* تصوير - حمدان حسين - القريات - محمد الريض البدري
أقسم المولى عز وجل في كتابه الكريم بشجرة مباركة في سورة التين هي شجرة الزيتون حيث قال عز وجل (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ)، وثبت علمياً بأن لشجرة الزيتون فوائد عظيمة تعود على الكائن البشري بالصحة والعافية، فثمرتها تمتلك عناصر غذائية مفيدة وكذا الحال في الزيت الذي يخرج منها، وقد حث المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتيدم من هذا الزيت.
القريات من أشهر مدن المملكة وأقدمها في زراعة شجرة الزيتون التي أخذت بالازدياد عاماً بعد عام، ويعود نجاحها لتأثر هذه المنطقة بمناخ البحر الأبيض المتوسط والتربة والماء اللذين يساعدان على نمو هذه الشجرة كما أثبتت التحاليل المخبرية بأن ثمرة زيتون القريات لها مميزات عدة، حيث تعتبر نسبة الحموضة فيه منخفضة جدا ويميل لونه للذهبي.
زراعة الزيتون:
تعتبر منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط أنسب منطقة لزراعة الزيتون حيث يحتاج إلى طقس معتدل صيفاً وشتاءً وتربة خفيفة، وتعطي الشجرة حوالي 60 كيلوجراماً من الزيتون المستخدم في التخليل والتغذية، وشجرة الزيتون تعمر أكثر من 5 آلاف سنة، ولا تحتاج إلى مجهود كبير في الرعاية.
ويعتقد البعض أن هناك أشجاراً تنتج زيتوناً أسود وأشجاراً تنتج زيتوناً أخضر ولكن هذه المعلومة خاطئة، إذ إن كل ألوان الزيتون يمكن أن تكون حصيلة شجرة واحدة.. مع اختلاف الأنواع فقط بين الأشجار، فكل الزيتون يبدأ باللون الأخضر ثم يتحول إلى البني فالبني المحمر ثم الأسود وهو أقصى درجات النضوج، فكلما كان الزيتون أكثر نضوجاً وبالتالي أغمق لوناً كلما احتوى مقداراً أقل من الماء وازداد بالتالي تركيز الزيت به.
القيمة الغذائية لثمار الزيتون:
تحتوي ثمرة الزيتون على 50 - 55% من وزنها ماء ومن 12 - 30% زيتاً وحسب نوعية الزيتون، وفيتامينات A وd وe وأملاح معدنية مختلفة من كبريت، كالسيوم، حديد، صوديوم، ومغنيزيوم، ونسب مختلفة من الكربوهيدرات والبروتين، وكما هو معلوم فإن الزيت يتكون من الأحماض الدهنية (Fatty Acids) والجليسرول (Glycerol). وترجع القيمة الغذائية والطبية العالية لزيت الزيتون لاحتوائه على نسبة عالية من الأحماض الدهنية غير المشبعة الأحادية والتي تصل إلى 83% من زيت الزيتون وهي تفوق نسبتها في الزيتون الأخرى بكثير.
الفوائد الطبية لزيت الزيتون:
لزيت الزيتون فوائد طبية كثيرة منها حمايته لجسم الإنسان من أمراض تصلب الشرايين القلب. ويؤدي تناول الزيت إلى هدوء الأعصاب وانخفاض ضغط الدم المرتفع، كما إلى تحسين حالة مريض السكر المرضية حيث يحافظ على مستوى سكر الدم والجليسريدات الثلاثية عند مرضى السكر، وزيت الزيتون مضاد للإمساك، وملطف للبشرة ودهان ممتاز للشعر، ومانع لقشرة الرأس.
أنواع زيت الزيتون:
هناك عدة أنواع من زيت الزيتون ومن أشهرها زيت الزيتون البكر وهو الزيت المستخلص من الزيتون دون إحداث أي تغيرات في صفات الزيت. والزيت المكرر ويحصل عليه من الزيت البكر بعد تعريضه لعمليات التكرير, بالإضافة إلى زيت الزيتون الصافي وهو يتألف من زيت الزيتون البكر وزيت الزيتون المكرر.
الزيتون في القريات:
تعتبر القريات ومنطقة الجوف عموماً من أكثر مناطق المملكة اهتماماً بزراعة الزيتون حيث تبلغ عدد أشجار الزيتون في منطقة الجوف قرابة 12.000.000 شجرة تقريباً وتعد المنطقة الآن صاحبة المركز الأول لإنتاج زيت الزيتون وكذلك ثمار الزيتون المخلل على مستوى المملكة بل إن صادراتها تعدت المملكة إلى دول الخليج والعالم العربي وأهم الأصناف التي ثبت نجاحها في المنطقة، بيكوال، والصوراني والنبالي (نبالي محسن).
مواعيد قطاف ثمار الزيتون
تختلف مواعيد القطاف حسب اختلاف الحاجة من القطف فإذا كان للتخليل فالمواعيد غير مواعيد الحاجة إلى الزيت.
وتقطف الثمار عند اسوداد الثمار بدرجة 70% وحتى 100% ويلاحظ أن الزيتون الأخضر يعطي زيتاً أخضر مر المذاق يحتوي على نسبة كبيرة من الأحماض الدهنية وتستمر عملية القطاف لثلاثة أشهر بداية من منتصف سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر وحتى منتصف ديسمبر.
