إن آلية التنمية النظيفة (Clean Development Mechanism) واختصارها (CDM) انبثقت عن بروتوكول (كيوتو) التابع لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي، حيث تمثل هذه الآلية جسرًا استثماريًّا تستطيع من خلاله الدول النامية أن تستقطب رؤوس أموال أجنبية من شركات في دول صناعية وذلك بغرض استثمارها في مشاريع تنموية محلية لاسيما في مجالات الطاقة النظيفة المتعددة، وبالتالي فإن استخدام تكنولوجيا الطاقة النظيفة من شأنه تقليص الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الأنشطة الصناعية الملوثة للهواء والتي يعتقد الكثير أنها السبب الرئيس في ازدياد الاحتباس الحراري المؤدي إلى ظاهرة الدفء الكوني.
شهد شهر سبتمبر الماضي مرور الذكرى السنوية الثانية لمؤتمر نظمته حكومتنا الرشيدة لآلية التنمية النظيفة، وقد أقيم في الرياض في سبتمبر 2006م وكان أول مؤتمر دولي من نوعه، وقد عكست رعايته اهتمام الحكومة السعودية الفعلي بقضية حماية البيئة، إلا أنه وبعد مرور سنتين على عقد هذا المؤتمر الذي كان مفعمًا بالحماس والتطلعات لإقامة عدد من المشاريع التنموية النظيفة في الوطن العربي، إلا أننا نجد أن تطبيق هذه الآلية على أرض الواقع كان دون المأمول، على الرغم من المزايا البيئية والاقتصادية التي قد تجنيها جميع الأطراف المشاركة في هذه المشاريع، فالإحصائيات الرسمية الصادرة من الأمم المتحدة تشير إلى أن دولة قطر هي الدولة الخليجية الوحيدة التي قامت فعلاً باستضافة إحدى هذه المشاريع المعتمدة على استخدام آلية التنمية النظيفة، بينما تشير أحدث الإحصائيات إلى أن عدد مثل هذه المشاريع المسجلة في العالم هو 1161 مشروعًا، وأن العدد في تزايد مستمر رغم شكوى البعض من طول إجراءات تسجيل هذه المشاريع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما سبب تدني استخدام هذه الآلية في دولنا العربية في الوقت الذي نجد فيه التنافس قائمًا في دول نامية أخرى كالهند والصين على استضافة مثل هذه المشاريع؟! قد يعتقد البعض أن زيادة انبعاثات غازات الانبعاث الحراري سببه بالأساس هو الدول المتقدمة التي مارست نشاطها الصناعي على مدى عقود عديدة غير مكترثة بالآثار البيئية المترتبة، وبالتالي ينبغي على هذه الدول وحدها محاولة إيجاد حلول لهذه الظاهرة، إلا أن الحقيقة الغائبة عند أكثرهم أن اليد الواحدة لا تصفق لاسيما في قضايا الطاقة والبيئة الشائكة، فنحن جميعًا نعيش على كوكب واحد، ونتائج الاحتباس الحراري إن طالت أحدًا فهي ستطال كامل الكرة الأرضية وليس الدول الصناعية وحدها.
وقد يدعي آخرون أن استخدام آلية التنمية النظيفة هو اختياري ولم تُجبر الدول النامية بعد على استضافة مثل هذه المشاريع النظيفة، ولكن ينبغي أن نتذكر أن هذه المشاريع في الأساس لا تشكل عبئًا اقتصاديًّا على الدول النامية المستضيفة، بل تمثل قناة استثمارية ستجلب معها فوائد اقتصادية واجتماعية عديدة مثل: نقل التكنولوجيا، وخلق فرص وظيفية جديدة في البلد المستضيف.
جامعة مانشستر
AlSaleh.Yasser@gmail.com