Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/11/2008 G Issue 13187
الاربعاء 07 ذو القعدة 1429   العدد  13187

هَوَس الألقاب وقرار الوزير
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

 

عند الحديث عن الألقاب العلمية التي نراها تسبق بعض الأسماء، فإننا نقصد الألقاب التي أتت من شهادات عليا بتخصصات شرعية أو علمية أو أدبية ولغوية وغيرها. هذا يعني أن الألقاب التي يتحصل عليها البعض من (سوبر ماركات الشهادات) الموجودة في الشرق والغرب لا تدخل في هذا الموضوع لا من قريب ولا من بعيد؛ لأنها باطلة ومن الشرعية والمصداقية عاطلة.

نعم، إن حصول المرء على شهادة دكتوراه أو غيرها في تخصص ما، وبعد جهد وتعب وكد وسهر، وسفر وترحال داخل الوطن وخارجه أمر يدعو للفخر ويستحق فاعل ذلك أن ينادى بها أو تُكتَب قبل اسمه في الصحف أو في خطاب ومعاملات شتى، ويدخل ذلك في باب (أنزلوا الناس منازلهم).

لكن مَن لا ينادي (فلاناً) في مجلس أو محفل ب(يا دكتور) إما نسياناً أو جهلاً وعدم علم (بدكترته)، فبالتأكيد لالوم عليه، ولا يكون جهله سبباً داعياً لزمجرة أو عبوس الدكتور في وجهه!

إن الأمر أصبح نوعاً من الهوس بالألقاب في مجتمعنا، حتى وصل الأمر إلى أن أحدهم عند تقديمه لنفسه في مناسبة اجتماعية ولم يكن دكتوراً بل كان حاصلاً على شهادة الماجستير فعرَّف بنفسه أنه فلان بن فلان وألحق ذلك بقوله: ماجستير في....! فمثل هذا ماذا سيفعل إن حصل على شهادة الدكتوراه؟؟ على النقيض من هؤلاء ما نراه من بعض شيوخنا الكرام أو دكاترة الجامعات في شتى التخصصات، ففيهم مَن حصل على الدكتوراه منذ عشرات السنين ولا يُنادى أو يقَدَّم في المحافل قبل اسمه (الدكتور)، ومع ذلك لم يسخطوا، بل لم يُعيروا لهذا الأمر بالاً البتّة!

ومعلوم أن الشاعر زكي مبارك قد حصل على أكثر من شهادة دكتوراه، ومع ذلك فإن الكثير ممن يقرأون شعره وكتاباته لا يعلمون أنه دكتور حتى أطلق عليه الشاعر محمد الأسمر لقب (الدكاترة زكي مبارك) لأنه قد حصل على أكثر من شهادة دكتوراه! وكذلك في الغرب نرى رجالاً أعلاماً في التخصصات العلمية ممن نالوا شهادة الدكتوراه، بل إن بعضهم قد نال شهادتي دكتوراه، ولا يُكتب قبل أسمائهم (د/ ...)، ولم يُلزموا أحداً بذكرها ويقاتلوا على ذلك!

كما أسلفت فالأمر يهون عند مَن حصل على شهادة عليا بصورة شرعية وبجهد وبحوث ومن جامعات عريقة ولها وجود في عالم العلم والمعرفة.

إنما أن يسخط مَن حصل على شهادته أو شهاداته من بقالات وسوبر ماركات الشهادات المعلَبة في عُلب البريد، والتي لا تستغرق جهداً ولا زمناً، بل تأتيه عن طريق التوصيل السريع بقدر سرعة إرسال ثمنها، فهذا ما يدعو للسخرية والضحك، وشر البلية مايضحك كما قيل!

لذلك يُعَدّ قرار معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله العبيد - وفقه الله - بمنع استخدام الألقاب العلمية في المخاطبات الرسمية للوزارة إلا للشهادات المعترف بها، والصادرة من جامعات أو مؤسسات تعليمية معتمدة، يُعدّ قراراً صائباً وشجاعاً في آن واحد، فقد خطا خطوة نتمنى أن تليها خطوات من جهات أخرى لقطع الطريق على (متسولي ومشتري الألقاب) في المجتمع.

ومضة

يقول الشاعر حافظ إبراهيم:

فإِذا رُزِقتَ خَليقَة ً مَحمودَة ً

فقدِ اِصطفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاق ِ

فَالناسُ هَذا حَظهُ مالٌ وَذا

عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاق ِ

وَالعِلمُ إِن لَم تكتنِفهُ شَمائِلٌ

تُعليهِ كانَ مَطِيَّة َ الإِخفاق ِ

Al-boraidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد