كتب - مندوب (الجزيرة)
تتجلى أعظم مظاهر الحج في الوحدة والترابط والتآخي والمساواة بين المسلمين عند أداء هذا النسك، إلا أننا نلاحظ أن الأمة الإسلامية تكاد تكون الوحيدة بين الأمم التي تعاني من التفكك، والتفرق، بل والشقاق فيما بين دولها.. كيف نحقق وننمي هذه الوحدة والترابط الذي نجده خلال أيام معدودة في منطقة محدودة، في نفوس وعقول أبناء الأمة الإسلامية لتعود كما كانت سيدة الأمم؟ كانت تلك هي المحاور التي طرحناها على عدد من الأساتذة المتخصصين والدعاة، وكانت حصيلة إجاباتهم على النحو التالي:
أمة واحدة
بداية يؤكد د. محمد بن سيدي محمد الأمين - أستاذ القرآن الكريم وعلومه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: إن الإسلام يحض أتباعه على الاجتماع وعدم الفرقة، فالمسلمون أسرة واحدة مهما تباعدت أقطارهم، واختلفت ألسنتهم وألوانهم، تجمعهم كلمة التوحيد، وتنظم حياتهم تشريعات هذا الدين وقواعده.. {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
لقد علم الإسلام أتباعه ورباهم على أن يكونوا يدا واحدة وقلبا واحدا في مادياتهم ومعنوياتهم وحركاتهم وسكناتهم، قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)، وقال: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
لقد طبق الرعيل الأول تعاليم الإسلام في العبادات والمعاملات في السراء والضراء فمكن الله لهم في الأرض وأعلى قدرهم ورفع ذكرهم وكبت عدوهم {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ}.
إن شعيرة الحج في كل عام تلفت نظرنا إلى أن المسلمين حين يلبون داعي الله، ويذكرونه في أيام معدودات، ويتذللون له متجردين من المخيط لابسين ثياب التقوى، مبتغين ما عند الله من الثواب، راجين رحمته مبتعدين عن كل ما يخالف شريعته ومنهجه لينالوا ثواب هذه الشعيرة التي ليس لها جزاء إلا الجنة (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).
فإن الله يفيض عليهم من رحمته ومغفرته ويلبسهم من ثوب كرامته ما تتآلف به قلوبهم وتتوحد به صفوفهم وتظهر به عزتهم ويغيظ به عدوهم، فإذا أراد المسلمون أن تتحقق لهم الوحدة والغلبة وأن يكونوا أمة واحدة كما قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}.. فعليهم أن يعودوا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا صلاح ولا فلاح لآخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.. يقول عمر رضي الله عنه: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمتى طلبنا العزة في غيره أذلنا الله.. قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا}.
لا رئيس ولا مرؤوس
ويقول د. سعود بن عبدالعزيز الغنيم - الأستاذ بكلية أصول الدين بالرياض: لهذا الدين الذي أذن الله أن يكون خاتمة الرسالات السماوية ميزة، يتميز بها، ألا وهي عالميته، التي لا يحدها حدود، ولا يفصلها فاصل {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
فليس لجنس فضل على جنس، ولا للون فضل على لون، كلهم في ذات الله سواء، يتفاضلون بالتقوى، ويتمايزون بمقدار العمل لدينهم وأمتهم.
في الحج تتضح تلك الصفات وتتجلى للعيان في واقع عملي، صارخ، واضح المعالم، جلي الصورة، الرئيس والمرؤوس يؤدون نسكا واحدا، وينزلون منزلا واحدا، ويفيضون إفاضة واحدة، ويلهجون بدعاء واحد، وبذكر واحد، لباسهم واحد، وهدفهم واحد، ومطلبهم واحد. فكأنهم قلب واحد ويد واحدة، ولسان واحد، فسبحان من كون ذلك المشهد.
الناس في الحج هم الناس، والخليقة هي الخليقة، ما نراهم يعيشون ويتحركون ويحيون في بلاد بعيدة متفرقة، مختلفة المشارب والأهداف، متباينة الآراء والتوجهات، لا يعرف بعضهم عن بعض من الأخبار إلا القليل، بل أدهى من ذلك وأمر ما يقع بين أولئك الخلق من نزاعات وحروب وفرقة وشقاق، هذا والله لهو التفرق والتشرذم، إن هذا كله ليزول وينتهي بين جنبات الحرم، وصحنه الذي يفوح بالنفحات الربانية وساحاته العطرة، التي تكسب المتقلب فيها روحا جديدة ونفسا أخرى، يزول التفرق والتشرذم وينتهي حال تنقل الحاج بين المشاعر التي تمتلئ بالجلال والعظمة، ينزوي ويتصاغر الشيطان فيها، فيكون أحقر ما يكون في تلك العرصات.
يتشكل من ذلك النسيج الآتي من بقاع شتى بألوانه المختلفة وأطيافه المتباينة جسد واحد مترابط متماسك، مرهوب الجانب، ذليل فيما بينه عزيز على غيره، يفخر بعزة الإسلام، ويتباهى بعدله ورحمته، ويدعو الإنسانية كلها إلى ما يؤمن به من هدى وخير ورحمة {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، هذا الجسد الواحد يتمثل المعاني السامية التي أطلقها خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في مشهد من الصحابة الكرام مهيب، في يوم عظيم القدر عند رب العالمين في بقعة هي من أشرف البقاع.
هذه الوحدة التي تتمثل في أسمى معانيها في وقت الحج من أين جاءت؟ أمن البلاد التي قدم منها كل حاج؟ أم من البقاع الطاهرة التي تؤدى عليها المناسك؟.
إن التغير الذي حدث بين المسلمين الوافدين لأداء الفريضة، حتى جعلهم أمة واحدة ويدا واحدة، إنما هو بسبب الرجوع إلى تعاليم الدين عند أداء أي نسك أو مزاولة أي سلوك، سواء أكان سلوكا واجبا متصلا بصحة الحج، أو مباحا - هذا في أغلب أحوال الحجيج - فصار الناس في الحج ينظرون في أعمالهم وتصرفاتهم، أهي موافقة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الحج أم مخالفة. ولا شك أن من جاء لأداء الفريضة يرغب - دائما - أن تكون عبادته مشتملة على الإخلاص والموافقة سواء وفق إلى ذلك أم لم يوفق.
فلما كان هذا هو هم كل حاج لمسنا هذه الوحدة الإسلامية الفريدة، فهي من أبرز ما يتجلى للرائي من معاني الحج الكثيرة، لوضوح عناصرها المتمثلة في وحدة المكان ووحدة الزمان ووحدة اللباس ووحدة الهدف، أضف إلى ذلك ما يشمل المسلين فيما بينهم من تراحم، وتعاطف، وتآخ، وتفقد للأحوال، وترفع عن الإحن، وبعد عن الشقاق، احتراما للزمان والمكان، وطمعا في الأجر والخير.
وبأقصر عبارة، وأيسر أسلوب، ما لمس في وقت الحج من وحدة وتماسك بين المسلمين إنما هو غيض من فيض شرع الله المطهر، فما كان الله ليأمر بشرع إلا وفيه خير للخلق أجمعين، فإن أرادت الأمة استمرار هذا الخير المتمثل في الوحدة الإسلامية المباركة، فلا تغادر شرع الله، وإن أرادت غير ذلك، فالحال بادية للعيان؛ فهي ليست في حاجة إلى شرح واقعها الذي تحياه فهي أدرى به.
ترابط الشعوب
ويبين الشيخ خالد بن جريد العنزي - مساعد مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة الحدود الشمالية: أمر الله تعالى بالاجتماع والائتلاف ونهى عن التفرق والاختلاف، وشرع شرائع هي عبادات عظيمة وقرب يتقرب بها العبد إلى ربه تعالى، وهي في نفس الوقت من مظاهر الوحدة والترابط، منها كلمة الحق والتوحيد التي تجمع المسلمين ومنها الصلوات الخمسة التي يتجه فيها المسلمون إلى قبلة واحدة، ويؤدون عبادة واحدة، ومنها الزكاة والصيام والحج، وغيرها من العبادات، فلا تجد عبادة من العبادة إلا ومن مقاصدها الترابط والوحدة ونبذ الخلاف، ومن أبرز هذه المظاهر حج بيت الله الحرام، إذ يتجه المسلمون إلى بيت الله العتيق زرافات ووحدانا، أخبتوا لربهم، وأجابوا مناديه، وأتوا من كل فج عميق، إلى أعمال مخصوصة، في وقت مخصوص، أمروا بالتراحم والتعارف والإحسان، لا شك أن الحج ومظاهره دعوة صريحة للترابط والألفة ونبذ الفرقة والخلاف.
إلا أن المتأمل في حال الأمة يرى عجبا، فرغم الأسباب الكثيرة الداعية للترابط والتآخي، إلا أننا نلاحظ أن الأمة الإسلامية قد دب إليها ما دب إلى الأمم وزيادة، من التفرق والتفكك والشقاق، وهذا ما نهانا عنه الله في كتابه الكريم، حيث قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وما حذر منه النبي عليه الصلاة والسلام (افترقت اليهود على إحدى. أو اثنتين. وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة). قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: (ما أنا عليه وأصحابي).
ولنا أن نتساءل جميعا ما هو السبيل لجمع الأمة وتحقيق الوحدة والترابط بين أفرادها وشعوبها من خلال مواسمها الخيرة كموسم الحج.
أولاً: يجب أن يكون هم وحدة الأمة هم الجميع من ولاة وعلماء ودعاة ورجال ونساء وصغار وكبار، لأن الوحدة والاتفاق فيه العزة والنصر والقوة والمنعة.
ثانياً: لابد من معرفة الطريق الموصل لهذه الوحدة، فالذي يوصل للوحدة والاجتماع ليست شعارات براقة، ولا مقدمات منطقية، واستدلالات عقلية كل يقول الصواب قولي والحق ما أملاه عقلي، الطريق إلى الاجتماع ونبذ التفرق والاختلاف، هو الطريق الذي بينه النبي عليه الصلاة والسلام، هو طريق الكتاب والسنة (تركت فيكم ما إن تمسكت به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي) فالعاصم من التفرق والاختلاف التحاكم إلى الكتاب والسنة.
ثالثا: التفرق حاصل وموجود لا محالة لكن الناصح لنفسه الذي يحرص على عتقها ونجاتها، هو الذي يتجرد من الهوى، ويكون مطلبه الحق، يكون حريصا على الجماعة حريصا على أن يكون من الفرقة الناجية التي وصف النبي عليه الصلاة والسلام بقوله (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة) وهم الجماعة أي النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
رابعا: على دعاة الحق أن يدعو الناس إلى الحق بثوبه الجميل من اللين والرحمة كما هو نهج النبي عليه الصلاة والسلام {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
على دعاة الأمة القيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى بعلم وحسن عرض وقدوة صالحة {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} الهدى العلم النافع ودين الحق العمل الصالح.
العلاج والدواء
ويؤكد الشيخ عبدالله بن نويفع العنزي - الداعية بمركز الدعوة والإرشاد بالقريات: أن أعظم مظاهر الحج تتجلى في الوحدة، والترابط، والتآخي، والمساواة بين المسلمين، وذلك عند أداء النسك، لكن للأسف الشديد والمر، أننا نلاحظ أن الأمة الإسلامية تكاد تكون الوحيدة بين الأمم التي تعاني التفكك والتفرق والشقاق فيما بين دولها، وترتفع فيها نسبة الأمية، والبطالة، والجهل، والخزعبلات، ومرد ذلك هو البعد عن الفهم الصحيح للإسلام، وروحه وتعاليمه السمحة.
