إن الحيرة والارتباك تخالج الكثيرين من الناس عندما يتعاملون مع المرضى النفسيين فمنهم الخائف من أن يؤذيه أو يؤذي أحد أفراد أسرته وهم لا يعلمون أن المشتغلين في الطب النفسي يعانون الكثير من تلكم النظرة الخاطئة والتي عششت في نفوس البعض .فلو كان المريض النفسي خطراً على نفسه أو على غيره لما سمح له بالخروج من المستشفى,فبعد خروج المريض للبيت وأثناء فترة النقاهة تكون هناك مشاكل عديدة يجب مواجهتها . إن أي مريض سواء حجز بالمستشفي بمرض نفسي أو عضوي يكون عادة غير مطمئن عند مغادرته للمستشفى. الخروج من جو المستشفى الآمن الهادئ يكون مجهداً للمريض لأنه في أثناء العلاج بالمستشفى كان الانفعال والتوتر بسيط بحيث يمكن تحمله ولذلك في خلال الأيام والأسابيع الأولى في المنزل يجب على الأسرة أن تحاول أن تعطي بعضاً من الحماية التي كان يحصل عليها وأن تعود نفسها على متطلبات المريض . الأشياء التي قد تبدو بسيطة مثل الرد على التليفون ومصافحته الناس أو التخطيط للواجبات قد تكون مقلقة للشخص الذي خرج حديثاً من المستشفى . كذلك فإن للأقارب دوراً هاماً في مرحلة النقاهة 0000 إن عليهم أن يلاحظوا أن علاج المستشفى يعالج الأعراض المرضية التي تقعد المريض ولكن من الجائز ألا يشفى المرض نفسه000 هذا لا يعني أن المريض لا شفاء له ولكن يعني أنه لم يشف تماماً. أثناء الأيام الأولى في البيت يكون المريض متوتراً ومن الممكن أن تظهر بعض أعراض المرض مرة أخرى إذا تعرض المريض لضغوط شديدة.وعلى أسرة المريض أن تلاحظ هذا وتعد الأشياء بحيث لا تكون ضغوط الحياة اليومية فوق طاقة المريض في حالته الحالية000ليس من السهل أن نعرف الحد الأدنى والأقصى الذي يستطيع المريض تحمله ولكن يمكنك أن تعرف ذلك بالتعود وهناك بعض الأشياء التي يجب تجنبها مثلا:
(الاختلاط بالآخرين)
* الاختلاط المبكر مع عدد كبير من الناس: المريض يحتاج للوقت للتعود على الحياة الاجتماعية الطبيعية مرة أخرى ولذلك لا تحاول أن تحثه على الاختلاط لأنه سوف يضطرب أسرع بهذه الطريقة ... ومن الناحية الأخرى لا تتجاوز المعقول وتعزله عن كل الاتصالات الاجتماعية.
* الملاحظة المستمرة: إذا كان المريض مشغولاً ببعض الأعمال لا تحاول مراقبته باستمرار لأن ذلك يجعله عصبياً وهذا ليس مطلوباً .
* التهديد والنقد : لا تحاول تهديد المريض بعودته للمستشفى ،ولا تضايقه وتنتقد تصرفاته باستمرار وبدون مبرر كاف.
* عدم الثقة في استعداده للعودة للبيت : ثق في المريض واحترم رأى الطبيب المعالج في إمكان عودته للبيت .
واحد من الأشياء التي من المحتمل أن تواجهها العائلة هي التصرفات غير المتوقعة من المريض وهذا أحد الفروق الهامة بين الأمراض النفسية والجسمانية . المريض الذي كسرت ساقه يحتاج إلى فترة علاج بسيطة يعقبها فترة نقاهة بسيطة يعود بعدها للحياة الطبيعية ، ولكن المريض النفسي يبدو يوما ما طبيعياً ولا يعانى من التهيؤات المرضية ثم في الفترة التالية مباشرة يمكنه أن يشكو من المرض ثانية 00متهماً زوجته بأشياء يتخيلها ... شاكياً أنه لا يحصل على العدل في عمله أو أنه لا يحصل على النجاح الذي يستحقه في الحياة.
(نوبات فترة النقاهة)
بالنسبة للأقارب كل هذه التصرفات معروفة لهم فقد شهدوها من قبل في المرحلة الحادة لمرضه والآن هاهي تصدر ثانية من شخص المفروض أنه أحسن !000 عندئذ فإن الألم والحيرة تجعل بعض أفراد الأسرة يأخذ موقفاً سلبياً لأي محاولة لعودة المريض للإحساس الطبيعي... ولكن ببعض كلمات هادئة لشرح الحقيقة وبتغيير الموضوع بطريقة هادئة ثم العودة فيما بعد لشرح الحقيقة سوف تمنع المرارة وتساعد المريض على تقبل الواقع.
