لا يمر يوم إلا وتطالعنا الصحف بجريمة أو أكثر في معظم المدن السعودية، وبعد أن كنا نستغرب حصول حادثة أو جريمة وحتى جنحة أصبح العدد يتجاوز المألوف، وحتى هذا المألوف أصبح غير محدد؛ ففي مدن صغيرة نوعاً ما كالطائف تجد جريمة في كل يوم، وفي مدن كبيرة مثل جدة ومكة والرياض والدمام نصطدم بارتكاب أشكال متنوعة من الجرائم الصغيرة كنشل الهواتف الجوالة أو السرقات القسرية التي تتم في وضح النهار، إلى الجرائم الكبيرة التي يحصل فيها قتل وانتهاك حرمة المساكن أو غيرها من الممتلكات.
هذا الفيض والكم الهائل من الحوادث والجرائم التي تشهدها المدن السعودية هل كان يحصل ولا تنشر الصحف عنها، وبعد أن وجدت طريقها للنشر أصبحنا نعلنها..؟
أم أن تزايد هذه الجرائم قد حصل لأسباب سلوكية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية؛ إذ تزايدت الجريمة نتيجة (تسريح) العمالة السائبة التي جلبها الكفلاء المستفيدون، ولأن هؤلاء العمال مطلوب منهم تسديد مبلغ معلوم وعليهم التزامات في بلدانهم مثل تسديد ديون شراء التأشيرة، وعليهم أن يديروا معيشتهم في البلاد، فإنهم وعندما لا يُوفّقون في الحصول على أعمال يتجهون إلى السرقة. ولقد تخصصت جاليات بالقيام بنوع محدد من السرقة، فسرقة الجوالات تقوم بها الجاليات الإفريقية التي يتخلف أفرادها ويدعون أنهم شباب سعوديون رغم سمرتهم الشديدة..!!
أما جرائم الأدب والأخلاق فتختص بها جالية معينة، في حين تتخصص جاليات في تكوين العصابات المشتركة كالذي كُشف عنه في الرياض من تشكيل عصابي مكون من عدة أشخاص من الأحباش والصوماليين.
الأخطر من ذلك ظهور سلوك إجرامي لدى المراهقين، وللأسف الشديد منهم شباب سعودي؛ حيث يقوم هؤلاء الشباب باعتراض سيارات الأجرة ونهب المحصول اليومي للسائق، وبعد ضربه يفرون.. وهذا سلوك شائن يجمع بين الانحراف الاجتماعي والأخلاقي، وقد يكون من تأثيرات اقتصادية. وهنا ولمواجهة هذه السلوكيات قبل أن تصبح ظاهرة علينا أن ننهض جميعاً لمعالجتها، وفي المقام الأول دورنا وواجبنا كمواطنين، خاصة الذين لهم عمالة سائبة ويتركون عمالهم دون رقابة، أو يستقدمون أشخاصاً ويطلقونهم من أجل (ريالات قليلة) ومصلحة ضيقة وقاصرة تضر الوطن كثيراً.
الواجب الثاني الخاص بالمواطنين هو متابعة أبنائهم ومراقبة سلوكهم، وعدم ترك (الحبل على الغارب) في اختلاط أبنائهم مع رفاق السوء، ومعالجة أية ممارسات سلوكية عند ظهورها، وألا يترددوا في إشراك الدوائر الحكومية في علاج سلوك أبنائهم.
أما الأهم في ذلك فهو إعطاء اهتمام للعائلة من قِبل الآباء والأمهات وتحسين تربية الأبناء بدلاً من الاهتمام بتحصيل الأموال والكسب؛ فكل المكاسب لا قيمة لها إذا ما انحرف شخص من الأسرة.
أما واجب الدولة فهو مواجهة هذه الانحرافات ومعالجة ما نشهده من جرائم بالعودة إلى الشريعة الإسلامية التي أوجدت الدواء الشافي لمثل هذه الظواهر، بالتطبيق الصارم للعقوبات التي نصت عليها الشريعة وشملتها الحدود من تعزير وقصاص وإعلان ذلك على الملأ دون أن تأخذنا لومة لائم من جمعيات حقوق الإنسان الدولية أو جمعيات العفو التي تدافع عن المجرمين رغم أن انتشار الجرائم تهديد للمجتمع ولمن يعيش على أرض الوطن مراعاة لفئة وشرذمة شاذة وقليلة. وبما أن المجتمع مُقدَّم على الفرد فيجب الالتزام بتنفيذ حدود الشريعة لحماية المجتمع والفرد معاً.
jaser@al-jazirah.com.sa