سعدت كثيراً عندما أمسك إمام وخطيب جامع الأميرة سلطانة السديري الجمعة الماضية، عقب صلاة الجمعة بمكبر الصوت، معلنا عن فوز عدد من المتسابقات بمسابقة نظمها القائمون على المسجد خلال شهر رمضان الماضي، لكن سعادتي تلاشت عندما فوجئت بالإمام يقول: إن أسماء الفائزات موجودة في ورقة صغيرة معلقة في جدار المسجد الداخلي، وأن عليهن مراجعة القائمين على المسابقة لاستلام جوائزهن يوم الاثنين!!
ومع دهشتي من عدم ذكر الإمام لأسماء الفائزات في مسابقة خاصة بعلوم الشرع والفقه والعقيدة، ذهبت أبحث عن الورقة التي تحوي أسماءهن، لعل فيهن إحدى بنات أسرتي أو عائلتي لأبشرها بنبأ فوزها.. وكانت المفاجأة أكبر، حيث إن عدد الفائزات لا يزيد عن عشرة، وبالتالي استغربت لماذا لم يذكر الإمام أسماءهن، وكنت قد ظننت أن العدد كبير، ومن غير المناسب ذكرهن جميعا، لكن الأغرب أنني بمجرد مطالعتي للأسماء في الورقة الصغيرة المعلقة على جدار المسجد، وجدت أن العدد الأكبر من الفائزات لا يذكر أسماءهن صراحة، ويستعاض من ذلك بذكر أنها بنت فلان أو أم فلان!!
ولا أعرف كيف تعرف الفائزة أنها فازت، والإمام لم يذكر اسمها صراحة، والورقة تقول: إنها أم فلان أو بنت فلان.. فماذا إذا كان هذا الفلان لديه ثلاث بنات اشتركن في المسابقة، وماذا إذا كانت هناك أم فلان أخرى قد اشتركت في المسابقة أيضا؟ وتخيلت ما قد يسببه عدم ذكر اسم الفائزة صراحة من حرج بسبب تشابه اسم هذا الفلان أو ذاك، لكن ما أحزنني حقا هو أنني شعرت أن كثيرا منا يتحرج من ذكر اسم المرأة أو الفتاة، حتى لو كان في موضع الفوز بمسابقة طيبة في أمور الدين والفقه، بما في ذلك إمام المسجد، والذي كان قبل قليل يتحدث بأحاديث نبوية روتها أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر، أو صحابية جليلة مثل أم سلمة، وغيرهن.. فلم يجد الإمام حرجا من ذكر اسم (عائشة) - رضي الله عنها -، لكنه تحرج من ذكر اسم امرأة فازت في حفظ الأحاديث التي روتها عائشة!!
ودعونا نتساءل كيف نطلب من نسائنا وبناتنا الاجتهاد في طلب العلم النافع، ونحن نرفض أن نذكر أسماء المتفوقات منهن في ذلك، في الوقت الذي نجد أسماء وصور النساء اللاتي احترفن التمثيل والغناء تتصدر كثيراً من صحفنا ووسائل إعلامنا دون أدنى حرج.
إن مثل هذه المفارقة العجيبة تكشف عن تمسك كثير من أبناء مجتمعنا بتلاليب جاهلية بغيضة تُجهل اسم الفائزة في مسابقة قرآنية، وتتحرج من ذكره.. فأصبح اسم هذه الفائزة مجهولا يتم تعريفه بنسبه إلى أب أو ابن، لكن لهؤلاء الفائزات المجهولات نقول عذرا وعفوا إن كان الجهل والجاهلية قد أعمت بصائرنا عن ذكر أسمائكن، في الوقت الذي نأخذ ديننا عن عائشة، وحفصة، وزينت، وفاطمة - رضي الله عنهن-.
alomari1420@yahoo.com