Al Jazirah NewsPaper Wednesday  05/11/2008 G Issue 13187
الاربعاء 07 ذو القعدة 1429   العدد  13187

أوقدها لتستمتع
هدى ناصر الفريح

 

إنها تلك الكامنة في كل منا أوقدتها أنفس فدكت حصونا مفتتحة قلاعاً وافتدت بيقظتها أرواحاً بلا هون وضعف، ورافقتها عقول فكانت شعلة علم وضاءة لأجيال متعاقبة، وأنجزت بها أعمالا عظاما وأفعالا جساما، تجاهلها البعض فاستوطنته أعذار مؤجلة وحيل ممتدة تقدح بأحلام الآخرين ظانة أنها مجرد خيال وحظوظ وأوهام، سبك العرب منها فناً من فنون الشعر فكانت أشعارهم ملهمة موقظة يستعينون بها ما أن تخر القوى وما أن يلوح لهم أمر ما فيه لهم مبتغى، إنها بلا ريب الحماسة. فالحماس عندما يقرن بعمل ما أكان يومياً أو سنوياً، روتينياً أو عشوائياً حقق الجميل بكل إتقان وإخلاص بوقت قصير وغيب الملل مزيحاً الهم ومشيعاً المتعة والمسرة من قبل أن تجنى الثمرة.

يقول خليل مطران:

غلت الحياة فإن تُردها حُرةً

كُنْ من أَباة الضيم والشُجعان

وأقحَم وزاحِم واتخذ لك حيزا

تحميه يوم كريهة وطعان

فلا يذكر ولن يذكر نيل مجد ومراد وتحقيق لهدف كان صاحبه بليداً فتوراً بل على العكس تماماً همة تواقة وعمل دءوب لا يُكل ولا يمل وتملك قوي لمفاتيح جوهرية عديدة منها الحماس لتنفيذ أمر يتمنى توازن حكيم بعيداً عن التهور الذي يجلب التكدر، وجوهر الحماس ورائعته أن تملكه وعدواه سريعة بسيطة تنتقل من شخص لآخر بمجرد حديث وجه إليه بحماس أو سلام حار أو كلمات حماسية تشجيعية يرددها الشخص لذاته أو لتصل لسامع لها فيكررها أو يقول موافقا لها نعم.. نعم! فيا لأثرها المستطاب حينما ترافق أي فكرة فتلحقها بعمل، إنها حقا قوة هائلة وكنز دفين ومن الجناية بحقنا أن ندفنها بتجاهلنا أو نقلل عوائدها علينا بأن ننتظر لأن يأتي يوم ما يوقدها لنا غيرنا ويوجهنا بها كيف يشاء! ونفقد لذة ومتعة ممارستنا لها في أعمالنا وأقوالنا لتحقيق غاياتنا.

وقد قيل:

(لا يتحقق أي شيء عظيم بدون الحماس).


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد