الرياض - د. حسن الشقطي
أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 6084 نقطة رابحا حوالي 546 نقطة أو ما يعادل 10% من قيمته بفعل المكاسب التي أحرزها قطاعا البنوك والبناء والتشييد.. وقد عادت إلى السوق هذا الأسبوع المضاربات السريعة التي تكتفي بنسب ربح متوسطة وتجني أرباحها بسرعة.. وقد بدا المؤشر هذا الأسبوع أكثر استقرارا حيث سادت روح تميل للتفاؤل بفعل التطمينات الآتية من الداخل والخارج، وخاصة فيما يتعلق بخفض أسعار الفائدة التي يتوقع أن يكون لها تأثير واضح على تحفيز المستثمرين للتوجه ناحية سوق الأسهم من جديد.. إلا أنه رغم الصعود هذا الأسبوع فلم يستطع المؤشر اختراق النقاط التي يمكن أن تبث الثقة التامة في مساره الصاعد، حيث لا يزال مخاوف عودة المسار الهابط تقف حاجزا نفسيا ضد اكتمال الزخم المطلوب.. إلا أن هذا الأسبوع يعتبر هو الأفضل على الأقل نفسيا على مدى الشهر الماضي..
اضطرابات السوق العالمي تزداد سوءا
تعتبر مكاسب السوق السعودي هذا الأسبوع وضعا استثنائيا لأنها حدثت في ظل أوضاع تتفاقم فيها اضطرابات السوق العالمي.. فمن ناحية أسعار النفط مستمرة في التراجع نتيجة افتقاد أي مؤشرات إيجابية للنمو في الطلب عليه.. كما أن أسعار الدولار بدأت تنتعش من جديد يوم الأربعاء بفعل التفاؤل بفوز أوباما في الانتخابات الرئاسية.. وقد تباين أداء البورصات العالمية في نهاية هذا الأسبوع، حيث ربحت البورصات الآسيوية بفعل التأثير الإيجابي لارتفاع الدولار، في حين سجلت غالبية البورصات الأوروبية خسائر بفعل تقارير اقتصادية سلبية أثارت مخاوف من بدء الركود.. ومن أبرز مظاهر الركود المخيفة هذا الأسبوع تراجع مبيعات السيارات في شركتي جنرال موتورز وفورد.
المؤثرات على سوق الأسهم
رغم أن المستجدات العالمية كثيرة ومتباينة ورغم أن الكثير منها حاليا يبدو سلبيا، إلا أن سوق الأسهم لا يتأثر بالفعل سوى عدد محدود من هذه المستجدات والتي تمتلك قوة في التأثير على الاقتصاد السعودي.. ومن أبرز هذه المؤثرات تراجع أسعار النفط، ذلك التراجع الذي يتسبب الآن في اضطراب أفكار أصحاب المحافظ الكبيرة، لأن هذا التراجع مستمر ولم يتوقف حتى الآن. ومخاوف تراجع أسعار النفط في دول الخليج أصبحت عامة ومثيرة لأن هذا التراجع بات من الواضح صعوبة إيقافه حتى لو خفضت دول الخليج من مستويات إنتاجها.. فالمشكلة في افتقاد الطلب وليس في العرض نتيجة ظهور الملامح الركودية في عدد من الاقتصاديات الكبرى المستهلكة للنفط.. كما أن دول الخليج قد لا تفكر في تخفيض مستويات الإنتاج عن حدود معينة لأنها قد تربك جانب إيراداتها وبالتالي يمكن أن تؤثر على خططها التنموية.
مشكلة السوق الآن.. البتروكيماويات
لا توجد مشكلة في سوق الأسهم الآن بضخامة المخاوف التي يسببها قطاع البتروكيماويات، ومما زاد الأمر سوءا الإعلان المثير حول احتمال تخفيض أسعار المواد الخام للمنتجات البلاستيكية، والتي من المتوقع أن يتبعها المنتجات البتروكيماوية الأخرى.. وتعتبر سابك قائدة المؤشر محور هذه المخاوف.. ولعل قيادتها للسوق تعتبر مصدر اضطراب المؤشر خلال الشهر الأخير بالكامل.. فسابك لا تزال خاسرة لنحو 30% خلال الشهر الأخير رغم ربحيتها هذا الأسبوع.. ومما يؤكد الدور السلبي لسابك على المؤشر هذا الأسبوع أن ربحيتها هذا الأسبوع (4.2%) جاءت أقل من ربحية المؤشر والتي بلغت 10%.. بما يثير الشكوك حول ضعف المسار الصاعد.
