لا شيء من مخلوقات الله أكثر خنوعاً وليونة وضعفاً من الماء.. فهو يتشكل تماماً بمحيطه ويصطبغ بلونه ويكتسب طمعه وتفوح منه رائحته.. وهو كثير حيث يغطي حوالي (70%) من سطح الأرض ويمثل (70%) من مكونات جسم الإنسان.. وبدونه لا حياة على الأرض ولا للإنسان.
2- هذا الماء الإمعة الذي لا تنطبق عليه مقررات وأحكام الجزيئات المكونة لمخلوقات الله الأخرى.. ولا تنطبق على غيره قوانين الأواني المستطرقة.. يرى فيه الفيلسوف الإغريقي (ارسطوطاليس) أنه أصل الوجود حيث إن الكون لا يمكن أن يكون مخلوقا من العدم المحض.. وبما أن الماء تتغير كثافته من السيولة إلى الصلابة إلى البخار.. وبما أن الرطوبة شرط من شروط الحياة فهو بذلك أصل الوجود وسر الحياة.
3- وعلى الرغم من رقته وليونته فإن الماء هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يتلف ويخترق ويحطم كل ما هو صلب ومتين.. فهو قد يأتي على شكل فيضان مخيف مريع يدمر كل الذي أمامه من بشر أو حجر أو غيره.. وهو إذا غمر الأرض أغرقها وإذا غمر النفس خنقها وإذا غمر الحيز فجَّره وإذا غمر الحاجز كسره وإذا وقف في طريقه شيء اقتلعه.. إنه الطوفان الذي ليس كمثله شيء سوى قيام القيامة.
4- الماء الزلال النقي الصحي لا لون له ولا رائحة ولا طعم.. وحينما يكتسب أي من تلك الصفات يفقد خاصيته الفريدة ويصبح سائلاً باسم آخر.
5- الماء هو المخلوق الوحيد من مخلوقات الله تعالى الذي له صفتان صفة أنه طاهر في نفسه وصفة أنه طهور لغيره.. كما أنه يكتسب صفات إضافية من مواد أخرى كأن يكون محلى أو ملوناً أو غازياً أو حامضاً أو مالحاً أو مراً.
6- الماء الزلال هو الغذاء الوحيد الذي كلما زدت منه زاد نفعه.. وهو الشيء الوحيد الذي ارتبط بالحياة وارتبط بالغرق.. وارتبط بكونه ضرورة قصوى لحياة الإنسان والحيوان والنبات.. كما ارتبط في ذهن الناس برخص الثمن.
7- الماء هو العنصر الوحيد الذي يزيد حجمه حين يتجمد.. كما أنه الوحيد الذي يمكن أن يصيب الحديد بالعفن فيصدأ ويتآكل وينحل.
8- وقد اتفق المحللون السياسيون والعلماء على أن الماء هو الذي سيكون سبب الحروب الإنسانية القادمة إذا لم يتم التوصل إلى ابتكار أساليب استقطار الماء وتحليته ونقله.
9- ومن الأمور العجيبة التي ترتبط بالماء في القرآن الكريم أنه كان سبباً في الإهلاك وسبباً في الإنجاء.. فقد أهلك الله به قوم نوح بالطوفان ونجى به نبيه نوحاً عليه السلام وأتباعه في الفلك المشحون.