وتمر علمية إنتاج زيت الزيت في عدة مراحل تبدأ الأولى بحصاد الزيتون أو القطاف ويتم خلال شهر أكتوبر، وبعدها يتم تنظيفه وغسله مع التأكد من أن الثمار لا تحتوي على أي شوائب أو صخور ممكن أن تلحق الضرر بقشرة الزيتون مما يؤدي إلى حدوث تخمر ومن الضروري كذلك عدم تكديس الثمار فوق بعضها البعض لتجنب ارتفاع حرارتها أو زيادة حموضتها ولضمان الجودة العالية يجب عصر الزيتون في مدة أقصاها 24 ساعة بعد القطاف. وهنا فإنه يتم تحميل الزيتون الذي تم إحضاره من قبل المزارعين على سير مدرج وفي طريقة إلى المغسلة يمر بمروحة تقوم بتنظيف الزيتون من بقايا الأوراق أو الأتربة ثم ينزل الحب إلى المغسلة حيث يخرج نظيفا وينتقل إلى حوض آخر.
أما في المرحلة الثالثة فيتم الهرس وهي عمليه يتم بها هرس ثمار الزيتون دون إزالة البذور حتى يتكون ما يعرف بالمعجون ويتم بعد ذلك فصل الأجزاء الصلبة من المعجون (اللب والشوائب) عن الجزء السائل (العصير) ومن ثم يتم فصل السائل إلى زيت وماء. وتتم عملية الهرس بالطريقة الباردة بداية والتي تنتج زيت زيتون جيد بكميات أقل ومن ثم باستخدام الطريقة الساخنة والتي تولد زيت زيتون أكثر ولكن بجودة أقل.
أما تخليل الزيتون الأخضر فيتم باختيار الثمار من الأصناف ذات النسيج الصلب ونسبة الزيت المنخفضة وتقطف وهي خضراء.
ويتم إزالة المرارة بغمرها في محلول صودا كاوية تركيزه 1.5 - 2.0% وتترك مدة حتى يصل القلوى إلى ثلثى سمك الثمرة دون الوصول إلى البذرة فترفع الثمار من القلوى وتنقع في ماء عدة مرات حتى يتم التخلص من القلوى تماماً. يعقبه التمليح بوضع الثمار في محلول ملحى تركيزه 3% لمدة ثلاثة أيام، ثم يرفع تركيز الملح إلى 4%، وبعد ثلاثة أيام يرفع التركيز إلى 6% ويترك فيه لمدة أسبوع، ثم يرفع التركيز إلى 8% ويترك الزيتون فيه لمدة أسبوعين، ثم يرفع تركيز الملح إلى 10% ويترك الثمار فيه حتى تمام التخليل.
رأي مزارعي القريات:
أثبت مزارعو الزيتون في القريات أن إنتاج زراعة الزيتون من ثمار وزيت جداً مطلوب لكنهم استاءوا من عدم وجود الشركات المسوقة التي تكون دافعاً لهم للاستمرار في الإنتاج وتغذية أسواق المملكة والخليج والوطن العربي.
ويقول المزارع عادل ضيف الله البلوي إن نجاح زراعة الزيتون بالقريات مرتبط كثيراً بعدة مقومات ساهمت كثيراً في انتشار زراعة هذه الشجرة والعناية بها ولعل من أهمها هو تأثرها بمناخ منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وأضاف أن مزارع القريات تنتج سنوياً ما بين 100 إلى 150 تنكة من زيت الزيتون.
المزارع أحمد السمحان يقول: لا شك أن زراعة الزيتون بالقريات ناجحة تماماً وتتميز ثمار هذه الشجرة بكبر حجمها وزيادة كمية الزيت بها لكن المؤسف أن الشركات الغذائية لم تهتم كثيراً بهذا الإنتاج الذي سيتوجب فتح مصنع للمخللات وتعليب الزيتون وزيت الزيتون فالمنطقة غنية ولكن هناك خوف من الفشل بالنسبة لمن يريد فتح مصنع لتعليب الزيتون.
ووجه السمحان باسمه والمزارعين الدعوة لأصحاب المصانع بزيادة المنطقة والتسوق لها وعمل دراسة مستفيضة لهذا الأمر مشيرا أن ما ينقصهم فقط التسويق.
وأكد أيضاً المزارع ناصر محمد الحسيناوي أن مزارع القريات تنتج سنوياً كميات كبيرة من زيت الزيتون وكذا ثمار الزيتون التي تستخدم في عمل مخلل الزيتون ومع ذلك لا يوجد التشجيع الكافي من رجال العمال سواء بالمنطقة أو المملكة بوجه العموم ونحتاج تحرك مستمر منهم حتى نكتفي داخلياً من هذا الإنتاج وخصوصاً أنه بدأت تظهر مؤخراً زيوت مسرطنة يتم استيرادها من خارج المملكة.
الرأي المخبري عن زيتون القريات:
قال المهندس حبيب بن محمد عبد الصمد خبير في جودة المواصفات الغذائية أن ثمار زيتون القريات يتميز بكبر الحبة وسبب ذلك الري الذي يقدمه الزارع لهذه الشجرة أما شجرة الزيتون البعل يتميز بصغر الحبة وينضج قبل المدن الأخرى.
أما زيت زيتون القريات فهو ذو قيمة غذائية غنية بالعديد من المواد المساعدة في تقوية وصلابة العظام، أما المميزات لزيت الزيتون فيميل للون الذهبي وانخفاض نسبة الحموضة وانخفاض من نسبة البركسايد باليو (الزناخة) ما بين 9 و10% وقليل الشوائب ولا يحتاج إلى تصفية، وعموماً فإن زيت زيتون القريات يشابه إلى حد كبير زيت الأردن لغرابة الطقس.