-1-
وصلتني هذه الرسالة المفجعة إن صح ماجاء فيها. وإذ أنشرها هنا فإنني أضعها برسم التحقق من حقيقة ما جاء فيها. وهذا أحد واجباتي ككاتبة ليس اتخاذ موقف مع أو ضد بقدر المحاولة للوقوف على الواقع بهدف الدعوة لمعالجته.
أنقذوا نزلاء مركز التأهيل:
بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
رأيت في منتدى الشبكة السعودية لذوي الاحتياجات الخاصة حرصك واهتمامك بذوي الاحتياجات الخاصة.. وأردت أن أنقل لك تجربتي في مركز لتأهيل الشامل للإناث.. التجربة التي صدمتني فعلاً..
أولاً يعلم الله أنني لم أفتر على أحد وكل مطلبي إرسال أحد من وزارة الشئون الاجتماعية للجلوس مع الأطفال وأن يسألوهم كيف يعاملونهم ويعاقبونهم ويرون وضع المهاجع والأكل المقدم..
المركز يضم المعاقين من الأطفال إلى سن 40 سنة ويضم بعض الحالات النفسية الذهانية والأطفال من ذوي الظروف الخاصة المحولين من الدور والذين لا يعاني البعض منهم سوى من صعوبات تعلم أو فرط حركة والبعض لا يعاني من شيء سوى إعاقة بسيطة في اليد وعقله سليم تماماً ويوضعون في نفس الغرف مع أصحاب التخلف العقلي الشديد مما أثر على كثير منهم وعلى عقولهم.. إحداهن تتحدث عن أحد الأطفال المحول من دار الحضانة والذي لم يمض على وجوده فترة طويلة تقول إن عقله بدأ يندمر.. ناهيك عن الحبوب المعطاة لهم. أطفال محولون من الدور لا يعانون سوى من تخلف بسيط بمعنى أنهم لا يختلفون عن الطبيعين سوى بوضعهم في فصول دراسية خاصة ويعانون من فرط حركة أراهم يجرون أقدامهم لا يستطيعون حتى لعب الكرة لفترة قصيرة ويجلسون فوراً ويقولون (مافينا حيل) والسبب الإفراط في استخدام الحبوب.. إحداهن أخبرتني أن هؤلاء الأطفال كانوا كلهم حيوية ونشاطاً في الدار وأن وضعهم تغير أصبحوا يجرون أقدامهم وحتى كلامهم أصبح غير مترابط.. لقد تدمر الأطفال بوضعهم في بيئة غير ملائمة فمن يعانون من صعوبات التعلم يعيشون في نفس الغرف مع طريحي الفراش ممن يعانون من إعاقات نفسية وعقلية شديدة، لماذا لا يتم وضع كل إعاقة في مهجع خاص بها..؟.
ومن هنا ننتفل لطريقة المعاملة:
في المركز توجد غرفة للعزل يتم إطفاء الأنوار وجعلها ظلام وإدخال الأطفال فيها كعقاب لهم والله على ما أقول شهيد وهذه الغرفة موجودة في المبنى القديم. لم أنس ذلك الطفل اليتيم المحول من دار الحضانة قال (يحطونا في غرفة ظلام ظلام ظلام) كرر كلمة ظلام أكثر من مرة.. إحداهن أخبرتني أنها رأت أحد الأطفال يقاد للغرفة والطفل يصرخ بأن لا يدخلوه إلا أنه جرى إدخاله في الغرفة وهي مظلمة وأغلقت عليه. ومرت إحدى النزيلات المصابة بمرض نفسي وأخذت تخوف الطفل بالجن والطفل يزداد صراخه في الغرفة وكانت الساعة 10 ليلاً وليس من يحرك ساكناً, كما يجري ضرب الأطفال بالعصا.. كما أخبرني أحد الأطفال بأنهم يفتحون التكييف إلى أن تصبح الغرفة باردة جداً ويطفئون النور حيث أن مفتاح التحكم بالنور في الخارج ثم يدخلون الطفل فيها للأسف هذا الطفل أيضاً من الأيتام.. كما أنهم يعاقبون الأطفال بالعزل في الغرف الخاصة بهم بالأسابيع.
المشكلة الثانية الأكل المقدم.. جميع النزيلات والأطفال يشتكون من الطعام فهو سيئ والله لرأيتهم يرفضون تناوله فهو لا طعم ولا رائحة وحجتهم في ذلك أنهم معاقون.
وأخيراً..
أكرر أنا لا أطلب من أحد تصديقي فقط أرسلوا أحداً يجلس مع الأطفال ويسألهم كيف يعاملونهم للتحقق وإعادة الأمور إلى نصابها الإنساني والإسلامي والتربوي الصحيح. حققوا معهم في مدارسهم بعيداً عن جو المركز.
وهذا ليس إلا اقتراح للتصحيح لا أكثر بانتظار ردك. وأنا بدوري أنتظر رداً ممن يعنيه ويهمه الأمر من أصحاب الضمير المهني والوطني وخشية الله.
- 2 -
رسالة أخرى من قارئة تطرح سؤالاً جارحاً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا فتاة (أجنبية) من أم سعودية ولدت في جدة وتعلمت في مدارسها من حضانة ابتدائي متوسط ثانوي وحتى تخرجت من الجامعة.
عند إتمامي الثامنة عشر عاماً حصلت على بطاقة من وحدة التجنس تنص على أن أعامل معاملة السعوديات في الدراسة وأن يسمح لي بالعمل.. فلم أشعر أنني أجنبية ولا للحظة واحدة فانتمائي لهذا البلد الذي أكلت من خيره وترعرعت فيه وأعطاني من حبه وحنانه فهو من شهد أجمل ذكريات طفولتي وشهدت بدوري تطوره وتقدمه فعاداتي وتقاليدي اكتسبتها كلها منه من أمي وأهلي ومدرستي وصديقاتي..
