في عالم كعالمنا اليوم حيث اقتصرت المسافات الساعات، فكثرت اللقاءات وتعددت وسائل التخاطب وتأصلت الأمور المشتركة بيننا وبين شتّى الأعراق والأجناس، فسهل الحديث في أي أمر يعنى به غيرنا أم يخصنا مع أي كان، وبمقدار هذا التقارب المنفتح ظهرت خلافات الرأي والعادات والمعتقدات والتوجهات، وهذه سنة الله في الخلق، قابلها عقلاء هذا الزمان بالحوار المنضبط بالاحترام الجم بلا قدح مندفع، فعم جزءاً من هذا الكون الأمان والتفاهم والوئام، وفي المقابل الآخر انبرى آخرون يدعون علماً بكل شيء يقدحون بشخص فلان وجنسية فلان ويحقرون بألفاظهم وكتاباتهم أقواماً وأعراقاً على وجه أعم وأخص، وما علموا أنهم يقذفون عباد الله! نراهم يمشون استكباراً ويتحدثون بعلياء آثم، يظنون جهلاً أنهم الأخيار من بين عباد الله، ورب العزة والجلال يقول: (ولقد كرمنا بني آدم)، سبحانه ما أرحمه بعباده تعالى الله عما يصفون، فلم يحصرها بعرق أو جنس أو ديانة، بل برباط إنساني آدمي، فكل ما علينا التبليغ وله الهداية لا التحقير والإسفاف بجهل الآخرين، فمن أنعم الله علينا نعمة الدين والأمن والرخاء، ولهو قادر على سلبها منا بكن فيكون.