إننا نرى كثيرا من المخالفات العقدية، والمخالفات الأخلاقية، وظهور المنكرات علنا، ومحاربة تعاليم الإسلام في بعض البلدان العربية والإسلامية، لذا سلط الله عليهم آفة الفتن، والتفرق بين دولها العربية والإسلامية، لأن روح الإسلام، ومفاهيمه، وأهدافه، ومراميه مهدورة محاربة مبتذلة، كيف لا يكون الانهزام وبعض الدول تحرم ما أباح الله، وتحل ما حرم الله علنا، وعلى رؤوس الأشهاد، لذا سلط الله عز وجل قسوة القلوب، وندرة الحكمة، وظلام العقول، لذا قال تعالى في سورة الحج: {وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ}، وقال سبحانه وتعالى في سورة الحج: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}.
نعم، الله لا يحب الخوان الكفور، وكثير منهم هو كذلك، لذا إن تنصروا الله ينصركم، الله عز وجل جعل عز هذه الأمة بالدين الخالص، ولن ترى عزا ووحدة وقوة وعدالة ونصرا ورقيا وتقدما ونجاحا إلا به، هذه سنة الله في هذه الأمة، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا.. العلاج والدواء الحاسم والناجع هو العودة إلى الله عز وجل، وتطبيق شرع الله نصا وروحا على وفق ما فهمه رسول الله، وقاله وفهمه صحابته، ومن سار على دربهم.
الاجتماع الكبير
ويقول الشيخ عبدالعزيز بن محمد الوهيبي - عضو الدعوة والإرشاد بالرياض: الحج الركن العظيم الذي تتجلى فيه أعمال القلوب والألسن والجوارح فيجمع أنواع الصبر الثلاثة كما قرر أهل العلم - رحمهم الله - وتكون النفوس فيه قد تهيأت للترابط والتآخي والاجتماع فلباسهم واحد وعبادتهم في أوقات متقاربة في زمن محدد فدفعهم وانصرافهم وطوافهم وسعيهم ووقوفهم متقارب، إضافة إلى قربهم من الله تعالى واندحار الشيطان الذي بسببه هذه النزاعات والخلافات كما قال تعالى عن يوسف: {مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} وأيضا ما يكون من أعمال صالحة من إطعام طعام ولقاء وتعارف، هذه الأسباب وغيرها جاءت في قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}.
تجعل من أهل الإسلام أن يكونوا يدا واحدة بعد هذا التفرق والتفكك المرير والشقاق البغيض الذي تضعف به الأمة: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوتكم، هذا مشاهد - أعني كونهم يدا واحدة - بين الأفراد فلا تزال أواصر التواصل والاجتماع والتعاون بين أفراد على مدى سنين طويلة تتجاوز العشرات بهذا اللقاء المبارك المحدود، فكم مشاريع خيرية قامت ومراكز إسلامية أسست، ومساجد بنيت، ومدارس فتحت.
ويبقى الأمر في الجوانب المهمة وهي القيادية لتلك الدول من ولاة أمرها ومسؤوليها وقد أحسنت هذه البلاد وقادتها - وفقهم الله - في ذلك الاجتماع الكبير بمنى للشخصيات الكبرى من قادة ووزراء ودعاة لتقرير هذا الجانب العظيم الذي به خير العباد والبلاد على منهج سوي من كتاب الله وسنة رسوله على منهج سلف الأمة ولا تصلح هذه الأمة آخرا إلا بما صلحت به أولا فإذا استغل مثل هذا الاجتماع لمعالجة أخطاء الأمة والتعاون على إزالتها والتشاور الهادف والصدق مع العزيمة المباركة وأن هذا مما يحبه الله ويرضاه ويبغض خلافه مع التأكيد على تطبيق منهج الله وشريعته على العباد كان بذلك الخير والفلاح للأمة في دينها ودنياها واستعادت بذلك مجدها الخالد.