فترة النقاهة تحدث فيها نوبات من التحسن والقلق خصوصاً أثناء المرحلة الصعبة الأولى للنقاهة- بينما المريض يتعلم كيف يلتقط الخيوط للعودة للحياة الطبيعية مرة أخرى - لذلك يجب على الأسرة أن تتحمل وتصبر إذا ظهر تصرف مرضي مفاجئ في مواجهة حادث غير متوقع .
لا فائدة من أن نطلب من المريض أن يغير تصرفاته ، إنه يتصرف كما يفعل لأنه مريض وليس لأنه ضعيف أو جبان أو أناني أو بدون أفكار أو قاس... إنه لا يستطيع كما لا يستطيع المريض الذي يعانى من الالتهاب الرئوي أن يغير درجة حرارته المرتفعة . لو كان عنده بعض المعرفة عن طبيعة مرضه - ومعظم المرضى يعلمون بالرغم من أنهم يعطون مؤشرات قليلة عن معرفتهم للمرض - فانه سيكون مشتاقاً مثلك تماماً لأنه يكون قوياً وشجاعاً ولطيفاً وطموحاً وكريماً ورحيماً ومفكراً ، ولكن في الوقت الحالي لا يستطيع ذلك. هذا الموضوع هو أصعب شيء يجب على الأقارب أن يفهموه ويقبلوه ... ولا عجب أنه يأخذ جهداً كبيرًا منك لكي ُتذكر نفسك أنه «المرض» عندما تكون مثلاً الهدف لعلامات العداء المرضية من الأخت، أو عندما تكون الوقاحة والخشونة والبرود هو رد أخيك لكل ما تقدمه وتفعله له. ولكن يجب أن تذكر نفسك دائما أن هذا هو جزء من المرض.
(اعتقادات خاطئة)
المريض النفسي يعانى من عدم القدرة على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي . وربما يعاني كذلك من بعض الضلالات (الاعتقادات الخاطئة ) 000ربما يعتقد أنه شخص آخر وأن شخصاً ما مات منذ فترة ما زال حياً أو أن بعض الغرباء يريدون إيذاءه 000 إنه يدافع عن هذه المعتقدات الخاطئة بالطريقة التي قد يدافع بها أي فرد منا بعناد ومكابرة عن شيء ما غير متأكد من صحته ...من وراء دفاع المريض حيرة ما بين الحقيقي وغير الحقيقي . انه يحتاج مساعدتك لكي تظهر الحقيقة ثانية أمامه. ويحتاج أيضاً أن تجعل الأشياء من حوله بسيطة وليست متغيرة بقدر الإمكان.
* إذا ظل المريض يراجعك مرة بعد مرة عن بعض الحقائق الواضحة،حينئذ يجب أن تكون مستعداً بسرعة وبصبر وحزم بسيط لكي تشرح له الحقيقة مرة أخرى.
* يجب ألا تتظاهر بقبول الأفكار المرضية والهلاوس كحقيقة واقعة ،وعلى الجانب الآخر لا تحاول أن تحثه على التخلص منها .ببساطة قل له أن هذه الأفكار ليست حقيقية ودع الأمر عند هذا الحد من المناقشة .
* عندما يفعل أشياء لا تقبلها لا تتظاهر بقبولها. إذا تضايقت من سلوكه قل له ذلك بصراحة ولكن وضح له أنك متضايق من سلوكه وليس منه شخصياً، وعندما يقوم بسلوك لا يتنافى مع الواقع يجب أن تكافئه عليه.
* لكي تساعده على معرفة الحقيقة يجب أن تكون صادقاً معه ، عندما تحس بشيء ما لا تخبره بأنك تحس بشيء آخر. عندما تكون غاضباً لا تقل له أنك لست غاضباً .