فعند تخرجي كنت سعيدة جداً وذهبت أحمل شهادتي إلي الديوان للتقديم على وظيفة وعند التقديم أخبروني أنه ليس لي مكان هنا لأني أجنبية فأخبرتهم أني أحمل بطاقة من وحدة التجنس فقالت لي الموظفة أن هذه البطاقة ليس لها قيمة وأخبرتها أن أمي سعودية وكأنني أريد أن أقول لها أن هذا البلد يجري في عروقي ودمي ولكن لا جدوى وكانت هذه أول مرة أسمع فيها (انتي أجنبية) فهي كانت تخبرني أن بلدي ليس بلدي وأنه ليس لي حق فيه فصدمت صدمة كبيرة، وسارعت بالاتصال على أمي أخبرها ما حدث معي بصوت مخنوق فلم أشأ أن يشعر أحد الموجودين بما أشعر به أو أن يرى دموعي وبدأت في سؤالها هل أنا أجنبية؟ جاوبيني يا أمي هل أنا أجنبية؟ هل أنا غريبة عن هذا البلد؟ يا أمي جاوبيني فأنا لا أعرف لي بلداً سواه؟ جاوبيني يا أمي أرجوكي جاوبيني من أنا؟.. فلم تكن أسئلتي هذه إلا كحبل ألفه حول عنقها وأنا لا أعلم فكانت تسألني أن هدئي من روعي بينما كانت هي تنهار......
ولم تكن هذه تجربتي الأخيرة فقد تعرضت لنفس الموقف كلما توجهت إلي مكان حكومي وكذلك في أغلب شركات القطاع الخاص ثم أخرج منه وأنا حزينة مهمومة يراودني نفس السؤال من أنا؟.. فقررت أن أكمل دراستي مثل صديقاتي وقمت بالاتصال على بعثات خادم الحرمين ولكنني تفاجأت بأن المسؤولة تخبرني بأنه ليس لي حق في الابتعاث لأنني أجنبية وأنه لا يميزني شيء عن باقي الأجانب إن أمي سعوية فمن أنا؟؟
بلادي وإن جارت على حبيبة
وأهلي وإن ضنوا على كرام
أعتقد أنني لا أحتاج الزيادة على هذه الرسالة إلا بطرح سؤال ملح: متى يصبح من حق المواطنة السعودية المتزوجة من غير سعودي أن تشرك أطفالها في جنسيتها مثلها مثل المواطن المتزوج من غير سعودية؟.
- 3-
رسالة ليست أخيرة تسأل عن دقة إحصاءات البطالة بالمجتمع السعودي
وصلتني نهاية شهر رمضان المبارك رسالة إلكترونية من شاب سعودي على مايبدو, باسم (وافي). أرسل لي فيه رابط لموقع إلكتروني جديد تم تأسيسه لخدمة قضية البطالة بالمجتمع السعودي سواء بالإشارة لإشكالياتها الاجتماعية وخطورة ذلك على المجتمع ككل أو بنشر بعض طروحاتها البحثية والإحصائية وطروحات الرأي لتداول أوجه الحل. وأحيل القارئ في توصيف الموقع إلى ما كتب في جريدة الحياة عن الموقع مع إمكانية الرجوع إلى الموقع نفسه للاطلاع على تلك المبادرة الشابة. ومما جاء عن ذلك الموقع بجريدة الحياة: (صمم الموقع لخدمة العاطلين عن العمل، وقد وصل عدد أعضائه إلى أكثر من 800 عضو من الجنسين، يناقشون هموم البطالة ويبحثون سوياً عن الفرص الوظيفية).
وتدل أسماء المشتركين في الموقع على معاناتهم، ومن أبرزها (خريجة عاطلة) و(عاطل ومقهور) و(عاطل طفران) و(عواطلية) و(ملف علاقي) و(متوسد ملفيّ) و(عاطل متقاعد) و(الفقير السعودي) و(عاطل 100%) و(عاطل بلا واسطة). كما أن من المشتركين من هم متعاطفون مع العاطلين عن العمل، ومن هؤلاء (منقهر عشانكم). واحتوت أسماء وأقسام المنتدى عناوين لافتة أيضاً من أبرزها: استراحة العاطل، العاطلون عن العمل، طلب وظيفة، ومنتدى الشهادات المهنية والدراسية، ومنتدى خاص بتصريحات المسؤولين عن الوظائف وغيرها.
السؤال:
تعبر النقطة الأخيرة أعلاه عن فحوى الرسالة المشار إليها. إذ تؤكد أن كثيراً من إحصاءات البطالة قد لا تكون دقيقة. وتشير تحديداً إلى تصريحات وزارة العمل عن نسبة البطالة القائلة بانخفاض معدل البطالة من 11% إلى 9%. وتشير إلى أن هذا الرقم قد لا يكون دقيقاً والسبب بحسب الرسالة أن معظم أعضاء وزوار ذلك المنتدى من العاطلين عن العمل لم يكونوا ضمن مفردات تلك الإحصائية حيث إن أي منهم لم يسعى إليه ولم يقابل أياً ممن أعدوا تلك الإحصائية. وفي هذه المساحة فإني لا أملك إلا عرض مضمون الرسالة على أمل أن (تطيح) في يد من بيده الأمر أو يمتلك رداً أو حلاً لمشكلة مزمنة تتفاقم وتؤثر ليس فقط على مستقبل الشباب بل على مستقبل المجتمع ككل. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
Fowziyah@maktoob.com