يكاد يتفق العرب (الشرفاء) على شجب السياسة الأمريكية التي يتصدر قائمة اهتماماتها الحفاظ على الكيان الإسرائيلي والدفاع عنه والكفاح في سبيل ديمومته واستمراره؛ وهذه الإستراتيجيات (الأنقلوأمريكية) معلنة ولا تخشى كل من بريطانيا وأمريكا من إشهارها أو الإفصاح عنها، بل تصم كل من يعارضها بدعم الإرهاب وعداء السامية؟! أردت من هذا الحديث أن يكون مدخلاً أوطئ من خلاله للفكرة التي أريد أن أعلّق عليها وأناقشها بعد الأزمة
الاقتصادية (الأمريكية) العالمية التي طالت أصقاع الأرض شرقاً وغرباً فانهمكت وسائل الإعلام باختلاف أنواعها وتوجهاتها تنظر لهذا السقوط وتؤكّد أنه البداية (الحسية) لترجل الولايات المتحدة الأمريكية عن صهوة جوادها الأبيض (اقتصادياً) قد يكون في هذا التحليل الاجتهادي شيء من الصحة فهو يدل على وجود خلل في السياسات الأمريكية الداخلية والخارجية وبلا شك أن لدى هؤلاء مبررات (استنباطية) أخرى بحكم تخصصهم في هذا المجال، المثير والمضحك في هذا الشأن تلك الكتابات الوصفية (السطحية) التي شرع بعض كتّاب الإنشاء و(البلطمة) في ابتداعها عندما يترجم هؤلاء الأزمة الاقتصادية الأمريكية بأنها بداية انهيار وهزيمة وسقوط وخزي وثبور لها! الولايات المتحدة الأمريكية الدولة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، الدولة التي خلصت الخليج من خطر العراق، الدولة التي تتمتع بأعظم قوة عسكرية و(تكنولوجية) على الإطلاق لا أظن بأنها معرضة يوم غدٍ أو بعد غد - كما ينضح من كتابات البعض - إلى السقوط والانهيار كحال برجي التجارة بواشنطن اللذين تواريا فجأة عن الأنظار..!، الكتابة في هذا الشأن تحتاج إلى سعة اطلاع وتخصص وبعد نظر غير موجود - مع الأسف - لدى هؤلاء الذين يفرغون شحنهم ضد العملاق الأمريكي الذي يستخرج بترولنا ويبيعه لنا وحتى ريالنا العزيز هو أيضاً مرتبط ارتباطاً وثيقاً بدولارهم الحبيب، فالولايات المتحدة الأمريكية لديها أكبر مخزون من الذهب في العالم وعلى أية حال فأي سقوط أو نزول له بالتأكيد سيؤثِّر سلباً على اقتصاد المملكة العربية السعودية، وبودي أن يفسر لي هؤلاء ومن يواصلون دعاءهم ليل نهار ضدها كيف أن أمنياتهم سترجع بالسوء على بلادهم واقتصادهم، الشمولية قد تكون مطلباً ضرورياً في ظل غياب التخصص الذي يخول العقل للتحليل والاستنتاج من خلال المعطيات الظاهرة على السطح، لكن الاجتهاد المدعم بالكثير من العاطفة لن يكون له نتيجة إيجابية، بل سيعود بالسوء على كل ما له علاقة بهذه القضية.. كنا وما زلنا نأمل بألا يخوض في نقاش هذه المسائل (الحساسة) مَن لا يملك مثقال ذرة من معرفة، ولكنها إشارة واللبيب بالإشارة يفهم.