فاز باراك أوباما أو مبارك بن حسين آل أوباما الكيني الأصل الأسمر البشرة برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وكان مزيجاً من مشارب متعددة، فوالده مسلم، كيني أسمر، وأمه أمريكية بيضاء، وعاش فترة من عمره في إندونيسيا المسلمة، وهو كما يقول مسيحي ثابت على مسيحيته، كل ذلك لم يمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض على ظهر حمار الحزب الديمقراطي والحمار هو رمز الحزب، وهو دلالة على الصبر وقوة التحمل، ساعده في ذلك قدرته التنظيمية، وكفاءته العلمية، وشخصيته الجذابة فصنع التاريخ في السوابق والإحصاءات، في فترة عجيبة لم ندر نجد نخلد أحدا وربما لم تدر نخلده وخلد زوجته، وهذا ما عبّر عنه أخ لزوجته في مقابلة تلفزيونية. |
قد يكون أقصى ما يحلم به مثله أن يعيش عيشة كريمة بدخل جيد يسكن به في منزل مناسب ويركب مركبة متوسطة يقضي بها مشترياته، ويتنقل بها في إجازته. |
شاء الله سبحانه وتعالى أن يلتقي سيدة سمراء محامية مثله، وأن ينشطا في مجال الحقوق المدنية وأن يدخلا المعترك السياسي عبر الحزب الديمقراطي ويلفت الشاب الأسمر المتخرج من هارفورد أنظار الحزب بقدراته الكلامية، وشخصيته الجذابة، فكانت فاتحة خير عبر خلاله إلى أعلى منصب في الولايات المتحدة الأمريكية إن لم تقل في العالم أجمع. |
كان الحظ حليفه، فقد ساعدته الظروف في كسر حواجز المستحيلات، فقد كانت الإدارة الحالية عليها الكثير من الملاحظات في سياستها الخارجية والداخلية، وتراكمت الأخطاء حتى أصبح التبرؤ من أفعالها محور صراع المتنافسين، وكأنما كان السامري، إذ يقول كل منهما (لا مساس)، ويذكرنا ذلك بقول ابن زيدون عندما أدخل السجن وتفرق عنه الأصحاب، ولم يزره الأحباب: |
ورأوني سامريا |
يتّقى منه المساس |
وزاد في التوفيق لأوباما وحزبه، تفاقم الأزمة المالية العالمية، بعد أن بدأت بالولايات المتحدة الأمريكية والرهون العقارية، فكانت محور الحملة وسيفها البتار الذي قطع كل جبار، ولم ينفع الحزب الجمهوري تخويفه الناس من مغبة التفريط بالأمن الوطني من خلال التصويت لباراك وحزبه. |
استمر الحال وفاز ذلك الأسمر ذو الجذور الإسلامية والمسيحية، ليكون نتاج ذلك الخليط رئيساً في الولايات المتحدة الأمريكية. |
وقصته هذه تذكرني بقصة الحاجب محمد أبي عامر الذي عاش في الأندلس، وقد سطرت تلك القصة في كتابي مآسي الأندلس، وهي كما يلي: |
(لم يدر بخلد ابن أبي عامر في يوم من الأيام أن يصل إلى ما وصل إليه من جاه وسلطان، لكنه توفيق العلي القدير). |
وقد أورد صاحب كتاب (المعجب) قصة ظريفة عن محمد بن أبي عامر مع أحد أصدقائه حدثت عندما كان كاتباً صغيراً عند باب القصر في قرطبة فقال: كان محمد بن أبي عامر نازلاً عندي في حجرة فوق بيتي، فدخلت عليه في بعض الليالي في آخر الليل فوجدته قاعداً على الحال الذي تركته عليها أول الليل حين فصلت عنه، فقلت له: ما أراك نمت الليلة. قال: لا، قلت: فما أسهرك؟ قال فكرة عجيبة. فقلت: في ماذا كنت تفكر، قال: فكرت إذا أفضى إليّ الأمر ومات محمد بن بشير القاضي، بمن أبدله ومن الذي يقوم مقامه؟ فجلت الأندلس كلها بخاطري فلم أجد إلا رجلاً واحداً. |
قلت: لعله محمد بن السليم قال: هو والله هو، لشد ما اتفق خاطري وخاطرك. |
قال الحميدي: وأخبرني الفقيه أبو محمد علي بن أحمد قال: كان ابن أبي عامر يوماً جالساً مع ثلاثة من أصحابه من طلبة العلم فقال لهم: ليختر كل واحد منكم خطة أولية إياها إذا أفضى إليّ الأمر. فقال أحدهم توليني قضاء كورة ريّة، وهي مالقة، وأعمالها، فإنه يعجبني هذا التين الذي يجيء منها. |
وقال الآخر: توليني حسبة السوق، فإني أحب هذا الإسفنج. وقال الثالث: إذا أقضي إليك الأمر فأمر أن يطاف بي قرطبة كلها على حمار ووجهي إلى الذنب وأنا مطلي بالعسل ليجتمع علي الذباب والنحل. مستبعداً أن يفضي الأمر إليه، بل يراه مستحيلاً، فليس أموياً أو ذا أرومة تجعله يطمح إلى الحكم. وافترقوا على هذا فلما أفضى إليه الأمر كله تمنى بلغ كل واحد منهم أمنيته بما طلب. |
هكذا كان ابن عامر في ذلك الزمان حلم وتحقق حلمه وفي هذا الزمان حلم باراك أوباما فتحقق حلمه، فدعونا نحلم أن يستمر المطر على المملكة العربية. |
|