استعادة الثقة تدريجيا
أداء السوق هذا الأسبوع جاء إيجابيا إلى حد ما، ولكنه اتسم بالجني السريع للأرباح.. كما سادت روح المضاربات الخاطفة على الأسهم الاستثمارية، وخاصة الإنماء ومعادن.. التي أصبح المتداولون يكتفون فيها بنسب ربح ضئيلة حتى يبدأون في التخلص منها.. وذلك ليس قناعة بعدم جدواها ولكن خوفا من عودة المسار الهابط.. إن الجميع الآن يأخذون المسار الصاعد الحالي على أنه وضع مؤقت وأن المسار الهابط هو السائد..كما أن المتداولين الآن يبحثون عن محفزات للتمسك بها ولكنهم يصطدمون بالأزمة العالمية، فتسود بينهم روح غير تفاؤلية مفادها أن الثقة يمكن أن تغيب في أي لحظة. ولعل عدم تحرك سابك مع صعود المؤشر يعزز هذه المخاوف لديهم.
محفز التطمين الرسمي غير المباشر
ما بين مخاوف الركود والخسائر المتوقعة للشركات في الربع الرابع وفي ضوء غياب محفزات حقيقية في السوق، تأتي العديد من التطمينات الرسمية متمثلة في زيادة حصص الصناديق الحكومية وخاصة مؤسسة التقاعد في العديد من الشركات، التي رفعت نسبة ملكيتها في التعاونية للتأمين إلى 20.8%.. ولكن لماذا التعاونية بالذات ولماذا في هذا الوقت بالتحديد؟ شركة التأمين بخسارة سعرها السوقي لحوالي 40% منذ 28 سبتمبر الماضي، تمثل فرصة استثمارية من جانب، ولكن من جانب آخر فإن دخول صندوق حكومي فيها يعطي ضمانات للشركة ضد المخاوف الكبيرة التي تثار حول ضخامة خسائر شركات التأمين في الأزمة العالمية.
قطاع البناء والتشييد
منذ السبت الماضي سجلت كافة شركات البناء والتشييد ارتفاعات ملموسة وصلت إلى حوالي 31% للبحر الأحمر وأنابيب، وما بين 15 و20% للزامل والخزف وصدق والكابلات.. وقد تمكن القطاع أن يخرج بأعلى ربحية في السوق هذا الأسبوع وصلت في المتوسط إلى حوالي 31%.
انتعاش المصارف
من الأمور الغريبة هذا الأسبوع أيضا حالة الانتعاش التي سرت في غالبية أسهم القطاع المصرفي، حيث ربح الوطني 20%، والهولندي 11%، والفرنسي وساب 10% لكل منهما.. ومع ذلك فلم تزد أرباح الراجحي أو سامبا أو الإنماء عن 2%. ورغم أن القطاع ربح إجمالا حوالي 9% إلا إن الكميات المتداولة على هذه الأسهم لم تكن كبيرة.. وربح القطاع حوالي 2.5% يوم الأربعاء في نفس الوقت الذي جاءت فيه أخبار اضطراب القطاعات المصرفية في دولتي الكويت والإمارات. لذلك، يفسر هذا الصعود إما أنه استبقائي من جانب صناع القطاع المصرفي للتطمين بأن المصارف المحلية بخير، أو هو صعود تصريفي.
قياديات الجيل الأول
واستمرار التصحيح
خلال الأسبوعين الأخيرين انقسمت قياديات السوق على نفسها إلى قسمين، الأول قياديات الجيل الأول (سابك وسامبا والراجحي والاتصالات) وقياديات الجيل الثاني (الإنماء ومعادن وكيان وزين).. ورغم خسارة الجيلين لنسب عالية خلال شهر أكتوبر، إلا أن مسار أسهم الجيل الأول تفسيره يبدو وكأنه هبوط تصحيحي.. في حين أن مسار أسهم الجيل الثاني أصبح أقرب إلى المضاربات والجني السريع للأرباح.. وكل ذلك يعود إلى عدم الثقة في استمرار الصعود الأيام المقبلة، وذلك لافتقاد الثقة في استقرار الاقتصاد العالمي ككل.
محلل اقتصادي
Hassan14369@hotmail.com