الحالة الوحيدة التي تأسرني لحظة مطر..،
والرياض كما هي في لحظة المطر الفاتنة التي يحلو لكل النساء أن ينظرنها..، ولكل الرجال أن يترقبوها..، فاتنة تلوي أعناق الدهشة حتى عندما شعرها المنثور يتلوى بشطحات الريح حول جيد النخيل..، ورذاذ غبارها يلامس الرموش..،
الرياض في عزّ المطر فارهة تكشف عن سر الجمال في بعد الرؤى..، ويتحين للمارق من رهج النبض أن يتقافز بصوره وآياته في مخيلة الشعراء والناثرين وأولئك المتأوهين من دهشات الجمال..،
لذا نستدعي صورها مبلّلة في المطر كلما حز وقيد الهجير وجفت عن محيّاها دموع المطر..،
وكل الدموع بكاء إلا مطر الرياض فإنه الرضاب الشهد يرشف منه كل ذوّاقة للبهاء الصحراوي الفاتن في قلب السديم الممتد الذي داخلته يد العبث المعماري فغطَّت على جوانب قمرية فيه..، وضيئة كما عينيها هذه الرياض التي تأسرني في لحظة ابتلالها..، ويحلو حول خيامها المقيل..، وتبهج عند صمتها الآذان..، فكل الصمت زخات لا تدع للشعور أن يكلَّ أبداً عن ملاحقة الدِّعة..، ولا سكينة الافتتان..،
سقيا المطر رحمات هلّت بوجه الرياض فافتتنت..، خمرية الكفين تتخضبان بعشب الرواء.. تنبسطان لأكف الفرحين بماء السماء..،
وحين تبكي الرياض مطراً فالمحابر تفتح فوُّاهاتها لتمتلئ مداداً بلون السماء.. وتنبسط الدفاتر وتوقد الأذهان.. وكلٌّ تولد فيه جنِيات الكلام..، وهاكم اقرأوا وجه الرياض بعد أن أرخت لطمأنينة الرواء وجيب اللهاث في قيظ اليباب..،
تأسرني وحدها هذه الرياض..، دون أي علامات التأنيث إلا ما كان منها في نبض الحياة..، ونور الصلاة..،
سأبقى قليلاً حتى أعود من دهشة المطر وهو يوغل في فتنة الرياض..،