* تجنب خداعه حتى في المواضيع البسيطة 000 من السهل خداع هؤلاء المبلبلين ولكن كل خدعة تجعل التعلق الضعيف بالحقيقة أقل يقيناً 000وإذا لم يجد المرضى النفسيون الحقيقة والواقع بين هؤلاء الذين يحبونهم فأين يجدونها؟
(ملاذ العزلة)
نتيجة للمرض النفسي فإن المريض يرغب في العزلة التي تبدو له سهلة وأكثر أماناً. المشكلة التي يجب عليك مواجهتها هي أن تجعل العالم من حوله أكثر جاذبية. هذا سوف يتطلب تفهماً وإدراكاً من جانبك 000 إذا ابتعدت عنه أو تجاهلته أو تكلمت عنه في وجوده كأنه ليس موجوداً، عندئذ فإنه سوف يكون وحيداً ولن يجد في نفسه حافزاً لكي يشارك في الحياة من حوله. وفي الجانب الآخر إذا دفعته في وسط الحياة الاجتماعية بينما يشعر هو بالخوف من مقابلة الناس الذين لا يعرفهم ،وإذا لم يستطع التحمل فان ذلك سوف يدفعه للعودة إلى عالمه الداخلي والانطواء مرة أخري.يجب أن ننتظر ونأخذ الإشارة منه أولاً000 مثلاً إذا أراد زيارة الأهل والأصدقاء فيجب أن تسمح له بذلك ولكن بدون اندفاع . و إذا دعاه بعض الأقارب إلى الزيارة وتناول الغداء ووعد بتلبية هذه الدعوة ووجدت أنت أنه غير مستعد لهذه الدعوة فيجب أن تتدخل بهدوء لمساعدته في التخلص من هذه الدعوة بدون إحراج له.اذهب معه إلى الأماكن العامة الهادئة وافعل الأشياء التي لا تكون مثيرة أو مقلقة أكثر من اللازم مثل مشاهدة مباراة الكرة في التليفزيون بهدوء وبدون انفعال . شجعه على متابعة الهوايات والمشاركة فيها إذا رحب بذلك.يجب أن تعطي المريض حوافز بصورة منتظمة - مثل بعض كلمات التشجيع أو بعض الهدايا البسيطة -إذا بدأ يخرج من عزلته ولكن يجب أن تكون الحوافز مستحقة ، فانك عندما تكافئ شخصا غير جدير بهذه المكافأة فان هذه المكافأة تكون مؤذية ومهينة . وربما يفرح بهدية لا يستحقها في البداية لكنه بعد ذلك سوف يفقد الثقة حتى إذا كان يستحق المكافأة بحق.
خطوات تغيير الحالة النفسية
بأربع خطوات يمكنك تغيير الحالة النفسية ...
لابد من الإقرار والاعتراف بأننا نعاني من حالة نفسية إن الحالة النفسية المتردية لا توضح عن نفسها حين لا نعبأ بها . فليس لديها الكفاءة لتعلن عن نفسها وتقول : لقد تسربت إليك فاحرص على خطواتك وعند ما تكون في حالة سيئة حاول أن تعترف بذلك وأن لا تتجاهل حزنك أو ألمك اتعرف ... لماذا ؟؟؟
لأنه سيتراكم وسيكبت وسيأتي يوم وسيخرج بصورة تؤلمك جداً ..
الخطوة الثانية : أنت المسئول عن كل ما تشعر به وتحس.
إن مشاعر الضيق والألم التي نشعر بها ونعزوها إلى أسباب خارجية وخارج نطاق الذات تخف عندما نتحمل نحن المسؤولية كاملة ونكون راغبين فعلاً في الوقوف على أسباب سعادتنا إن في فقداننا لهذه الأسباب ثم العثور عليها ثانية حين نحمل أنفسنا مسؤولية ما يعترينا من ضيق وآلام ونكتشف ثانية أننا نحن سبب الداء وأن عندنا وفي ذواتنا الدواء مع هذا كله ما يدل على أننا نمسك زمام أمورنا بأيدينا ولدينا الانضباط الذاتي في تصريف أمورنا وهذا هو سر قوتنا ..
همسة ..
كل منا هو الوحيد على هذه الأرض الذي يمكن أن يدخل السرور إلى قلبه وهو الشخص الوحيد الذي يجعل التعاسة لنفسه ..
الخطوة الثالثة : حلل ما أنت فيه ثم قم بتجميع الأفكار .
إذا بررت مشاعرك السلبية تكون بذلك قد ألزمت نفسك بالتعاسة وفيما يلي بعض الآراء التي نتخذها مبررات لسلوكنا
- ما أفكر به الآن هو الحقيقة الوحيدة .
- لي الحق أن أشعر بتردي حالتي النفسية ..
- حالتي خطيرة.
- لدي الكثير من المشاكل ولا أحد يفهمني.
- أنتم لا تشعرون بي .
- انتظر حتى الصباح لأكون سعيداً.
وطن نفسك أخي على مواجهة التحديات التي توجهك ولا تحاصر نفسك بالأوهام التي تدمرنا.. تريث برهة من الزمن حلل المشكلة التي تجابهها وانظر بعين العقل حتى تتضح لك الأمور ولا تصدق ما توحيه إليك نفسك من مبادئ خاطئة .
الخطوة الرابعة : لا تضع وقتك في لوم الآخرين وأنهم سبب ما أنت فيه واطرح عن تفكيرك كل ما يسيئ إلى نفسك ودنياك وفكر بإيجابية ..
ليس من المفروض والواجب كي أشعر بتحسن أن أشكو حالي وحال الدنيا إلى صديق ..
نقطة مهمة..
امسح قدميك وسر في طريقك على بركة الله .. انظر خارج النافذة سرح نظرك منها بعيداً .. تنفس بعمق واتجه إلى الله بالدعاء واتخذ قراراً بتغيير حالتك دائماً للأفضل ولا تيأس من رحمة الله ..