرتبط بالفهم الاجتماعي الصلب للمرأة ومقدار الحقوق التي يجب أن تتمتع بها مهما ترقت اجتماعيا ووظيفيا.
تعيش كثير من الشابات معاناة مكتومة في مجتمع ذكوري لا يعترف بدور حاسم للمرأة سواء في التنمية أو الرقي الاجتماعي، هناك في أقاصي أطراف المدن تعيش أسر بها عدد كبير من الشابات السعوديات التي يحرم عليهن كل شيء باستثناء الذهاب إلى الأسواق القريبة في الحي بصحبة أخيها ووالدتها إن لم يكن والدها، يحرم عليها مخالطة الجيران أو الاقتراب من التلفاز أو سماع الأغاني، تصوروا يحرم عليها السهر إلى مابعد منتصف الليل بحجة أنها فتاة ولا ينبغي لها أن تسهر كما يفعل إخوانها الذكور.
حتى الأسواق الراقية التي عادةً مايكثر وجودها في شمال المدينة، يحرم على الفتاة الذهاب إليها حتى بصحبة والدها أو أخيها أو والدتها خشيةً عليها من الفتنة التي لا توجد إلا هناك بحسب والدها وأهلها.
تواجه الفتاة السعودية بحق أنواعا من وجوه الإحباط الذي يتم تعريفه من وجهة نظر علم النفس على أنه حالة انفعالية غير سارة قوامها الشعور بالفشل وخيبة الأمل تتضمن إدراك الفرد بوجود عقبات تحول دون إشباعه لما يسعى إليه من حاجات ودوافع. تسعى الفتاة بعدها إلى الهروب من واقعها المؤلم الذي ترى عكسه يتحقق لقريناتها فتذهب لتعويض مايفوتها من متع الحياة إلى الخيال وأحلام اليقظة، وهو أمر إن استثمر بشكل معقول لا ضير فيه، أما إذا استسلمت الفتاة إلى خيالها وأحلامها وأصبحت تنظر لجميع نواقصها في ذلك الخيال فربما يصل بها إلى مرحلة قد لا تحمد عقباها وينتهي بها الأمر إلى الإصابة بأمراض نفسية قابلة أن تتحول وبسرعة هائلة إلى أمراض عقلية يصعب علاجها والشفاء منها.
لماذا يصر الأب على سب ابنته، لماذا يصر الأخ على التشديد على أخته خشية أن يرى أحداً طرف عباءتها، لماذا تقوم الأم بدور السجانة والجاسوسة على ابنتها، أهو فقدان ثقة أم أن هناك عادات اجتماعية بالية عفا عليها الزمن مازالت تسيطر على عقول البشر وتحكم قبضتها على مفاتيح الحياة لديهم.
ألا يحق للفتاة مالا يحق لغيرها من الخروج من المنزل والاستمتاع بالتسوق ضمن الحدود الشرعية المباحة، لماذا إذًا هذا التضييق المريض على الفتاة.
كثير من فتياتنا يودن الخروج من منازل أهلهن إلى منازل أزواجهن حتى لو كان الزوج تجاوز عمره عمرها بثلاث مرات أو قد تتنازل عن كثير من حقوقها الزوجية كالمبيت والعدل وخلافه مما يثار حالياً عن حالات المسيار مقابل خروجها مما تسميه سجن منزل الأب، الأمر الذي يزيد الحال تعقيداً وتكثر من بعده حالات الطلاق التي تؤدي بالفتاة إلى العودة مجدداً إلى منزل والديها ولكن هذه المرة وهي مطلقة، والمطلقة لدينا مجرمة تستحق السجن والتعذيب والحرمان والإهانة والضرب لأنها لم تحافظ على منزلها وعلى عش الزوجية الذي بني أصلاً على باطل وبني أصلاً هروباً من جحيم السجن العائلي.
هناك سوء فهم عميق لطبيعة التحول الاجتماعي الذي ينتصر للمرأة ويمنحها حقوقها المهضومة، وهنا تكمن الدوامة والصراع النفسي الذي تعيشه المرأة خصوصا إذا ما كانت متزوجة من رجل غير مسؤول وليس لديه إحساس كاف بالمسؤولية والوعي بأهمية الاحتفاظ بشراكة الحياة متألقة، وتجديدها بين فترة وأخرى وإعادة اكتشاف أجمل الأشياء بين الطرفين تحقيقا للسعادة واستمرارية الحياة الزوجية. وهذه معضلة أخرى لا تقل عن سابقتها.
إن أردنا فعلاً تحقيق مجتمع متوازن متكامل يتم تأسيس بنيانه على أرض صلبة فلنخف الله في بناتنا ونعطيهم قليلاً من الحرية وكثيرا من الثقة، فبناتنا بخير ولله الحمد وتربيتهم الدينية سواءً في المنزل أو في المدرسة تمنعهن من ارتكاب منافي الأخلاق. فرفقاً بالقوارير يارجال.
dr.aobaid@gmail.com